يخشى الفلسطينيون في غزة من انعكاسات الأزمة المتفاقمة في حركة المقاومة الإسلامية “حماس” على استقرار القطاع المنكوب.
ففي غزة، حال اقتصادي خانق تواجهه حماس ليس أقل من ذلك الذي يواجهه أهالي القطاع العاطلون عن العمل والمحرومون من الأمل.
وأثار رفع أعلام داعش في مواقع نفوذ عشائر مهمة في غزة، كعشائر حلس وعشائر دغمش، نكاية في حماس، قلقا متزايدا في غزة.
ونقلت وسائل الإعلام المحلية تصريحات غاضبة من القيادي في حماس، غازي حمد، ليس على هذه العشائر وإنما دفاعا عنها.
وقال “يتوجب عدم توجيه الإهانات لهذه العشائر المهمة في غزة، وإنما توجيه الشكر لها على تعزيز التماسك الاجتماعي في ظل الحال الراهن في غزة”.
فيما نفى حمد تصريحات أخرى تتعلق بالموقف من الحصار وموقف حماس من الرئيس محمود عباس.
مشعل يبتعد عن حلف إيران – حزب الله.. والقسام غاضبة
ويشير قياديون في حماس، يتجنبون الكشف عن هوياتهم، إلى أن الأزمة في حماس عنوانها المال كما عنوانها الخلاف السياسي.
وأبرز ملامح الأزمة المتصاعدة، هو ما بين فريق يسير بنصائح الحركة العالمية للإخوان المسلمين ويسعى إلى استفادة حماس من الأجواء الإقليمية، وتحويلها كرصيد سياسي لحركة تقدم نفسها على أنها لاعب سياسي إقليمي.
وزعيم هذا الفريق هو رئيس المكتب السياسي خالد مشعل، بتشجيع من الإخوان ومن اسطنبول، بعدما أوصدت أبواب خزانة المال الإيرانية في وجهه.
وفريق زعيمه محمد ضيف، القائد العام لكتائب القسام، ويقترب منه سياسيون في غزة، أملا بدعمه ومباركته لهم، مثل د. محمود الزهار، وهذا الفريق يرى أن الأولوية تكمن في تعزيز مكانة الحركة عسكريا، والاستمرار في سياسة الحركة، باعتبار غزة “قاعدة متقدمة للمواجهة”.
ويتلقى هذا التيار الدعم المالي والعسكري من طهران، ويعزز علاقاته مع حزب الله لغاية الآن، ويعتبر أن الحركة “ستندم” قريبا على قرار ابتعادها عن محور إيران.
“القسام” تقلص تأثير مشعل والمستوى السياسي
الجناح العسكري لحماس، أخذ بالعمل مؤخرا، بشكل شبه مستقل عن القيادة السياسية لحماس (المكتب السياسي)، وتعتبر كتائب القسام أن الشرعية للحركة هي شرعية مستمدة من القتال ومن النفوذ العسكري على الأرض، وهو ما تتمتع به كتائب القسام في غزة، وليس المكتب السياسي.
ويسود هذا الشعور في أوساط الحركة في غزة، لدرجة يزيد معها القلق من انعكاسات انقسام محتمل بين العسكر والسياسيين، على الأوضاع الداخلية في القطاع.
وكانت مصادر قالت إن نتائج الحرب الأخيرة على غزة قد فتحت باب الخلاف بين الفريقين، حيث حمل العسكر الفشل بتحقيق أهداف تلك الحرب إلى القيادة السياسية.
ويشير شهود عيان في القطاع إلى أن دور كتائب القسام يتصاعد حتى على حساب مؤسسات “الحكومة المقالة” التي كانت تعتمد عليها حماس في حكم غزة.
وبينما يأتمر موظفو الأمن في الحكومة المقالة بتوجيهات رئيس الوزراء المقال إسماعيل هنية، أصبح مقاتلو القسام ينفذون قرارات الاعتقال بحق منافسيهم، من فصائل كفتح وانتهاء بكتائب السلفية الجهادية التي تترعرع في قطاع غزة، بشكل منفصل عن جهاز “الأمن الداخلي” التابع لداخلية حماس.
جناح حماس العسكري: أولوية إيران على تحالفات مشعل
ويهمس قياديون من حماس أن المستوى السياسي لا يتلقى أي دعم مالي من طهران، وأن المساعدات الإيرانية تأتي حصرا لكتائب القسام، وأنهم يخشون لحظة قد تأتي قريبا، يقلص فيها عسكر حماس من تأثير مشعل والمكتب السياسي والسيطرة على مقاليد النفوذ في الحركة من خلال سياسيين تدعمهم “القسام”، لاسيما مع تفاقم الخلاف السياسي على خلفية الأنباء عن تقدم الاتصالات بخصوص هدنة طويلة الأمد مع إسرائيل، مقابل موافقة إسرائيلية على إقامة ممر مائي بين غزة وقبرص التركية.