“العربية نت” تفتح ملف حزب الله وسلاح الكبتاغون(2-3)
تصنيع الكبتاغون لا يحتاج إلى معدات ضخمة، فالآلة المستخدمة في تصنيعه هي عبارة عن ماكينة تصنيع “شوكولا” بعد إدخال تعديلات عليها لإنتاج حبوب صغيرة. وسبق لشعبة مكافحة المخدرات أن ضبطت محاولات لإدخال معدات تصنيع قام بها أحد تجار المعدات الطبية عبر مطار بيروت الدولي وأخرى تم ضبطها في مرفأ بيروت.
عند تشغيل ماكينة تصنيع الحبوب فإنها تكون قادرة على إنتاج نحو 700 حبة في الدقيقة، أو ما يقارب 100 ألف حبة في اليوم.
وحسب إحصاءات شعبة مكافحة المخدرات فقد تم ضبط نحو 12 مليون حبة كبتاغون عام 2013، أما عام 2014 فتم ضبط 5 ملايين حبة معدة للتصدير عبر مرفأ بيروت، في حين جرى مصادرة نحو 6 ملايين حبة في منطقة البقاع كانت متوجهة كلها إلى دولة الإمارات العربية المتحدة ومنها إلى السعودية، كما كان مخططا له.
حزب الله والكبتاغون
يكاد يكون من شبه المؤكد أن حزب الله أو المحسوبين عليه أو المقربين منه بعد عام 2006 تولوا مهمة تصنيع حبوب الكبتاغون، إذ تفيد تقارير صحفية مدعومة بمصادر معلومات أمنية أن هذا الحزب عمد إلى استيراد الآلات الخاصة في صناعة هذه الحبوب من إيران في إطار المساعدات العينية التي قدمتها إيران ومؤسسة حرس الثورة للحزب ولبنان تحت غطاء دعم الشعب اللبناني بعد حرب تموز 2006.
ويعتبر هاشم الموسوي، شقيق النائب عن حزب الله في البقاع حسين الموسوي (ابو هشام) أحد أبرز وأخطر مصنعي حبوب الكبتاغون وأكبر المهربين. إذ عمد إلى إنشاء مصنعين لإنتاج هذه الحبوب واحد في منطقة بعلبك داخل مبنى أسسه ليكون حوزة علمية دينية وآخر في منطقة “التيرو” في الشويفات جنوب العاصمة بيروت تحت عنوان “مصنع نايلون” وكل مصنع وصلت قدرته الإنتاجية إلى 100 ألف حبة يوميا.
وكان حزب الله يرسل ما ينتجه من هذه الحبوب عبر شبكات تهريب سورية – لبنانية، إلى الساحل السوري وتركيا التي تعتبر طريقا أول نحو أوروبا، كما أنه يقوم بنقلها إلى دمشق ودرعا لتصل السعودية عبر الطريق البري من الأردن، بالإضافة إلى طرقات التهريب عبر البادية السورية إلى العراق، والتي كانت سهلة بفضل شبكات المخابرات السورية والعراقية المتعاونة مع الحزب.
وتفيد تقارير تابعت هذه الصناعة بأن تصنيع هذه الحبوب انتقل على عدة مراحل إلى الداخل السوري، وتركز في عدة مناطق منها حمص وجرود القلمون القريبتان من مصدر المواد الأولية في البقاع اللبناني، حيث كان يشرف عليه عدد من الصيادلة السوريين، ومنهم صيدلانية من مدينة حمص ألقي القبض عليها قبل عدة سنوات، كما تم إلقاء القبض على رئيس شبكة التهريب والتصنيع هذه، المدعو “أبو عباس”، وهو من بلدة سورية على الحدود اللبنانية السورية.
وأبو عباس هذا هو المسؤول عن فتح معامل تصنيع الكبتاغون في سوريا منذ بداية 2006، كما أنه المسؤول عن تهريب الحبوب إلى السعودية، الأمر الذي دفع السعودية لمطالبة السلطات السورية أواخر 2010 بالقبض عليه وتسليمه لها، وبالفعل تم القبض على أبو عباس حينها، غير أن نظام الأسد أفرج عنه مع بداية الثورة السورية، ليتضاعف نشاطه عن ما كان عليه.
توقيف شخصين في النبطية
أصدرت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي – شعبة العلاقات العامة، البلاغ التالي: “بنتيجة متابعة كبار تجار ومصنعي ومهربي المخدرات، وبعد عملية رصد لعدة شهور تمكن مكتب مكافحة المخدرات المركزي والإقليمي في الجنوب في وحدة الشرطة القضائية، بتاريخ 21/7/2015 من توقيف شاحنة في مدينة النبطية دوار كفررمان كانت متجهة إلى البقاع، وبداخلها شخصان.
