الإسلام السياسي الإيراني! / فهد المضحكي

ثمّة حقيقة راسخة وهي أن البناء الديمقراطي لا تكتمل قاعدته الاساسية من دون احداث تحولات ديمقراطية حقيقية تتبنى استراتيجيات اقتصادية واجتماعية اساسها العدالة والمساواة.

Untitled-1996526+6

ولن تزداد هذه القاعدة صلابة الا من خلال الممارسة التي تؤكد على كافة الحقوق من دون تمييز.

كانت أغلب الانظمة العربية وما زالت تحتكر السلطة وتغذى النزعات الطائفية والقبلية وعلى صعيد الممارسة السياسية تنتهك حقوق الانسان. وقد ادى غياب الديمقراطية الى فوضى سياسية وتحديات تنموية فظاهرة الاستبداد العربي كما وصفها احد الباحثين ليست مجرد ظاهرة سياسية رسمية بل هي ظاهرة اجتماعية ثقافية ذات جذور تاريخية! وعن هذه الظاهرة يرى عبدالرحمن الكواكبي ان العقيدة الاسلامية ليست مسؤولة عن مظاهر الاستبداد التي عمت في كثير من المجتمعات العربية بل على العكس هي ضحية لهذه النزاعات الاستبدادية عندما فقدت هذه العقيدة الابرار والحكماء وسطا عليها حكام مستبدون!

سواء اتفقنا مع هذا الكلام أم اختلفنا فان ما يميز النظم السياسية في الدول العربية والاسلامية انها تفتقد الديمقراطية كثقافة وممارسة. ومن اجل الدفاع عن مصالحها تصاعد العنف السلطوي من اعتقال وسجن وتشريد ونفي، ولتصفية حساباتها مع الخصوم خاصة مع فكر الحداثي تحالفت مع تيار الاسلام السياسي الذي لم تكن الديمقراطية من اولوياته بل السلطة الدينية بمرجعياتها المختلفة دفاعًا عن حكم الخلافة او نظام ولي الفقيه.

لقد اثبتت التجارب السياسية ان الاسلام السياسي بشقيه السني والشيعي يرتبط ارتباطًا وثيقًا بثقافة إقصاء الآخر وبالعنف وتأجيج الصراعات المذهبية والطائفية.

ومن الامثلة على ذلك الاخوان في عهد (مرسي) والسودان وإيران والجماعات التكفيرية.

وإذا كانت الموضوعية تقتضي القول ان الاسلام السياسي كان سنيًا أو شيعيًا فهو واحد ذو جوهر واحد وطبيعة واحدة فإن ايران نموذج لا يختلف عن الاخوان والسلف والحركات الجهادية التكفيرية مثل داعش والقاعدة والنصرة.

وإذا كان ثمة دول عربية تغذي الخطاب الديني المتشدد والفكر المتأسلم والارهاب فإن طهران التي تهدد بالتدخل في شؤون البحرين والمنطقة لا تختلف على الاطلاق من حيث المسار السياسي والعقائدي الذي يتبناه الاسلام السياسي السني!

وإذا ما اردنا الحديث عن سلبيات ايران كنموذج للنظام الاسلاموى على الصعيد الداخلي فان هذه السلبيات تكمن في تفشى صور الاستبداد التي تتوافق بشكل كبير مع سياسة الاستبداد التي تبنتها نظم عربية طيلة عقود ساهمت في انتهاكات حقوق الانسان. وفي سبيل حماية مصالح الاقطاع الديني الايراني المتحالف مع (تجار البازار) وبدعم من الطبقة الطفيلية الحاكمة المتاجرة بالدين كرّس نظام الملالي السلطة المطلقة لولي الفقيه!

فقد أسهم ذلك في تصدير الثورة، وهو ما أعلنه الخميني عام 1980 «أننا سنصدر ثورتنا الى كل العالم حتى يعلم الجميع لماذا قمنا بالثورة».

يعني لم تكن الثورة الايرانية ثورة اساسها الاصلاحات والتحول الديمقراطي كما روج لها منذ بدايتها على انها ثورة الاسلام الديمقراطي، بل كانت أساسا دعوة لقيام دولة اسلامية ذات حكم مطلق متسلط ضد الحريات والحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والاقليات القومية والدينية ويرجع ذلك اساسا الى السياسة الخاطئة للدوائر الشوفينية في النظام.

يقول الكاتب الايراني التقدمي على غفاري: منذ البداية الاولى للثورة اتبعت العناصر الدينية المتهوسة والقوى اليمينية خطأ يستهدف تقويض الحريات والديمقراطية مستغلة في ذلك الحساسية المفرطة للسلطات ضد كل اختلاف في الرأي وتحت تطهير عناصر الثورة المضادة طرد الثوريون الحقيقيون من المؤسسات العامة واجهزة الدولة. وأصبح هناك حزب واحد الا وهو الحزب الجمهوري الحاكم وهو الحزب الوحيد الذي يتمتع بكافة الحقوق.

ويرى الناشط الحقوقي والمتخصص في قضايا ايران والشرق الاوسط د. كريم عبديان بني سعيد بدأ الاسلام السياسي كدولة في ايران بعد ما نكث الخميني بوعوده ويعتبر النموذج الخميني للاسلام السياسي فريدا من نوعه في تاريخ الاسلام السياسي، فهو لا يشبه ابدا نظام الخلفاء الراشدين ولا العباسيين، كما انه يقف بعيدا عن اسلام العثمانيين، وعلى الرغم من كل الشعارات الطائفية التي يطلقها نظام ولي الفقيه، فإن هذا النظام من يومه الاول، كان مجردًا تمامًا من شعاراته، بل انه تفنن في الاعدامات السياسية والاغتصاب في السجون في داخل ايران، ومن ثم نشر الارهاب في الخارج «نقلاً عن الشرق الاوسط العدد 13684 تاريخ 16-5-‏2016).

وفي الوقت الذي يزداد فيه التسلط السياسي، تزداد معاناة الشعب الايراني من الفساد وشراء الذمم والغلاء والبطالة والامية والفقر وهبوط قيمة الريال، وتقاسي المرأة من اشد انواع القهر والاذلال الذي لا مثيل له الا في العصور الوسطى!

ويجانب ذلك استغلال القضاء، وفرض الوصاية والقيود على الصحافة، وتزوير الانتخابات، ودعم التطرف السياسي والجماعات التكفيرية.

كل ذلك يجرى تحت قبضة مرشد الجمهورية خامنئي المتحكم في البلاد والعباد إذ يمتلك جميع الصلاحيات، ومن تلك الصلاحيات التي لم يمنحها الدستور له، قيامه بتشكيل جهاز استخبارات خاص به (المصدر نشرة الموجز عدد ابريل 2016)

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *