أحداث فبراير – مارس 2011 وتفاقم أزمة اليسار في البحرين/فهد المضحكي

هذا العنوان لكتاب جديد صدر في 2016 مؤلفه الدكتور يعقوب يوسف الجناحي، ويضم الكتاب ثلاثة فصول، أحداث فبراير – مارس 2011 والشرخ المجتمعي.. في الذكرى الستين ماض مجيد وحاضر متعثر (مراجعة نقدية للوضع التنظيمي والسياسي للمنبر التقدمي)، والفصل الثالث عبارة عن خاتمة بالاضافة إلى ملحق وثائقي.

1452023552

يتضمن الكتاب مقالات نشرها جناحي في جريدة الأيام يهدف منها إلقاء الضوء على الأزمة السياسية وعلى تداعياتها المؤلمة.
يقول في مقدمة الإصدار: بعد مرور ما يقارب الخمس سنوات على ما سمي بالربيع العربي أصبح جلياً أنه فعلاً ربيع غربي وبالاخص امريكي. إذ زادت امريكا في بسط نفوذها على المنطقة عسكرياً ومالياً ومنها من نفط العراق وليبيا. أما بالنسبة لبلدان المنطقة انه خريف ان لم نقل سونامي عربي آتي بالدمار والقتل ووحشية القرون الوسطى وتهجير ونزوح الملايين من البشر من ديارهم. هذا اضافة إلى ان خطر تفتيت الدول العربية على الأبواب مع تزايد الكراهية والطائفية، وقد وصلت لهيبها إلى دول مجلس التعاون – الأعمال الاجرامية الدموية – في المملكة العربية السعودية بدءاً من حسينية الدالوة ومسجد الإمام علي بن أبي طالب في القديح ومسجد العنود في الدمام في 29 مايو 2015 وفي مسجد قوات الطوارئ في عسير في 6 أغسطس، كذلك في جامع الامام الصادق في منطقة الصوابر في الكويت في 26 يونيو من العام نفسه. ونقدت هذه الجرائم النكراء في بيوت الله ومعظمها كانت أثناء صلاة الجمعة وراح ضحيتها عشرات من الشهداء والجرحى من المصلين!
ويقول أيضاً وتحت تأثير «الخريف العربي» اندلعت احداث 14 فبراير 2011 في البحرين ووقعت صدامات دامية وسقط عدد كبير من الضحايا وصعدت المعارضة من مطالبها التي لم تحظ َ على قبول جميع مكونات المجتمع مما نتج عنها انحسار المعارضة في طائفة وانشطار المجتمع طائفياً!
وفي مقابل ذلك يقول ولمواجهة هذا الخطر الداهم الفتنة الطائفية والحفاظ على الوحدة الوطنية انبرى العديد من الرجالات والشخصيات الوطنية في التصدي لها برفض التطرف والدعوة إلى التوافق الوطني في طرح المطالب الإصلاحية التوافقية.
ويضيف: وكمساهمة متواضعة في ذلك كتبت المقالات الواردة في الفصل الأول من هذا الكتاب على مدى السنوات الماضية، والتي هدفت إلى طرح المطالب التي تشكل القواسم المشتركة لكل الشعب والتأكيد على ميثاق العمل الوطني وثوابته الوطنية لتلك القواسم لتحقيق المزيد من الإصلاح ورفض الفتنة الطائفية وتعزيز اللحمة الوطنية لشعبنا.
واما الفصل الثاني فانه من جانب هو استكمال للفصل الأول في مناقشة الوضع السياسي المتأزم في البلاد ومن جانب آخر محاولة طرح مراجعة نقدية لسياسة المعارضة بشكل عام وجمعية المنبر التقدمي بشكل خاص منذ التأسيس وحتى مطلع العام 2016 وكان ذلك بمناسبة الذكرى الستين لتأسيس جبهة التحرير الوطني الذي صادف في 15 فبراير 2015.
هل ممكن تحقيق المطالب الإصلاحية دون تحقيق اللحمة الوطنية؟
هذا السؤال وغيره من التساؤلات طرحها جناحي وكذلك الحريصين على الوحدة الوطنية وتكريس وتعزيز الاصلاحات والحقوق وفق مبادئ وقيم الديمقراطية والدفاع عن حقوق الانسان، ومعالجة الازمة السياسية التي تعيشها البلاد وقتذاك بعيداً عن العنف والارهاب والرهان على الفوضى السياسية!
وتزداد مشروعية هذا السؤال في ظل تطور الاحداث الى الاسوأ والانزلاق نحو منحدر التصادم وهو من المؤشرات الخطيرة، وهو ما عبر عنه جناحي في عام 2013 قائلاً: «منذ سنتين والبحرين للاسف تعيش أزمة ثقة مجتمعية حقيقية بعد أحداث فبراير – مارس 2011 وما رافق تلك الأحداث المأساوية من ضحايا بشرية وتلفيات مادية كبيرة وضرر بالغ باقتصاد البلد. ولا اعتقد ان باستطاعة احد إنكار الشرخ الطائفي العميق الحاصل في نسيج مجتمعنا البحريني والذي ليس له مثيل في تاريخ هذا الوطن الغالي علينا جميعاً».
وعن هذه المسألة يقول «فبالمقارنة مع الفتنة الكبرى في عاشوراء 1953 والتي كان سببها الاستعمار الذي كان يسعى دائماً إلى سياسة (فرق تسد) لإضعاف نضال شعبنا من اجل الاستقلال، فان الاحتقان الطائفي هذا فاق تلك الفتنة ليس بالمدة فقط، بل وبعمق وتأثير هذا الاحتقان الذي شق المجتمع عمودياً وأفقياً ولم تسلم منه حتى الجمعيات السياسية وفئات اجتماعية كانت تعد فوق أو عابرة للطائفية».
ونتيجة لذلك تحول – على حد قوله – ولأول مرة، الحراك السياسي من مطلبي إصلاحي وطني إلى حراك طائفي أدى إلى تمزيق اللحمة الوطنية لشعبنا، وطبعاً كان للوضع العربي والاقليمي دور كبير في تأجيج هذه الفتنة الطائفية وتجلى ذلك في تصريحات مسؤولي بعض القوى السياسية في بعض دول المنطقة ومنها إيران!!
ومن هذا المنظور نقول إذا كان الاهمية حماية حقوق الانسان والدفاع عنها من الانتهاكات في صدارة المطالب فإن الاهمية ايضاً تكمن في التعاطي مع الازمة السياسية بحراك سلمي والانخراط في العملية السياسية بوعي سياسي يدرك حقيقة الاوضاع الاقليمية ومخاطر التداخلات الإيرانية في شؤون البحرين الداخلية ودول الخليج عامة، والأمر الآخر ان معالجة هذه الازمة ليس بمعزل عن الحوار الوطني والمصالحة السياسية واتساع أفق التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
ولقد خصص جناحي للحديث عن الأوضاع الداخلية في المنبر التقدمي مساحة كبيرة لا نريد الخوض في تفاصيلها والتطرق إلى الخلافات السياسية والفكرية التي نشـأت على اثـر احـداث فبراير – مارس 2011 وهـو مـا نحـاول أن نلقـي الضـوء عليـه في مقالـة أخرى.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *