تصاغ القوانين في العالم لسير الحياة ومنع تصادم البشر مع بعضهم البعض، علم العدل يرتفع في الدول كلما فرضت قوانين تحميهم من الظلم. الدولة التي تطبق القوانين ليس لأنها شريعة الله فقط بل العدل أولاً ثم شريعة الله كما فضل الله فالدولة غير المسلمة والتي تطبق العدل خيرٌ من دولة مسلمة لا تطبق العدل. فقد رفعت الجلسة في كل محاضر التقاليد وحقيقة التقاليد ليست هي من تحقق العدل والأمان الحسي للمجتمعات والأوطان.
عالمياً في هذه البقعة من الكرة الأرضية لا يوجد قانون يحمي المرأة من التحرش، ففي المجتمعات التي تقوي الذكور على المرأة تجدهم ينظرون لهذه المخلوقة بأنها تجر الجريمة معها فتُرجم بوابلٍ من التهم والقذف وتُرمى بأسوء الظنون كي لا تعيش حرة العقل مستقلة عن أي تسلُّط، من حقها أن تعيش تحت مظلة قانون يحميها من كل هذا، وإن قرع مطرقة قانون التحرش على طاولة المحاماة يقي المجتمع لحظات من السكون ويقع في قلب المتحرش رادع يمنعه ليتَّعِظ من المحاكمة بهذا القانون، عدم وجوده خلق فوضًى عارمة في مجتمع دينيًّ محافظ صرَّح لهم بالتحرش ولم يكتفِ أولئك الذكور في التحرش بالنساء فحسب بل وصل بهم الأمر إلى التحرش بالأطفال، وقد أصبح تمادي المتحرشين في المجتمعات الإسلامية أمراً شائعاً ومستفزاً وهذا ليس بمستغربٍ على سلوك الذكر بحكم جرأته ومجاهرته في ارتكاب التحرشات فهو مستمرٌّ في قتل براءة الأطفال وتدمير نفسية المرأة.
القضية المخيفة أن المرأة تُعامل مثل قصة ليلى التي تتنزه وحولها الذئاب فإن خرجت ليلى فلا تلومنَّ إلّا نفسها وإذا حل بها مكروه من الذئاب البشرية تُصبح القضية هنا قضيتان أولهما هو خروجها وثانيهما أنها فتنة، واتضح بشدة أن اللون الأسود لا يقيها التحرش بعد كل هذه النزاهة والعفة من ذكورنا المحصنين، باختصار طويل استطعنا أن نقول لبلدان العالم بأن مشكلتنا مع المرأة هي الإغواء فلا يستطيع شبابنا الجائعين تحمل مشاهدة حتى أكياساً سوداءَ لأنها تثيرهم وبكامل الشكر وأشد الخجل تم توصيل المعلومة لهم بنجاح.
تبرير التحرش هو الذي يُبطل مفهوم القانون ثم إن عزل الجنسين عن بعضهما البعض ولَّدَ لدى البعض فضولاً وشهوةً حيوانيةً تمادت ليس فقط من التحرش بالنساء لفظياً وجنسيًّا بل وصل بهم الأمر إلى التحرش جنسياً في الأطفال، ورغم كل ما يفعله المتحرِّش يظل المجتمع يلمّع اسمه بدءًا من مقولة الرجل لا يعيبه شيء، أما المرأة كما قيل عنها ونعتها داعية رضي الله عنه أنها عار فكيف هذا إذاً هذا العار الذي زُرع في مخيلته إن خرجت لوحدها فهي شهيَّة في عقولهم الضحلة! ولكن مقولة المفكر علي شريعتي أدمنت حقيقة المجتمعات المكبوتة حين قال دفاعاً عن المرأة :” المرأة مهما تستَّرت ستبقى في ذهن الرجل الحقير عارية”.
لم يخترق قانون التحرش القوانين الإلهية حتى يكون هنالك علَّة في عدم تفعيله ولم يتعارض مع الأديان الأخرى كي يُمنع من العمل به فكل الدول الإسلامية تطبق هذا الحق لينصف المرأة التي هي نصف المجتمع ولكي يهلو الطفل في أمان بعد تقييد المتحرش عنه بهذا القانون، لكنه يرفض تقوية المرأة أمام الرجل إذا أذنب وضُرب بسياطِ هذا القانون أمام القضاة، فالمشرِّع الأول العقل وهل يعاقب المتحرش بقانون مخفف وذلك بالتوقيف لساعات ثم انتهى الأمر!! فليس من الضرورة أن يكون القاضي رجل دين فالقاضي والمشرع لهذا القانون هم أهل القانون وينبغي أن يجري استئصال التقاليد عن قوانين حركة الحياة حتى نستطيع تحديث المجتمعات المنساقة نحو التقاليد وتطعَّم بأدلجة التقاليد.
نقلاعن ایلاف