من هم أصدقاء إيران؟!/سلمان الدوسري

يمكن القول إن الموقف الذي اتخذته منظمة التعاون الإسلامي ضد إيران، يعدّ أقوى موقف تتخذه المنظمة، فالكلمات التي صيغ بها البيان الصادر عن المنظمة، شكلت ضربة قاصمة للسياسة الإيرانية التي غدت معزولة حتى من أقرب الدول لها، فلم يسبق أن صدر بيان بمثل هذه القوة وتضمن عبارات مثل «إدانة التدخل السافر في شؤون السعودية»، و«إدانة تدخلات إيران في الشؤون الداخلية لدول المنطقة ودول أخرى أعضاء، ومنها البحرين واليمن وسوريا والصومال»، وإدانة «استمرار دعمها (إيران) للإرهاب»، و«إدانة ورفض التصريحات الإيرانية التحريضية». صحيح أن البيانات ليس شرطًا أن تعبّر عن المواقف الحقيقية للدول، غير أن عدم قدرة 55 دولة من الوقوف في الحياد مع «الاعتداءات الإيرانية»، يشي بأن الخط الأحمر في العلاقات العربية والإسلامية مع نظام طهران بدأت تتضح ملامحه، فبعد موقف مجلس التعاون الخليجي ثم الجامعة العربية والآن منظمة التعاون الإسلامي، نستطيع القول إنه لم يعد أحد من حلفاء إيران التقليديين لديه القدرة على الاستمرار في غض النظر عن سلوكها العدواني وسياستها التخريبية.

2

موقف دول منظمة التعاون الإسلامي كان مهمًا للغاية، وهو يرسل رسالة واضحة لدول الغرب، بعد أن سعت هذه للترويج بأن الموقف السعودي من قطع العلاقات مع إيران هو «تهويل» و«ردة فعل مبالغ بها»، وتوالي المواقف يثبت أن ما قامت به الرياض هو سياق طبيعي لتسلسل الأحداث التي بدأت وانتهت من طهران، بالإضافة إلى أن موقف 55 دولة إسلامية، من رفض وإدانة «التصريحات الإيرانية التحريضية في ما يتعلق بتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة بحق عدد من مرتكبي الجرائم الإرهابية في السعودية» واعتبار ذلك تدخلاً سافرًا في الشؤون الداخلية للمملكة، هو رسالة أخرى مفادها أن ما يراه الغرب خطأ ليس شرطًا أن يراه العالم صوابًا، حيث شكل هذا الموقف الجماعي تأكيدًا لصحة المواقف السعودية، سواء تلك التي اتخذتها لمحاربة الإرهاب الداخلي، أو حتى الموجهة لإيقاف الإرهاب الخارجي المتمثل بسلوك النظام الإيراني، والذي تلقى ضربة قوية هذه المرة بنبذه من قبل الدول المحيطة به، بل حتى دولة مثل العراق، وهي من أقرب الدول التي تتلاقى مصالحها مع إيران، لم تستطع الوقوف موقف الحياد أو التغطية عن الموقف الإيراني.

المثير في موقف دول «التعاون الإسلامي» أنه أتى في نفس الوقت الذي كانت فيه إيران تروج للعالم أن رفع العقوبات الغربية عنها هو من باب انفتاحها وكسر عزلتها، وبعيدًا عن أن المليارات التي ستفرج عنها هي في الأساس مقيدة، فحتى تتمكن إيران من إنفاق أموالها، «عليها قبول ترتيبات مهينة، تلك التي تضع جزءًا كبيرًا من اقتصاد البلاد تحت إشراف دولي فعال»، كما شرح ذلك تفصيلاً الزميل أمير طاهري في مقاله في هذه الصحيفة أمس، فإن الحقيقة الماثلة للعيان أن طوق العزلة يشتد على إيران بشكل لم يحدث بهذه الصورة، منذ انتهاء الحرب العراقية الإيرانية أواخر الثمانينات، وغدت الدول المرتبطة بمصالح معها تتحاشى أن تبدو وكأنها قريبة منها أو صديقة لها، على الأقل أمام العالم.

في اجتماع جدة، أول من أمس، اشتكى مساعد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بأن موقف المنظمة ضد بلاده يشكل «انقسامًا في العالم الإسلامي»، وهو ما أثار سخرية الحضور، باعتبار أن جميع الدول الحاضرة كانت في كفة، وإيران وحدها، مع لبنان بالطبع، في كفة أخرى، فأي انقسام يتحدث عنه؟ الانقسام الحقيقي هو ما كان يحدث سابقًا، أما الآن فالأهداف تتوالى داخل المرمى الإيراني بينما طهران محتارة ومرتبكة كيف توقف تنامي المواقف ضدها؟

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *