قرر اقليم كوردستان، القيام باجراء استفتاء في 25 أيلول الحالي، والذي من خلاله يحدد أبناء الإقليم والمناطق المتنازع عليها، البقاء مع العراق او الانفصال عنه وتشكيل دولة مستقلة. وكل المؤشرات كانت تشير الى ان نتائج الاستفتاء يتوقع عن تكون بنعم للاستقلال، ما كانت ستطبق في اليوم التالي، بل كانت نوع من ورقة الضغط. وكان سيلي هذا الاستفتاء مفاوضات طويلة على ارض الواقع. وبالتالي كان على الحكومة العراقية التعامل مع الاستفتاء كتعبير عن الارادة وممارسة حقق من حقوق الناس في اظهار ونشر هذا التعبير. الا ان الحكومة العراقية تعاملت مع قرار الاستفتاء، وكانه سيقلب كل الموازين، وستنشاء نتيجته في الحال دولة مستقلة. فمثلا السيد العبادي ورغم هدؤه الا انه وقع في مطب اتهام ان الاستفتاء غير دستوري وانه لا يتم من خلال مفوضية الانتخابات المستقلة العرقية، متناسيا ان الدولة العراقية تعلم وتتعامل مع مفوضية الانتخابات الخاصة بالاقليم، وان الاستفتاء هو تعبير عن الارادة الشعبية، وبالتالي ان تمت ترجمة نتائجه على ارض الواقع فهي تعني اساسا عدم التعامل مع الدستور العراقي.
ولكن ورغم وضوح هذه الرؤية، اي ان نتائج الاستفتاء لن تطبق حالما تعلن، الا ان بغداد، صعدت سياسيا و اعلاميا من خلال البرلمان العراقي، فمثلا اصدار البرلمان قرار بعدم شرعية الاستفتاء ونتائجه والمبني على اراء مجموعة من النواب المنتمين لمكون قومي واحد وهم العرب. حيث لم يصوت اي نائب كوردستاني عليه. مما يعني وجود شرخ قومي بين المكونات الرئيسية او الكبيرة، ووجود شرخ في اسلوب حل الاشكالات التي كان يمكن توقعها بسبب حداثة الدستور العراقي واليات حل المشاكل وعدم وجود ثراث قانوني غني في هذا المجال. ان مثل هذا القرار وقرار اقالة محافظ كركوك، كان يمكن ان تتأجل الى ما بعد الاستفتاء.
بالامس اعلنت رئاسة اقليم كوردستان، عن قيام ممثلي الدول الكبرى المجتمعين مع الرئيس الاستاذ مسعود البرزاني، بتقديم مقترحات بديلة عن الاستفتاء، ومجرد الاعلان عن ذلك يفهم ان الاقليم كان منفتحا لما تم تقديمه الاقتراحات، الا ان مسارعة مجلس النواب باصدار قراره الخاص باقالة محافظ كركوك، اعادة كل محاولات التعامل مع القضية باعتقادي الى نقطة الصفر. اي الى نقطة الصراع القومي وفرض واقع مغاير رغم ارادة الطرف الاخر. علما ان الجميع يعلم ان قضية كركوك قضية ساخنة وحولها الكثير من النقاشات والمواقف المتضاربة. وان الغالبية العظمى من ابناء الاقليم تعتبر كركوك جزء من الاقليم. علما ان نواب اقليم كوردستان كانوا مقاطعين للجلسة. ويسرنا ايراد الصوت الوحيد الذي عارض اقالة محافظ كركوك وهو النائب جوزيف صليو عن كتلة الوركاء وعن الكوتة المسيحية حيث يقول (( في جلسة اليوم لبرلمان العراقي المنعقدة بتاريخ 14-9-2017. تم طرح اقالة محافظ كركوك على جدول الاعمال للتصويت على اقالته فمن حيث المبدأ استوفت الشروط القانونية و الدستورية. لكن الوحيد من طالب بتأجيل التوصيت على اقالته كنت انا و ذالك من منطلقات ثابتة و مبدئية و هي:
– ممثلي عن الكتل الكوردستانية كانت مقاطعة للجلسة
– اجواء التصعيد الكوردي – العربي بشقيه السني و الشيعي كانت في اوجها
– اقالة محافظ كركوك في هكذا اجواء و بهذا الوقت تحديدا ولد شعورا عند الكورد بان هنالك رغبة حقيقة من قبل الاطراف العربية في سحب المواقع من الكورد و خصوصا ان هنالك وفدا قادم من اربائيلو لحلحلة المور و احتكام الحوار بين اربيل و بغداد.
انا لست كورديا لكن مصلحة الجميع تهمني و اي قطرة دم تراق من ابناء الشعب العراقي عزيزة و غالية علي.))
اذا كانت هنالك اصوات عقلانية، قاربت لب المشكلة وحاولت اضاءة الموقف والدعوة الى العقلانية التي تكاد ان تنفقد في اجواء الانفعال والتحشد القومي.
ان الحكومات العراقية المتعاقبة ما بعد اقرار الدستور العراقي لعام 2005 لم ترغب او تتصدي لوضع الاليات القانونية والدستورية موضع التنفيذ، لمعالجة الاختلافات والمشاكل التي ستقوم بين المركز والاقاليم او المحافظات الغير المرتبطة باقليم والتي ينص عليها الدستور العراقي ومنها المادة 65 التي تنص ((المادة (65):
اولاً يتم انشاء مجلس تشريعي يدعى بـ”مجلس الاتحاد” يضم ممثلين عن الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في أقليم، وينظم تكوينه وشروط العضوية فيه واختصاصاته، وكل ما يتعلق به بقانون يسن بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب. )) ولو كان مثل هذا المجلس قد تم اقراره وصدر قانونه لكانت هناك حلول اخرى واكثر واقعية ولا تستند الى التحشد القومي، والاكثرية العددية التي يشكو منها الكورد، حيث يشعرون ان العرب يفرضون رؤيتهم مستغلين اكثريتهم العددية ولا يراعون المشاركة التي نص عليها الدستور. علما ان الاشوريين الكلدان السريان، يعانون من نفس الحالة في كل من بغداد واربيل حيث تفرض الاكثرية العددية ثقلها وتفرض القوانين التي ترتأيها، دون النظر الى مطالب وحقوق المكونات التي تشاركهم العيش وبناء الوطن.
نقلاعن ایلاف