من بطون القصيم إلى الهند الفيكتورية.. قصة أول طبيب نجدي/عبداالله المدني

إذا كان أول طبيب سعودي من شرق المملكة هو الدكتور يوسف بن يعقوب الهاجري الذي اختاره المغفور له الملك سعود وزيرًا للصحة في الحكومة التي شكلها جلالته في عام 1962، فإن أول طبيب سعودي من نجد هو الدكتور حمد بن عبدالله بن حمد بن محمد بن عبدالعزيز البسام (أبو نجيب) الذي لم يبرز في مجال الطب والجراحة فحسب، وإنما برز أيضا في ميادين التجارة والأدب والشعر.
ينتمي أبو نجيب، كما هو واضح من لقبه، إلى عائلة البسام المعروفة التي يتوزع أفرادها في نجد والحجاز والعراق والبحرين والكويت وقطر، بل التي وصل الكثيرون منهم إلى الهند طلبا للرزق أو العلم أو كليهما معا. والمعروف أن آل البسام ينحدرون من مدينة عنيزة في إقليم القصيم بنجد، وتعود أصولهم إلى قبيلة تميم، وهم من ذرية عقبة بن ريس بن زاخر الذي ينتهي إسمه بنزار بن معد بن عدنان.

4147

من أعلام هذه العائلة: مؤسسها حمد بن إبراهيم بن عبدالله الذي قدم إلى عنيزة تاجرا من سدير في عام 1762 قبل أن يتوفى بها في عام 1792 تاركا خلفه ستة أبناء هم إبراهيم وعبدالقادر ومحمد (جد أبو نجيب الأكبر) وسليمان وعبدالرحمن وعبدالعزيز. وقاضي بلدة العيينة الأشهر الشيخ احمد بن محمد بن عبدالله البسام الذي انتقل من بلدة أشيقر إلى العيينة في عام 1606 وتوفي بها في عام 1630. والتاجر صالح بن عبدالله بن حمد بن سليمان البسام الذي اسس تجارة شماغ البسام الأحمر في الخليج في عام 1928 مع إبن أخيه التاجر محمد بن علي بن عبدالله بن حمد البسام. وحمد بن سليمان بن حمد بن سليمان البسام والد التاجر البحريني المعروف سليمان بن حمد البسام. ومحمد عبدالله البسام صاحب شركة نيرن للنقليات العاملة على خط بغداد/‏دمشق في ثلاثينات القرن الماضي.

4148

وعبدالله عبدالرحمن حمد البسام الذي كان أول من نقل نخيل البرحي من البصرة في عام 1893 إلى عنيزة وغرسها في مزرعته لتنتشر بعدها في أرجاء المملكة العربية السعودية. والتاجر عبدالله عبدالعزيز البسام الذي ترأس وساهم في تأسيس بنك الريف في لبنان. والعميد طيار متقاعد عبدالمحسن حمد البسام الذي رافق سمو الامير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز في رحلته الفضائية كرائد فضاء إحتياطي، وشغل بعد ذلك منصب الملحق العسكري في السفارة السعودية في لندن.

4149

وطبقا لما ورد في كتاب «رحلة عمر» الذي أعده أبناء الدكتور أبونجيب عن والدهم الراحل، والذي سنستند عليه كمرجع رئيسي في هذا السرد مع بعض الإضافات من هنا أو هناك، فإن عائلة الدكتور حمد كانت متوسطة الحال وتعيش بسلام وطمأنينة في مدينة عنيزة إلى أن فجعت بمقتل جدها الأكبر محمد خلال معركة المطر بين أهل عنيزة والإمام عبدالله الفيصل، وهو في الاربعينات من عمره فيما كان أكبر أبنائه حمد (جد أبونجيب) في السادسة عشرة من عمره. ولأن القتيل لم يترك مالا لأسرته كي تعيش عليه فقد اجتمع كبار آل البسام في عنيزة وجمعوا مالا لدعم الأسرة المنكوبة، لكن حمد رفض مساعدتهم بحجة أنه لا يريد أن يعتاد على صدقات الآخرين. وتحت ضغط الحاجة عاد وقبل المساعدة بشرط أن تكون قرضا يسدده بعد فترة.

