الأمير رضا بهلوى نجل شاه إيران: إصلاح النظام السياسى الإيرانى لم يعد ممكنًا وعلينا الاستعداد للثورة (حوار)

فى الوقت الذى نجحت فيه الثورة الإسلامية الإيرانية بقيادة الخُمينى فى فبراير ١٩٧٩، فى الإطاحة بالحكم الملكى وتأسيس نظام «ولاية الفقيه» كان الأمير رضا بهلوى، أو الـ«شاهزاده رضا»، أى «الأمير» باللغة الفارسية، كما يطلق عليه فى الأوساط الإيرانية، ولى العهد الرسمى للبلاد، يعيش فى الولايات المتحدة، لاستكمال دراسته الجامعية وقتها كطيار مقاتل فى قاعدة ريس الجوية فى تكساس، ومنذ ذلك الحين تم منعه وأسرته من العودة لإيران، بعد أن ضربت الثورة الإسلامية طهران وأطاحت بحكم والده شاه إيران الأخير محمد رضا بهلوى. وخلال الاحتجاجات الأخيرة، التى شهدتها إيران فى 2017، بزغ نجم الأمير الابن، وأصبح أحد أبرز رموز المعارضة الإيرانية فى الخارج، كما تردد اسمه كثيرا كأحد أبرز الشخصيات المحتملة البديلة للنظام الإيرانى فى حال انهياره.

«المصـرى اليـوم» التقت الأمير رضا بهلوى، آخر ولى عهد للعرش الإيرانى، فى العاصمة الأمريكية واشنطن، بالتزامن مع ذكرى مرور 42 عاما على الثورة الإيرانية، وقال، لـ«المصرى اليوم»، إن انهيار نظام الخمينى فى طهران بات مسألة وقت فحسب، لافتا إلى أن إيران تعيش أياما مشابهة لتلك التى شهدها الاتحاد السوفيتى قبيل انهياره عام١٩٩١، داعيا المجتمع الدولى وقادة دول الشرق الأوسط إلى الاستعداد للثورة المقبلة فى إيران. وأشار المعارض الإيرانى البارز، والذى يعيش فى منفاه فى الولايات المتحدث إلى أنه إذا كان الاتفاق النووى مع إيران صفقة مشكوكا فى صلاحيتها فى ٢٠١٥، فإنه بالقطع صفقة سيئة فى ٢٠٢١، محذرا من خطورة التسامح والتساهل مع النظام الإيرانى الذى لم يعد مشكلة إقليمية للشرق الأوسط فقط، بل بات أحد أكبر الأخطار التى تهدد الأمن والسلم الدوليين.. وإلى نص الحوار:

فى البداية فى تقديرك، هل نجحت حملة الضغط الأمريكية القصوى التى انتهجتها إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب ضد النظام الإيرانى فى السنوات الأربع الماضية؟

– فى الحقيقة حملة الضغط الأقصى ضد الجمهورية الإسلامية نجحت إلى حد بعيد فى إضعافها، لكن خطة الإدارة الأمريكية السابقة كانت غير مكتملة، لأنها كانت تهدف إلى تغيير سلوك النظام فحسب، ودعنى أؤكد لك هذا لن يحدث أبدا، لأن النظام لا يسترشد بالمصالح الوطنية الإيرانية، بل يسترشد بمصلحته الذاتية وتلك المصالح تتطلب الولاء المطلق لأيديولوجية، بمعنى أنه كل مرة ينجح النظام فى الالتفاف حول العقوبات بحيث لا يتأثر بها، ولهذا السبب يجب ألا تكرر السياسة الدولية أخطاء الماضى بالتركيز على الضغط على النظام لتغييره. دعنى أوضح لك أن تصميم عقوبات تهدف لإجبار النظام على تغيير سياساته لن يحدث، يجب أن يحتضن المجتمع الدولى الشعب الإيرانى لمساعدتهم فى جهودهم لإقامة ديمقراطية علمانية، وهذه سياسة يمكن أن تؤثر على التغيير الفعلى وهذا هو التغيير الحقيقى، إن إيران الحرة ستكون مفيدة ليس فقط لشعبنا ولكن للمنطقة والعالم.

