القرني، صدام وجواهري.. النقيض والتناقض/ عادل محمد

جنح الداعية الديني عايض القرني جنوحاً لا يليق بمثله كمسلم ، ولا بعلمه كرجل دين ، ولا بمكانته الاجتماعية
الاصلاحية كداعية يسمعه ويقرأ له الكثير من الناس ، سواء من خلال وسائل الاعلام أو مباشرة عن طريق المحاضرات التي يلقيها على الجموع المتحلقة حوله للإستماع له .
لست بوارد التطويل في الشرح والتعليل ؛ فكلكم يعرف مَنْ هو عائض القرني ونشاطه الفكري والفقهي والدعوي .
**

الكل من المستقيمين الصادقين المنصفين يعلم علم اليقين أن البعثي الأخرق تلميذ عفلق صدام حسين هو الأجرم والأكثر دموية بين الحكام الذين تعاقبوا على حكم العراق , بل إنه أشهر استبداداً وغطرسة الطاغوتية بين الحكّام على مستوى العالم قاطبة في التاريخ المعاصر ، فهو لا يقيم قائمة ً للمبادئ الشرعية , ولا اعتبار عنده للمعاني الانسانية , وكل جرائمه وظلائمه ، التي تفوق الوصف وتُعجز الواصف ، معلومة ومرصودة في الكتب وأرشفة المكتبات ، وأيضاً مسجلة ومدونة بالصوت والصورة في الوسائل الاستخدامية العلمية العصرية ، وأي باحث يرغب في الوصول اليها ومعرفة حقائقها لن يعييه ذلك .
بيدأن الذي دفع بقلمي الى كتابة هذا المقال هو ما قرأته من تناقض غريب عجيب مصدره الداعية الديني الاسلامي عايض القرني؛ وكما يعرف العارفون فـ القرني على نقيض تام وبـ 180 درجة مما كان عليه وينهجه صدام حسين فكراً ومنهجاً وسلوكاً , ومضمون هذا التناقض جاء بقصيدتين متعاكستين متناقضتين كلتاهما صيغت في صدام حسين , و ولدتا بعد الإطاحة به , ومضمون احداهما (أظنها الأولى ) هجواً متعمقاً بالشرح والتصوير والدقة في التعبير , أما الثانية فهي عاطفية وجدانية شايهة الصورة باهتة التعبير معدومة التصوير , ومبعثها ثورة غضب دفع بها الى الوجدان القرني اعدام صدام يوم عيد الأضحى في ظل حكمٍ شيعي تولى مقاليد الأمور في العراق بعد أن أطاح الجيش الأمريكي بالنظام الحزبي البعثي , الذي كان يتولى منصب الأمين العام فيه صدام حسين .
وايضاً كلكم يعرف مَنْ هو صدام حسين ومنهجه البعثي الإلحادي الكفري – وذلك ليس قولي بل هو ( قول علماء الشريعة الاسلامية وفتاواهم المستمدة والمسنودة من أحكام التشريع الإلهي ” القرآن الكريم ” والمؤيدة والمرفودة بالأحاديث النبوية الشريفة ) وفي المقدمة منهم العلاّمة الفقيه الصادح بالحق في كل وقت ومكان , وأمام أيٍ مَنْ كان – إبان حياته , رحمه الله , وهي حياة حافلة بما يرضي الله عن عباده المؤمنين – والله أعلم بكل حالٍ وشأن – ذلك هو – المرحوم بمشيئة الله – عبد العزيز بن باز صاحب تلك الفتوى الصادحة الواضحة التي جاء فيها قوله – رحمه الله -” صدام (( كافر وان صلى وصام )) مالم يتب علانية ويعلن تخليه وحزب البعث عن المبادئ والأيديولوجية البعثية ” فمنهج صدام وحزبه البعثي المفروض قسراً على الشعب العراقي وسلوكه وتصرفاته الاستبدادية على مدى سني حكمه – بالإضافة الى طيشه وتهوره التدميري الذي تخطى بلاده ليطول جيرانه , بشتى صنوف الخساسة المتمثلة بالغدر والعدوان – هو الذي أن أفسد العراق وأنهكه كوطن وشعب , ثم تحققت إرادة الله فإرتد سيف الجبروت والطغيان الظالم على السياف المستبد المجرم وتم القصاص .
**
والآن أعرض لأنظاركم ثلاث قصائد قيلت في صدام حسين , احداها لـ( شاعر عراقي ) هجا فيها صداماً أثناء حكمه , واثنتان ( متناقضتان ) لـ( الداعية الاسلامي عائض القرني ) في صدام حسين أيضاً , احداهما ( أظنها الأولى ) قدح , ويبدو أنها جاءت بعد الاطاحة بصدام وقبل اعدامه حيث تشير مفرداتها الى السقوط ولا تذكر الاعدام ؛ والأخرى ( يظهر أنها الثانية ) بدلالة ما استخدم فيها من مفردات تتطرق للإعدام ومنفذيه !
ونبدأ بقصيدة الشاعر العراقي .. مسبوقة بالتمهيد المنقول من المصدر
***
تمهيد ( منقول ) :
في أحد المناسبات الأدبية في السعودية حضر فيها كل من الشاعر محمد مهــــــدي الجواهري و الشاعر عبد الوهاب البياتي وذلك في زمن حصار العراق وعلى غرار حضورهم قرر الرئيس صدام حسين سحب الجنسية العراقية منهم كعقوبة لهم فوجه الشاعر الجواهري قصيدته هذه في حق صدام حسين ردا على هذا الأجــــراء فقال :
يا غادر تسألني مَنْ أنا

