زمتنا مع قطر كشفت كثيرًا من المعلومات والحقائق التي كانت قبل الأزمة مخبأة مجاملة لقطر، أو بلغة أدق كانت دول الخليج تسكت عنها بسبب الجار الشقيق، والعضو في مجلس التعاون الخليجي. الأزمة أظهرت الحقائق للجميع، ووجهت إصبع الاتهام إلى قطر بتبني ودعم الإرهاب.
فضائية «سكاي نيوز عربية» بثت فيلمًا وثائقيًا، بالدلائل، والشهود، يثبت أن هجمات منهاتن الشهيرة في 11 – 9 – 2001 كانت قطر وراءها، وكان العقل المدبر لها إرهابي باكستاني ولد في الكويت من أبوين باكستانيين، ودرس الهندسة الكهربائية في الولايات المتحدة، اسمه (خالد شيخ محمد) وكان يعمل في قطر، أما العقل الممول لهذه العملية الشيطانية الإرهابية، فقد كان عضوًا في الأسرة الحاكمة القطرية، شغل منصب وزير الأوقاف قبل انقلاب حمد على أبيه، وشارك في التخطيط للانقلاب، وعينه حمد بعد نجاح الانقلاب أولاً وزير دولة للشؤون الداخلية، ثم وزيرًا للداخلية، واسم هذا الوزير «عبدالله بن خالد آل ثاني، وقد ظل عبدالله هذا في منصبه إلى عام 2013، وبعد أن تنازل الأمير الأب لولده تميم تم إعفاؤه.
الفيلم الوثائقي الذي بثته قناة سكاي نيوز عربية يحمل اسم (الطريق إلى منهاتن)، والفيلم موثق، ومعد بحرفية، بالشكل الذي جعله بما لا يدع مجالاً للشك، أن الباكستاني خالد شيخ محمد والقطري عبدالله بن خالد آل ثاني هما المسؤولان عن التخطيط للفكرة وتمويلها وتنفيذها، أما التسعة عشر الذين شاركوا في العملية، أو كما سماها الصحويون (بغزوة منهاتن) فليسوا إلا أعضاء ملوثين بالأيديولوجيا الإرهابية المتأسلمة، وهم مجرد بيادق لا أكثر ولا أقل في العملية. خالد شيخ محمد تم القبض عليه في باكستان، وسلم للسلطات الأمريكية، وأما زميله عبدالله بن خالد آل ثاني فما زال يعيش في قطر، ويتحرك بحرية، ويستضيف في مزرعته في الدوحة أكثر من مائة إرهابي مجرم على مرأى من السلطات القطرية، التي فيما لو وجهت له أي تهمة في هذه القضية بالذات لأصبحت قطر بقضها وقضيضها مسؤولة مسؤولية مباشرة عن تلك العملية، التي ما زالت أصداؤها ملء السمع والبصر حتى الآن.
والسؤال الذي سيطرحه كثيرون بعد بث هذا الفيلم الموثق: طالما أن قطر الرسمية ممثلة في وزير داخليتها ضالعة في القضية إلى هذه الدرجة، ولدى الحكومة الأمريكية كل تلك المعلومات والوثائق والمؤشرات التي يسند بعضها بعضًا التي ترقى بها في المحصلة النهائية إلى القطع واليقين، فلماذا لا تحاسب قطر، وتوضع في بؤورة الاتهام؟
هنا يجب ملاحظة أن اكتمال هذه القضية، واتضاح أن قطر الرسمية مسؤولة عنها، كان في عهد الرئيس (الآفل) باراك أوباما، ومعروف عن هذا الرئيس أن لديه أجندة تغيير في المنطقة، من شأنها تمكين ما كان يسميه (الإسلام المعتدل)، لذلك فقد استغل الإخوان المسلمين ودعمهم ومهد لهم السبل للوصول إلى السلطة، ورأى في تقديري أن كشف ضلوع قطر في تلك القضية، سيعيق تنفيذ هذه الأجندة، الأمر الذي جعله يستغل البندقية المتأسلمة، لتوجه فوهتها إلى الأنظمة الحاكمة، بدلاً من أن توجه إلى غير المسلمين، أو (الكفار) كما يسميهم السلفيون الجهاديون، رأينا هذا جليًا في تونس وفي مصر وفي ليبيا، الذي دعم تلك الثورات بوضوح البيت الأبيض، لكن تلك الثورات فشلت فشلاً ذريعًا، وانتقل الإرهاب إلى عمق الغرب، بدلاً من محاصرته في المنطقة العربية كما كان يُخطط أوباما. وعندما انتهت فترة حكم أوباما وتولى الرئيس دونالد ترامب السلطة، كان من أوائل الإجراءات التي تبناها كهدف إستراتيجي لسياسته، الحرب على الإرهاب، وتوجيه الاتهام إلى قطر كراعية أولى، وممولة، وداعمة للإرهاب. وفي تقديري أن الأشهر القليلة القادمة ستشهد كثيرًا من الفضائح المدعمة بالوثائق التي تثبت للجميع أن قطر بؤرة الإرهاب الأولى وممولته، كما لا مفر من تحميل رحم الإرهاب الأيديولوجي (جماعة الإخوان المسلمين) مسؤولية ثقافة تدميرية دموية كانت وكان أساطينها بمنزلة الملهم الفكري للإرهابيين بمختلف مسمياتهم.
نقلاعن العربیه