كيف تنظر إلى اتفاقيات «أبراهام» للسلام الأخيرة بين الدول العربية وإسرائيل؟

– إن اتفاقيات أبراهام للسلام والتى تم إبرامها مؤخرا بين عدد من الدول العربية وإسرائيل علامة واعدة لمنطقتنا، إنه دليل آخر على أن دول الشرق الأوسط تميل إلى السلام، وأن النظام الإيرانى هو الخطر الأكبر الذى يهدد هذا السلام، لقد التقيت الرئيس المصرى الراحل أنور السادات الذى كان صديقا شخصيا لوالدى عدة مرات فى مناسبات عديدة قبل وفاته، وأتذكر حكمة الرئيس المصرى الراحل ورؤيته الثاقبة عندما كان يقول لنا إن السلام والتعايش يجعل جميع شعوبنا أفضل حالًا، وإن شعوب المنطقة ستنضم للسلام مع إسرائيل آجلا أو عاجلا، لقد تحققت رؤيته، وقد استوعبت دول الشرق الأوسط درس السادات، ويوما ما ستنضم إيران هى الأخرى للسلام مع إسرائيل ودول العالم بعد التخلص من نظام الملالى فى طهران.

دعنى أؤكد لك أن شعب بلادى فى إيران مثل شعب العراق وسوريا ولبنان واليمن وغيرها محتل بالفعل، من قبل ما يسمى «محور المقاومة» وهذا المحور يبقى أطفالنا رهينة الفقر والبؤس، وكلى أمل أن إيران الحرة ستنضم إلى اتفاقية أبراهام يوما ما من أجل مستقبل أفضل للمنطقة والعالم بأسره، وستعود بلادنا مرة أخرى قوة من أجل السلام والاستقرار وليس الفوضى وسفك الدماء.

الأمير بهلوى لقد رأينا سياسة «الخطوة- خطوة» التى أعلنتها إدارة الرئيس جو بايدن.. كيف تتوقع سياسة الولايات المتحدة مع إيران فى عهد الإدارة الجديدة؟

– فى الحقيقة، يجب أن ننتظر ونرى، لقد تحدث الرئيس بايدن ببلاغة عن حقوق الإنسان والديمقراطية، لكننا سنحكم من خلال أفعاله على ما إذا كان يتضامن مع قضية شعبنا، إذا أراد أن ينتهج سياسة ناجحة مع إيران، فيجب أن تعمل الإدارة الأمريكية على دعم حركة الشعب الإيرانى من أجل الديمقراطية وعدم الاستمرار فى السياسة الفاشلة لتغيير السلوك، لأن هذا لن يحدث كما شرحت سابقا، فاستمرار الوضع الحالى يعنى تدفق المزيد من الأموال إلى الحرس الثورى الإيرانى، الأمر الذى سيعمل على تمويل عملياته الخارجية التى تنشر الفوضى والرعب لشعوب الشرق الأوسط.

العديد من التصريحات الرسمية خرجت هنا فى واشنطن تتحدث عن إمكانية العودة للاتفاق النووى إن التزمت إيران فما تعقيبكم؟ وهل تتوقع العودة إلى الاتفاق النووى بين واشنطن وطهران؟

– بصراحة، إن الانصياع لمطالب الجمهورية الإسلامية خطأ فادح، قرار الإدارة الجديدة بمد يدها للسلام حتى قبل أن تصل إلى السلطة دفع النظام إلى زيادة حجم تهديده بتخصيب أكثر فأكثر للمواد الأولية للقنبلة النووية، وفى الواقع، بدأ تخصيب اليورانيوم سريع الخطى بقرار من البرلمان الإيرانى، بمجرد التأكد من أن الرئيس الأمريكى الجديد سيعمل على العودة إلى الصفقة البالية، وقرار الانسحاب السابق من الاتفاق النووى كان قرارا صائبا، فنظام الملالى فى إيران لا يفهم إلا هذه اللغة، والخلاصة أنه إذا كانت الصفقة النووية مشكوكا فيها فى عام 2015، فمن المؤكد أنها صفقة سيئة فى 2021.