يا غادرا إن رمت تسألنـــي أجيبك من أنــــــــــــــــــــا

فأنا العربي سيف عزمــــه لا ما أنثنــــــــــــــــــــــــى
وأنا الأباء وأنا العـــــــراق وسهله والمنحنــــــــــــــــى
وأنا البيان وأنا البديــــــــع به ترونق ضادنـــــــــــــــا
أدب رفيع غزا الدنــــــــــا عطر يفوح كنخلنــــــــــــــا
وأنا الوفاء وأنا المكـــــارم عرسها لي ديدنــــــــــــــــا
وأنا أنا قحطان منــــــــــي والعراق كما لنــــــــــــــــا
أنا باسق رواه دجلــــــــــة والشموخ له أنحنــــــــــــى
من أنت حتى تدعــــــــــي وصلا فليلانا لنــــــــــــــــا
أو أنت قاتل نخلتــــــي ذلا بمسموم القنـــــــــــــــــــــا
أو أنت هاتك حرمــــــــــة الشجر الكريم المجتنــــــى
أو أنت من خان العهـــــود لكي يدنسها الخنــــــــــــى
لولاك يا أبــــــــــن الخيس ما حل الخراب بارضنــــا
لولاك ما ذبحو الولـــــــود من الوريد بروضنــــــــــا
لولاك ما عبث الطغـــــات بأرضنا وبعرضنــــــــــــا
أنا … من أنا … سل دجلة سل نخيل بلادنـــــــــــــــا
أنا .. من أنا .. سل أرضنا تدري وتعلم من أنــــــــــا
وسل الأباء لبناتــــــــــــــه من طيب أنفاسي بنــــــــا
أنا دومة من رامهـــــــــــا غير الفضيلة ما جنـــــــى
لكن من يرمو لك حصنــه الرذيلة والفنــــــــــــــــــى
أنا في النفوس وفي القلوب وفي العيون أنا السنـــــــــا
أنا بالقرون بذاتهـــــــــــــا بضميرها أبقى أنــــــــــــا
سأضل في ألق العيــــــون وبين أجفان المنــــــــــــى
ويظل شعري كالســـــراج ينير داجيه الدنــــــــــــــــا
أنا إن مت فــــــــــالأرض واحدة هنا او ها هنـــــــــا
وأذا سكنــــــــــت الأرض تربتها ستمنحني الهنـــــــا
أو عرفت يا أبن الطينــــة السوداء يا أبـــــــن الشينا
أنا وخيمتــــــــــــــــــــــي علم يوطر درسنـــــــــــا
علم يحيي كل مــــــــــــــا قد مات فـــــــي وجداننا
أنا العروض أنا القوافـــي والقريض وما عــــــــلا
سل مضجعيك يا ابن الزنا أأنت العراقي أم أنــــــــا

