كشف رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي أسرارًا لم تعرف من قبل عن عملية إعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسين وملابساتها مؤكدًا أنه أصر على تنفيذ الاعدام في اليوم نفسه الذي كان سيتم فيه نقله الى خارج البلاد مقرًا بأن الكثيرين الذين كانوا يحيطون به كانوا مرعوبين من ذلك.
إيلاف من لندن: لمناسبة مرور عشرة أعوام على تنفيذ حكم الاعدام بالرئيس العراقي السابق صدام حسين في 30 ديسمبر عام 2006 والذي صادف اول ايام عيد الاضحى انذاك قال نائب الرئيس العراقي نوري المالكي رئيس الوزراء انذاك والذي وقع على قرار تنفيذ الاعدام انه هدد الاميركان الذين رفضوا تسليم صدام الى السلطات العراقية بانه سيقتحم سجنه بقوة عسكرية ويأخذه عنوة.
الأميركيون طلبوا تأجيل الاعدام 15 يوما
وقال المالكي في كلمة له خلال حديث عرضته قناة حزب الدعوة الذي يتزعمه “آفاق” امس وتابعته “إيلاف” انه كان مدركا بشكل جيد لما اسماها بالمؤامرة التي كانت تحاك حول قضية صدام .. واشار الى ان الكثيرين قالوا ان المالكي لايريد اعدام صدام وانما الرئيس الاميركي الاسبق جورج بوش هو الذي امر باعدامه.
لكن المالكي اكد ان القضية ليست كذلك وانما ان الجانب الاميركي طلب تأجيل الاعدام 15 يوما “فقلت لهم ابدا.. يجب ان يعدم اليوم فقالوا امهلنا الى مابعد العيد فأجبت لابد ان يعدم قبل ان تطلع شمس نهار العيد”.
وشدد المالكي الذي بدأ في طهران اليوم الاحد مباحثات مع المسؤولين الايرانيين على انه كان مدركا “برغم ان الكثير من الاخوان من خلفي كانوا في خوف وهلع شديدين من عملية الاعدام فقلت لبعضهم هامسا: اذا لم نعدمه اليوم في الليل فسيخرجونه من العراق”.
واضاف ان حدسه كان صائبا حيث تم الكشف مؤخرا عن اتفاق بين قطر ومجلس الامن الدولي على ان يصدر المجلس قرارا بالطعن في قانونية المحكمة الجنائية العليا التي حاكمت صدام ثم يتم نقله الى خارج العراق حتى يستعدوا لجولات جديدة بأعتبار انه رمز البعث لذلك كان اصرارنا كبيرا برغم اننا واجهنا تحديات كثيرة من هيئة الرئاسة العراقية “في اشارة الى رفض الرئيس السابق جلال طالباني التوقيع على قرار الاعدام” والاخرين الذين رفضوا توقيع الاعدام وبينهم وزير العدل الذي هرب من التوقيع اضافة الى البعض الذين ابلغوه بأنهم يخشون ان يكون الاعدام عملا خاطئا بحسب قوله.
تهديد بانتزاع صدام من الاميركيين بالقوة
واشار المالكي قائلا “لكن بحمد الله كانت عندي رؤية وحدس من عدم الاعدام .. وفعلا تم الكشف مؤخرا ان المخطط كان بفضل اموال ضخمة مدفوعة يقضي بتهريب صدام من العراق .. وهذه هي قصة اعدامه الحقيقية فلم يكن هناك اي امر من الخارج بأعدامه .. حتى اني ابلغت الاميركان الذين كان صدام محتجزا في سجنهم وليس في سجن عراقي: اذا لم تسلموه الينا الليلة وكانت الساعة هي الثالثة بعد منتصف الليل سأقود قوة عسكرية واذهب الى السجن واخرجه منه بالقوة حتى اذا تطلب الامر الصدام مع الاميركان .. فتراجعوا عن موقفهم وسلموه الى السلطات العراقية”.
واكد المالكي الذي حكم العراق بين عامي 2006 و2014 قائلا “لقد انتزعنا صدام من كل الارادات التي كانت تتآمر لانقاذه .. ليس لان صدام مهما وليس لان اعدامه سيعوضنا عن دماء الشهداء من اهلنا وابناءنا وعلماءنا من الصدريين وال الحكيم وال بحر العلوم وغيرهم ولكن لتنفيذ حكم الشعب”.
