بعد يوم من توقيف الوزير العراقي السابق عبد الفلاح السوداني في مطار بيروت استناداً إلى مذكرة قبض صادرة عن الشرطة الدولية (إنتربول)، تبرّأ حزب الدعوة الإسلامية من الوزير المدان بالفساد الإداري والمالي والهارب من وجه العدالة.
حزب الدعوة قال إنّ السوداني ليس منه وإنّما من كتلة أخرى. هذا أمر معروف فالسوداني كان في الماضي من قياديي حزب الدعوة لكنّه انشقّ عليه مع آخرين في 2000، وشكّلوا حزب الدعوة – تنظيم العراق. بعد 2003 حتى الآن كان تنظيم العراق حليفاً رئيساً للحزب الأم في في كتلة دولة القانون التي يقودها حزب الدعوة وفي التحالف الوطني، وعلى هذا الأساس حصل على العديد من المناصب الرفيعة في الدولة، بينها وزارة التربية التي تولّاها السوداني في حكومة إبراهيم الجعفري (2005) ووزارة التجارة التي تولّاها السوداني في حكومة نوري المالكي الأولى (2006 – 2010)، وفي 2009 كان مجلس النواب يستجوب السوداني عن قضايا فساد إداري ومالي في وزارة التجارة بعشرات ملايين الدولارات، لكنّه استقال من منصبه وقبل المالكي الاستقالة فيما كان يتعيّن عدم قبولها قبل انتهاء الاستجواب البرلماني، وقد اعتُقِل السوداني بعد ذلك في مطار بغداد أثناء محاولته الفرار إلى خارج البلاد لكن أُطلِق سراحه ونجح في الفرار، في ظروف لم تُكشف حتى الآن تفاصيلها، ما حمل وسائل الإعلام والدوائر السياسية على توجيه الاتّهام إلى حكومة المالكي بالتواطؤ في قضية الفرار.
مِثلُ حزب الدعوة، كان التيار الصدري قد أعلن الاسبوع الماضي براءته من المدير العام السابق للتجهيزات الزراعية في وزارة الزراعة عصام جعفر عليوي المحكوم بالسجن بتهم فساد إداري ومالي بعشرات ملايين الدولارات أيضاً. البراءة الصدرية جاءت بعد الكشف عن فرار عليوي من مركز الشرطة الذي كان معتقلاً فيه ومحاولته الهرب إلى إيران، وتبيّن أن ثمة علاقة ما لهذه المحاولة بقيادي صدري، هو النائب السابق عن كتلة الأحرار جواد الشهيلي الذي سلّمته قيادة التيار الصدري الى وزارة الداخلية للتحقيق في هذا الأمر.
وثائق هيئة النزاهة تشهد بأنّ ثمة الآن العشرات من أوامر القبض أو الاستدعاء من أجل التحقيق صادرة عن الهيئة ومحكمة النزاهة في حقّ وزراء ومدراء ومسؤولين كبار آخرين بتهم الفساد الإداري والمالي. وهؤلاء جميعهم تقريباً من عناصر الأحزاب الحاكمة، فنظام المحاصصة قد حصر تولّي المناصب العليا قاطبة والكثير من المناصب المتوسطة والدنيا بأعضاء هذه الأحزاب ومؤيديها.
كلّ الأحزاب الحاكمة، شيعية وسنية وكردية، لديها عدد وفير من الفاسدين متولّي المناصب في الدولة.
إعلان حزب الدعوة والتيار الصدري البراءة من السوداني وعليوي لن يزكّي الحزبين اللذين كانا، وما زالا، من أركان نظام المحاصصة الذي وفّر البيئة المناسبة لتفشّي الفساد الإداري والمالي على نحو فلكي. إعلان البراءة لن يفيد الشعب العراقي في شيء .. ما يفيده أن يجري اجتثاث الفساد من عروقه، ونظام المحاصصة والنظام الانتخابي غير العادل المعمول به ومفوضية الانتخابات غير المستقلة، هي جميعاً من العروق الرئيسة للفساد.
نقلاعن العربیه