**

و هنا قصيدة القرني حين كان العقل موجوداً والعاطفة غائبة!

[ ذق أيها النذل ]

من قبل فرعون كنا نعبد الأحدا ***** وقبل قارون كنا نشكر الصمدا

وما سجدنا لغير الله خالقِنا ***** وغيرُنا لرموز الكفر قد سجدا
شعبُ العراق أزاح الله كربته ***** وردَّ من غربة الأوطان مَنْ فقدا
وجَفْنُ بغداد مقروحٌ وكم رُزئت ***** من المصائب حتى مُزِّقت بَدَدا
يا ويلها كلُّ زوجٍ كان يعشقها ***** أضحى لها قاتلاً أو طالباً قَوَدا
كأنَّ (صدام) ما سارت عساكرُه **** مملوءةً عُدَّةً مزحومةً عَدَدا
كأنَّ (صدام) ما ماست كتائبُه ***** يستعبدُ الشعبَ أو يستعمرُ البلدا
كأن (صدام) ما حيكت له قصص **** ولن ترى عندها متناً ولا سَنَدا
قالوا يموت بحبِّ الشعب بل كذبوا **** بل قاتلُ الشعبِ ملعونٌ وما ولدا !
بوقٌ عميلٌ ختولٌ في مذاهبه ***** يا ثعلباً صار في أوطانه أسدا !
شماتة بعدو الله أبعثها ***** والنار تُحرق منه الروحَ والجسدا !
بطولةٌ زيَّفوها من جنونهم ***** شهادةُ الزورِ تُخزي كلَّ مَنْ شهدا !
سلاحه أبداً في نحر أمته ***** يا خائنَ الجارِ غدراً بعدما رقدا
هل سلَّ في وجه إسرائيل خنجرَه ***** وهي التي دمَّرت في أرضه العمدا ؟
هل هبَّ نحو اليتامى يصرخون به ***** ليمون يافا ذَوَى حزناً على الشُّهَدا ؟!
هل كان يوماً نصير الحقِّ أو فرحت ***** بجيشه أمةُ الإسلامِ إذْ حسدا ؟!
كلا فما كان إلا دميةً نُصِبت ***** من العمالة والتضليل مُذْ وَفَدا
صلاتُه لعبةٌ، أقوالُه كذبٌ ***** حياتُه خدعةٌ لا تقبل الرَّشَدا
تبًّا له قاتل الأخيار كم صُبغتْ ***** يمينُه بدمٍ في كفه جَمَدا !
يصفِّقون لمعتوهٍ أذاقهُمُ ***** ذُلاًّ، وألبسهم من خوفهم لُبدا
والناس في حُكمه ما بين متَّجرٍ ***** أو خائفٍ قلقٍ، أو ميِّتٍ كَمَدا
صار الجواسيسُ نصفَ الشعب همهُمُ **** نقلُ الوشاية عن إخوانهم رَصَدا !
فالابن يكتب تقريرًا بوالده ***** والجارُ عن جاره يوشي إذا هَجَدا !
والآن يسقط ملعوناً بخيبته ***** ملطَّماً بحذاء الشعبِ مُضْطَهَدا !
تهوي التماثيلُ للأقدامُ ترفسها ***** اخسأْ فزارعُ ظلمٍ فعله حَصَدا !
ذُقْ أيها النذل!.. فالتاريخ مؤتَمَنٌ ***** ولن ترى مقلةً تبكي لكم أبدا