القاء نظرة على جثة صدام لمدة نصف دقيقة
واوضح انه بعد تنفيذ الاعدام بصدام في تلك الليلة في الثلاثين من ديسمبر 2006 جلبوا جثته الى قرب منزله فطلب البعض منه القاء نظرة عليها .. واستطرد بالقول “ذهبت لنصف دقيقة فتم فتح باب سيارة الاسعاف التي كانت تقل الجثة فالقيت عليها نظرة سريعة فقلت: ماذا ينفعني اعدامك هل يعيد لنا الصدر (اية الله محمد باقر الصدر الذي اعدمه صدام عام 1980 وهو مؤسس حزب الدعوة الذي يتزعمه المالكي حاليا) او ان يعيد لنا بقية الشهداء.. ثم غادرت المكان”.
فيديو توقيع المالكي على اعدام صدام ولحظات التنفيذ:
هتف ضد الاميركيين والاسرائيليين والايرانيين
وقبل عشر سنوات وفي 30 ديسمبر عام 2006 تحديدًا أعدم الرئيس العراقي السابق شنقًا بعد ثلاث سنوات على أسره وهو يهتف معبرا عن كراهيته للأميركيين والإيرانيين. وكشف تسجيل فيديو انتشر على الإنترنت اللحظات الأخيرة من حياة صدام في ثكنة تابعة للمخابرات العسكرية ويظهر وهو يرتدي معطفًا اسود ورأسه مغطى.
وسُمعت شتائم وهتافات بينها “يحيا الإمام محمد باقر الصدر” .. و”مقتدى مقتدى” في إشارة إلى المرجع الشيعي الصدر الذي اعدم في عهده وابن اخيه الصدر الثاني والد مقتدى الذي يتزعم منذ عام 2003 التيار الصدري الشيعي. وقد اجاب صدام اصحاب الهتافات متسائلا “هل هذه تصرفت رجال؟”.
لم يشعر بالخوف
وقال المستشار السابق للامن الوطني موفق الربيعي “لم أر أي شيء يدل على شعوره بالخوف”.. وأضاف الربيعي – الذي حضر الإعدام واحتفظ بالحبل الذي شنق به الرئيس السابق “صدام حسين كان يقول الموت لأميركا الموت لإسرائيل عاشت فلسطين.. الموت للفرس المجوس”.
وبدأ صدام حسين يتلو آيات من القرآن عندما نفذ الحكم وفي الساعة السادسة صباحا أُعلن موت الرجل الذي حكم العراق من 1979 حتى سقوط بغداد بيد الجيش الأميركي في التاسع من أبريل عام 2003 بعد تهشم عنقه.
وأثارت عملية الإعدام التي وصفت بـ”القاسية” كما قالت وكالة الصحافية الفرنسية والتي يؤكِّد الأميركيون أنَّهم لم يشاركوا فيها صدمة لدى السنة واستياءً دوليًّا باستثناء اسرائيل وإيران.
وكانت محكمة عراقية خاصة حكمت بالإعدام في ختام محاكمة كان يفترض أن تشككل رمزا للعراق الجديد ولم يكف صدام حسين عن التأكيد على عدم شرعية المحكمة طوال محاكمته من أكتوبر عام 2005 الى يوليو عام 2006.
قبضنا عليه
وغداة إعدامه دفن صدام حسين في مسقط رأسه قرية العوجة بالقرب من تكريت (160 كيلو مترًا شمال بغداد) إلى جانب ابنيه عدي وقصي ونجله علي الذين قتلهم الجيش الأميركي في الموصل في يوليو عام 2003.
وبالقرب من تكريت أيضًا اعتقلت القوات الأميركية صدام حسين في 13 ديسمبر عام 2003 في ليلة بعد مطارته لثمانية أشهر وعثر بالقرب من المكان على رشاشي كلاشنيكوف و750 ألف دولار نقدًا. وكان متواريًّا في مخبأ تحت الأرض – مزود بجهاز تهوية – أقيم تحت شجرة نخيل بالقرب من بيت قديم وأمام هذه المزرعة لوحة كتب عليها بالإنجليزية “ليحمي الله بيتنا” مع صور تمثل العشاء الأخير ومريم العذراء.
وقال صدام حسين – بالإنجليزية للجنود الذين أسروه “أنا صدام حسين.. أنا رئيس العراق .. أريد التفاوض” كما كشف أحد القادة الأميركيين. وقد عثرت عليه واشنطن التي خصصت 25 مليون دولار مكافأة لمن يساعد على أسره، بفضل توقيف قريب منه حيث شارك 600 جندي في عملية اعتقاله التي سميت “الفجر الأحمر” وهو عنوان فيلم أميركي ضد الشيوعية أنتج في عام 1984. وفي اليوم التالي أعلن الحاكم المدني للعراق بول بريمر في بغداد مع ابتسامة عريضة “قبضنا عليه”.
نقلاعن ایلاف