يبدو أن النظام الإيرانى ماضٍ فى تطوير قدرات نووية مما قد يشكل خطراً على المنطقة والمجتمع الدولى.. كيف ترون امتلاك النظام الإيرانى السلاح النووى؟

– إن فلسفة النظام الإيرانى لم تتغير منذ سيطرته على البلاد فى ١٩٧٩، فالنظام يمارس هوايته القديمة فى ابتزاز العالم، وحاليا يمارس سياسة الابتزاز النووى، ويعتقد النظام أن حيلة أنه يمكن أن يطلب فدية من العالم من خلال تخصيب اليورانيوم إلى مستويات تصل إلى مستوى الأسلحة النووية قد تنجح، وأن العالم سوف يستسلم لمطالبه، وها هو يواصل القيام بذلك لأن الدول الغربية قد استسلمت باستمرار لأشكال مختلفة من الابتزاز الذى يمارسه النظام منذ 1979، ولذلك يجب عدم تقديم أى تنازلات أثناء التفاوض مع هذا النظام، ناهيك أن الملالى لديهم سجل حافل بالكذب على المجتمع الدولى، لدرجة أنه ليس لدينا أى فكرة عن الحالة الدقيقة للبرنامج النووى الإيرانى. وفى الواقع، يتسبب التهديد بإنتاج سلاح نووى فى حد ذاته فى أضرار لا توصف فى المنطقة، وبينما كان النظام يتفاوض على الاتفاق النووى مع القوى الغربية، كان قادرًا على المساعدة فى وقتل وذبح ١٠٠ ألف مدنى سورى من خلال تمويل وتسليح نظام بشار الأسد القمعى فى سوريا، وليس خافيا على أحد تزويد الجمهورية الإسلامية لنظام الأسد منذ فترة طويلة بتكنولوجيا إنتاج الأسلحة الكيماوية، ولهذا فإن مسؤولية النظام الإيرانى فى جرائم الحرب فى سوريا هى مسؤولية المشاركة فى كل الجرائم الوحشية التى ارتكبها الأسد بحق شعبه وتستوجب المساءلة يوما ما، وتكرر إرهاب الملالى فى لبنان والعراق واليمن بأشكال مختلفة وحتى اليوم، يقف العالم عاجزا عن مواجهة هذه التهديدات الإرهابية.

البعض يتحدث عن إمكانية إصلاح النظام السياسى الإيرانى عبر تغيرات داخلية، عبر مجموعة من الإصلاحات الداخلية. فما تعقيبكم؟

– دعنى أكون صريحا معك، المعارضة الحقيقية هم ديمقراطيون علمانيون يعارضون ديكتاتورية رجال الدين، وليس أولئك من داخل النظام السياسى الحالى الذين مازالوا يتطلعون إلى توسيع الجمهورية الإسلامية بأشكال مختلفة، لا يوجد إصلاحيون داخل النظام.. هذه أكذوبة يروجها النظام الإيرانى، لقد ولّت الأيام التى كان يأمل فيها البعض بـ «الإصلاح» من داخل النظام، منذ الحركة الخضراء عام 2009، وخاصة فى السنوات القليلة الماضية، لقد تغير موقف الشارع الإيرانى الآن إلى ضرورة الإطاحة الكاملة بالنظام الإيرانى، وعدم الاكتفاء بإصلاحات شكلية. وهذا التحول التاريخى للحركة الإصلاحية فى إيران كان متوقعا منذ فترة، ولا أظن أنه يمكن الرجوع فيه بعد كل هذه الجرائم التى ارتكبها النظام الإيرانى، هذه حقيقة تاريخية لا يمكن للدول الشمولية أن تستمر بشكلها القمعى المركزى فى الحُكم للأبد بعد أن استنفدت كل خيارات الإصلاح من الداخل، ولهذا، توفرت القناعة العامة لدى الشعب أنه لن يتحقق أى إصلاح إلا عبر الثورة.

الخطوة المنطقية التالية يمكن التنبؤ بها أيضًا، التغييرات المجتمعية والتصدعات داخل النظام التى نشهدها الآن فى طهران تذكرنا بالسنوات الأخيرة من عهد الاتحاد السوفيتى، استعدوا لتغيير كبير، انتفاضة شعبية فى إيران.

استهداف الرياض مؤخرا بصواريخ حوثية، وصواريخ الميليشيات العراقية على أربيل مؤخرا، والعديد من الشواهد الأخرى تشير إلى أن إيران ماضية فى التصعيد، لا سيما بعد اغتيال فخرى زادة وقاسم سليمانى.. هل تتوقع أن يؤدى التصعيد إلى حرب جديدة فى المنطقة؟

– بشكل عام، يمكن أن يؤدى ذلك بالفعل إلى الحرب وبخاصة مع استمرار هذا النظام، إن نظام الملالى فى طهران، بإرهابه الإقليمى واحتلاله العديد من البلدان فى الشرق الأوسط، سيؤدى فى النهاية إلى الحرب آجلا أو عاجلا، بالرغم من كل المحاولات لتفادى خيار الحرب.