بعد مدة قصيرة فاجأ حمد والدته «رقية عثمان الخويطر» بقراره السفر إلى الهند طلبا للرزق، واعدا إياها ببذل قصارى جهده في تلك الديار البعيدة من أجل أن يجعل من بيت البسام أفضل بيت في عنيزة. وبالفعل سافر حمد الى الهند في عام 1864 عبر البحرين فوطأت قدماه أرض «بمبي» وهو في سن السابعة عشرة، والتحق هناك بوظيفة كاتب لدى اسرة الغانم التجارية التي كانت تقيم وتعمل آنذاك في الهند. وهكذا دخل حمد التاريخ كأول رجل من آل البسام يسافر إلى الهند ويعمل فيها ليل نهار، متقشفا في مصاريفه، جامعا كل روبية يحصل عليها، وصابرا على آلام فراق أهله في وطنه الأم.
وبعد ثلاث سنوات من العمل المضني تمكن حمد من ادخار مبلغ كاف لممارسة تجارته المستقلة عن آل الغانم في التوابل والحبوب. وفي السنة الرابعة لاغترابه عاد إلى نجد لزيارة والدته وإخوته، حاملا لهم الهدايا وكان يحمل معه أيضا مالا ليسدد به القروض التي أخذها من عشيرته يوم وفاة والده.

في عنيزة جمع حمد اخوته الثلاثة الصغار عبدالعزيز وعبدالله وعبدالرحمن وراح يحثهم على إقتفاء دربه في السفر والتجارة والمغامرة من أجل حياة أفضل. وحينما شعر باقتناع إخوته، إصطحب حمد أخاه عبدالعزيز إلى العراق ومن ثم إلى الهند ليعلمه أصول التجارة. وبعد مدة كرر الشيء نفسه مع أخيه عبدالله. وعلى حين صار عبدالعزيز تاجرا في الهند مثل أخيه حمد، راح أخوه عبدالله يركز على الزراعة والأدب والتاريخ، بدليل أنه عاد إلى عنيزة بعد فترة ليؤسس بما جمعه في الهند من ثروة مزرعة كبيرة عرفت باسم «المهيرية»،
وهي مزرعة صارت سكنا له ولإخوته، وكان يستضيف فيها كبار الشخصيات من علماء وأدباء وأمراء ورحالة غربيين، الأمر الذى نمت لديه ملكة التأريخ فصار مؤرخا موسوعيا للسنوات التي عاشها وما قبلها بل صار «من أهم مؤرخي نجد الخمسة للقرنين الهجريين الثاني عشر والثالث عشر». وقبل وفاته في عام 1927 عن 69 عاما في عنيزة كان الرجل قد أنجز كتابه الموسوم ب «تحفة المشتاق في تاريخ نجد والحجاز والعراق».

جملة القول أن حمد بن محمد البسام (جد أبونجيب) نجح في تحويل نكبة أسرته إلى ثراء ورخاء، بل فتح أبواب الهند لأخوته ومن بعدهم أبناء عمومته فأسسوا البيوتات التجارية هناك وحققوا سمعة طيبة وسط المجتمع التجاري الهندي وفي أوساط تجار الخليج والجزيرة المقيمين في الهند. كما نجح حمد في إقناع أخيه عبدالعزيز بإدارة تجارة العائلة في البصرة التي كانت آنذاك مدينة خصبة مليئة بالخيرات والمساحات الشاسعة من أشجار النخيل المدرة لأجود أصناف التمور، فأبلى عبدالعزيز بلاء حسنا في تجارة التمور إضافة إلى تجارة الحبوب القادمة من وسط وشمال العراق إلى ميناء البصرة، وهو ما جعل لأسرة البسام نفوذا ومركزا تجاريا مرموقا في العراق ونجد والحجاز والبحرين وبلاد الشام وغيرها،
وهو ايضا ما دفع المغفور له الملك عبدالعزيز إلى استدعاء آل البسام إلى الرياض وإكرام وفادتهم، خصوصا بعد أن كانت معركة الصريف في عام 1901 قد انتهت بهزيمة جيش حاكم الكويت مبارك الصباح على يد قوات إبن رشيد في القصيم. ولعل الملك باستضافته لآل البسام لفترة تراوحت ما بين شهرين إلى 14 شهرا أراد أن يتحقق من تداعيات الأمور في القصيم بعد معركة الصريف وإتجاهات عائلاتها الأكثر نفوذا. وطبقا لما ورد في الصفحة 28 و29 من كتاب «رحلة عمر»، فإن الملك عبدالعزيز سمح لرموز آل البسام بالعودة إلى القصيم بعد وساطة قام بها حاكم قطر آنذاك الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني.