وضبط على متنها كمية كبيرة من المواد الأولية التي تدخل في باب تصنيع مواد مخدرة بينها حبوب كبتاغون، حيث بلغت 325 برميلا زنتها حوالي 17 طنا يصنع منها ملايين الحبوب المخدرة.
وتم توقيف م. ح. (مواليد عام 1974، لبناني)، والعمل جار لتوقيف باقي المتورطين”.
الفتوى الشرعية وتوظيف المخدرات
خلال العام 2014 استطاعت الأجهزة الأمنية في الدول اللبنانية من مصادرة كميات كبيرة من حبوب الكبتاغون اقتربت قيمتها من 200 مليون دولار.
فقد جرى مصادرة قرابة 5.5 ملايين حبة من حبوب “إمفيتامين” المخدرة، التي تم إنتاجها محليا، وخبئت بخبرة داخل سخانات مياه في طريقها إلى دبي. وهذه السخانات صنعت في سوريا، وقد حشيت الحبوب داخلها. وبعد أسبوع، وتحديدا في يوم 21 أغسطس/آب، حيث تم إيقاف 6 شاحنات سورية في طريقها إلى المملكة العربية السعودية من لبنان، قبل عبور الحدود، وقد زودت حاويات تلك الشاحنات بدرج مصمم بذكاء، وملئ كل درج بحبوب مخدرة، بلغ عددها الإجمالي 6 ملايين حبة.
وبعد بضعة أيام، تم القبض على سوري في مطار بيروت الدولي معه 11 ألف حبة مخدرة مخبأة ضمن المعجنات، كما تم إيقاف اثنين من السوريين متجهين إلى السعودية في المطار مع 8 كيلوغرامات من الحبوب في أمتعتهم. وخلال شهر واحد، صادرت السلطات اللبنانية ما تفوق قيمته 200 مليون دولار من الحبوب المخدرة، المعروفة في دول الخليج باسم “كبتاغون”.
وعملية تهريب أكثر من 5 ملايين حبة مرة أو ثلاث مرات تساعد المهربين في الحصول على 300 مليون دولار، ومن شأن هذا جعل هذه الحبوب مصدر تمويل سريع لـ”حزب الله” الذي يملك الخبرة الكبيرة في هذا المجال حسب مسؤول الخزانة الأمريكي السابق ماثيو ليفيت، الذي يقول إن “لحزب الله تاريخ طويل من الخبرة في تجارة المخدرات للمساعدة في التمويل، وحبوب كبتاغون تتيح هوامش أرباح عالية، وهي فرصة تجارية أخرى بالنسبة لهم”.
ويضيف ” ليس واضحا بعد ما إذا كانت تجارة “كبتاغون” تمول جهود الحرب مباشرة، لكن الأرباح المتأتية من هذه التجارة، مثل غيرها من الأنشطة الإجرامية لحزب الله، تساعد في تمويل المنظمة. إيران تهدي والحزب ينتج”.
مسؤولون في حزب الله لا ينفون تعاونهم مع شبكات تهريب المخدرات، لكنهم يحاولون حرف الهدف من وراء هذا التعاون، فيؤكدون أنه كان من باب “جمع المعلومات وليس من أجل التمويل”.
وليست قصة القيادي في حزب الله في إحدى القرى الجنوبية التي يروج لها إعلام الحزب ومناصريه سوى دليل آخر على تورط هذا الحزب في تجارة المخدرات، فيتحدثون عن مسؤول عسكري في إحدى القرى الحدودية قام ببناء علاقات مع جنود إسرائيليين من باب تجارة المخدرات، فكان يرمي لهم من خلف السياج الشائك المواد المخدرة ويرمون له في المقابل رزم المال. وأنه كان يقوم بواجبه وفق فتوى شرعية، إلا أن تمادي هذا القيادي في التهريب وبناء شبكة دولية من المهربين الإسرائيليين إلى أوروبا دفعت الحزب إلى نقله من موقعه ومنصبه وتكليف شخص آخر بهذه المهمة. وقد استطاع الحزب من خلال هذا “الانفتاح” على العدو من الحصول على معلومات أمنية ورصد وتحديد الثغرات الأمنية التي كانت تبرز مع تعطيل الاتصالات والأنوار لدقائق فترة “التهريبة”. في حين يصر حزب الله على القول إن عمليات التهريب والتعامل مع عناصر من الجيش الإسرائيلي ساهمت في تخطيطه لعملية خطف الجنود عام 2006.
نقلأعن :”العربية نت”