لكن قسما من آل البسام آثر أن يذهب إلى قطر قبل عودته إلى القصيم لتقديم الشكر لحاكمها، وقسم آخر سافر إلى البحرين ومن الأخيرة إلى الهند للتجارة. وكان من بين القسم الأخير حمد الذي فضل العودة إلى مقر تجارته في بمبي قبل أن يقرر العودة نهائيا إلى عنيزة عن طريق البصرة، لكنه توفي في الأخيرة في عام 1906 عن 59 عاما ودفن في مقبرة الحسن البصري في الزبير، تاركا خلفه تاريخا ناصعا من الكفاح والسيرة العطرة وخمسة أبناء أحدهم عبدالله بن حمد البسام (والد أبونجيب).
ما سبق سرده كان عن جد الشخصية محور حديثنا، فماذا عن والده عبدالله بن حمد البسام؟

بعد وفاة والده حمد في البصرة كما ذكرنا، سافر عبدالله الى بمبي في عام 1907 ليخلف ابيه في إدارة تجارة العائلة، تاركا خلفه في عنيزة زوجته الصبورة شديدة المراس والذكاء نورة البسام، وكذلك إبنته حصة (والدة معالي الشيخ عبدالرحمن أبا الخيل وزير العمل والشئون الإجتماعية السعودي الأسبق). في الهند اكتسب عبدالله سمعة طيبة في الوسط التجاري مستمدة من سمعة والده، وكان أثناء تلك الفترة يسافر ما بين بمبي وعنيزة مرورا بالبحرين تارة وبالبصرة تارة اخرى، فانجب إبنه حمد في عام 1910،
ثم أنجب إبنته مضاوي (زوجة سليمان بن ابراهيم بن محمد البسام) في عام 1912.
عاش عبدالله في الهند حتى تاريخ وفاته في بمبي في عام 1943، ليدفن هناك، وليخلفه في إدارة تجارة الأسرة أخواه الأصغر سنا سليمان وعبدالرحمن. وكان عبدالله قبل وفاته قد بنى في عنيزة بيتا من الطين مكونا من 3 أدوار، سكنت فيه زوجته نوره التي عاشت طويلا حتى تجاوز عمرها المائة بسنتين، كما سكنت فيه ابنتاه حصة ومضاوي قبل زواجهما. أما إبنه حمد، الذي تعلم القراءة والكتابة والقرآن وبرع في اللغة العربية واتقن الخط العربي الجميل،
فقد صار أديبا وشاعرا متميزا، خصوصا وأنه عاش في مزرعة المهيرية التي كانت تضم مكتبة عامرة بالمخطوطات والكتب في الشعر والأدب والتاريخ، ناهيك عن اكتسابه الكثير من المعارف من والده وعميه سليمان وعبدالرحمن ومن بيئة عنيزة المنفتحة آنذاك بدليل تكالب الرحالة الأجانب على زيارتها من امثال: البريطاني وليام بلغريف William Palgrave، والايطالي كارلو غورماني Carlo Guarmani، والألماني إدوارد نولد Edward Noldh، والدنماركي باركلي رونكير Barclay Raunkiaer، والبريطاني هاري سانت جون فيلبي Harry St. John Philby، وطبيب الارسالية الامريكية في البحرين الدكتور لويس باول ديم Louis Paul Dame، إضافة إلى الرحالة والأديب الأمريكي/‏اللبناني أمين فارس الريحاني الذي وصف عنيزة ب «باريس نجد».

وبعد أن تيقن عبدالله من تمكن ولده حمد من علوم الادب واللغة العربية والدين والتاريخ، شجعه على الالتحاق به في الهند كي يكتسب المعارف الحديثة ويتعرف على مظاهر الحياة في العالم المتمدن. وهكذا سافر حمد الى الهند لأول مرة بصحبة عمه الأصغر عبدالرحمن وهو في سن الخامسة عشرة في رحلة شاقة تطلبت منهما السفر أولا في قافلة من الجمال إلى الزبير على بعد 800 كلم من عنيزة. وفي الزبير استراحا لعدة ايام في منزل من منازل أسرة البسام، ثم انتقلا إلى البصرة التي اعجب حمد بخضرتها وبساتينها ومياه أنهارها وأسواقها ومباهجها الكثيرة. وبعد شهر استقل مع عمه سفينة بخارية تابعة لشركة الهند البريطانية للملاحة من ميناء العشار بالبصرة باتجاه كراتشي ثم بمبي مرورا بعدد من الموانيء الخليجية كالمنامة ومسقط في رحلة استغرقت نحو اسبوعين.

وصل حمد في عام 1935 إلى بمبي، درة التاج البريطاني وميناء الهند الأشهر وملتقى تجار وعائلات الخليج المهاجرة ومصدر قوت منطقة الخليج والجزيرة العربية التي ظلت عقودا طويلة تعتمد في حياتها على ما يأتي من بمبي من أرز وسكر وشاي وتوابل وأقمشة وأثاث، محققا بذلك أمنية راودته طويلا. وبطبيعة الحال كان في استقباله في بمبي والده عبدالله الذي كان يقطن وقتذاك في منزل خلف شارع تشاكلا Chakla Street، الواقع بدوره خلف سوق الأثاث. ولم تمض ايام إلا ووالده يحضر له مدرسا لتعليمه الانجليزية استعدادا لإلحاقه بالمدارس الرسمية الهندية. وخلال السنوات الأربعين التالية التي قضاها أبونجيب في الهند، تمكن من امتلاك ناصية 3 لغات أجنبية و بعض اللغات المحلية، وأنهى مراحل التعليم ما قبل الجامعي في مدرسة تبشيرية هي مدرسة سانت ماري Saint Mary’s School، وتخرج منها متفوقا على زملائه رغم صعوبة مقررات اللغة والعلوم والرياضيات.
ولما لاحظ والده عليه علامات الذكاء والنبوغ والجدية في التحصيل العلمي أدخله واحدة من اشهر وأعرق جامعات بمبي وهي كلية سانت زافيير Saint Xavier’s College حيث درس المرحلة التمهيدية المؤهلة للإلتحاق بكلية الطب. وخلال هذه الفترة من حياته لم ينقطع حمد عن زيارة أهله وأصدقائه في عنيزة، إذ كان يزورهم أثناء الإجازات الصيفية بالانتقال من بمبي إلى البحرين بواسطة السفن التي كانت تتطور بسرعة لجهة السرعة والخدمات، ومن البحرين إلى الخبر بواسطة المراكب الشراعية، ومن الخبر برا إلى عنيزة. وفي إحدى زياراته الصيفية هذه تزوج حمد من إحدى قريباته وهي «فاطمة بنت فهد بن عبدالله البسام» التي أتى بها إلى بمبي بعد أربع سنوات من الإقتران بها لتكون سندا له في مشواره التالي الذي تمثل في الالتحاق بكلية الملك إدوارد الطبية التابعة لجامعة بمبي King Edward›s Medical College والملحقة بمستشفى الملك إدوارد السابع التذكاري، علما بأنه تم تغيير إسم هذه الكلية الراقية بعد استقلال الهند إلى Gordands Sunderdas Medical College.

تخرج أبونجيب من الكلية المذكورة في عام 1943 حينما كانت الحرب العالمية الثانية ومآسيها تلفظ أنفاسها، الأمر الذي ضمن له التدريب والعمل في المستشفيات الهندية في بيئة مريحة غير مشحونة، كما ضمن له الحصول على دورات طبية مكثفة في جميع التخصصات الطبية، فكان يعمل ويتدرب في تلك المستشفيات صباحا، ويخصص الفترة المسائية لمزاولة تجارة والده الذي رحل في عام تخرجه. واستمر يمارس نشاطه المزدوج الذي أكسبه خبرة كبيرة في الطب والجراحة والتجارة معا. وكان بالتزامن يقتنص بعض الوقت لينمي عشقه القديم للأدب والشعر والتعرف على روائع ما أصدرته دور النشر الغربية من مؤلفات في الشعر والرواية والمسرح، خصوصا مع توفرها في المكتبات العامة والتجارية في بمبي. كما كان ناشطا وحاضرا في كل المناسبات والفعاليات التي كانت تقيمها المدارس والجمعيات العربية في بمبي، إضافة إلى تواجده دوما خلال حفلات الإحتفاء بضيوف الهند من الزعماء العرب.

وحينما شعر الرجل بعجزه عن التوفيق ما بين مسئوليات ممارسة الطب ومزاولة تجارة العائلة، قرر التفرغ للأخيرة، لكن دون أن يقطع صلته كليا بالمجال الذي أفنى شبابه فيه، بدليل أنه كان في الفترات التي يعود فيها الى مسقط رأسه في القصيم يستقبل المرضى ويعالجهم، ومن لم يكن قادرا على المجيء إليه لشيخوخته وعجزه كان هو الذي يذهب إليه معالجا. كما كان يقوم في تلك الفترات بزيارة المدارس لإلقاء المحاضرات الصحية التوعوية على الطلبة، حاثا إياهم على تعلم اللغات الأجنبية والعلوم الحديثة والتخصص في المجالات العلمية. وتقول سبطته جواهر القاضي في الصفحة 127 من كتاب «رحلة عمر» أن جدها حمد رغب في إحدى زياراته السنوية إلى وطنه أن يستقر به ويمارس الطب، فذهب إلى وكيل وزارة الصحة لهذا الغرض، فلما علم أنه سوف يعامل كطبيب مبتديء لأنه درس على حسابه الخاص ولم يسبق له العمل في الدولة، وسوف لن يتم الإعتراف بخبرة عشرين سنة قضاها في ميدان الطب قرر فورا العودة إلى الهند.

في عام 1966 إتخذ الدكتور حمد قرارا وصفه بالأصعب في حياته وهو قرار ترك الهند نهائيا للعودة والاستقرار في المملكة، من بعد أن كبر اولاده (منيرة ولولوه ونجيب) ورغب في أن يؤسسهم تأسيسا يتفق مع هويتهم العربية. وقد اختار أبو نجيب مدينة الخبر مكانا للإستقرار، فأقام فيه سعيدا مع أولاده وأحفاده، وراح يمارس التجارة في العقارات، ويعالج الناس إما في بيته أو في بيوتهم. وظل على هذا الحال إلى أن اختاره الله إلى جواره في أغسطس 1990. ولم ينس الدكتور حمد أن يصطحب معه في رحلة العودة الطباخ الهندي عبدالكريم الذي عمل مع أسرة البسام في بمبي لمدة 60 سنة، فأقام معه في الخبر إلى توفي ودفن فيها في عام 1994.

قلنا أن أبانجيب إهتم بالأدب والشعر إلى جانب نجاحه في الطب وشطارته في التجارة، ولعل أفضل دليل على جمال شعره القصيدة التي كتبها بعد زيارة قام بها إلى كشمير، ومنها:
أنسيم الخلد بين الربى
بينها الأنهار تجري سلسبيل
طلت ضفاتها، ما أعجبا
خضرة أنفاسها تشفي العليل
عليها الطير لحنا أطربا
مادحا ما أبدع الله الجليل
أقبل الليل قميصا معلما
فوق ذاك المربع ذا تبر منير
أطل البدر من هام السماء
كي يرى مرآه في ذاك الغدير
شذى الورد تمادى أينما
هبت الريح على الماء النمير
من وراء التل إبان
لمة الشمس تبدت للنظير
سلت أسلاكها تلك الملاح
سابحات فوق أمواج الأثير
قلات فوق أنفاس الرياح
للربى البشرى، ولليل النذير

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *