مصافحة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف مع الرئيس الأمريكي أوباما في 29 سبتمر أثناء انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، كما أعلن تمت بالصدفة ودون تخطيط مسبق إلا أن ذلك أثار ضجة وجدلاً ونقداً واسعاً من قبل المحافظين الذين وجدوا الفرصة للاحتجاج وإبداء رد فعل قوي بهذا الخصوص.
لقد استند الأصوليون المتشددون استندوا دون أدنى شك إلى مقولة المرشد الأعلى للنظام ألذي كان قد أكد أن نظامه تفاوض مع الأمريكان حول الملف النووي فقط ولن يتفاوض أو يتصل بهم أكثر من هذا. واعتبر المتشددون أن ظريف صافح اليد الملطخة بدماء الإيرانيين تمهيدا لتواجد العدو (أمريكا) في إيران بغية التجسس.
وإثر هذه الضغوط والمعارضات اضطر وزير الخارجية إلی أن يحضر في 13 أكتوبر اجتماعاً للجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بمجلس الشورى لتقديم إيضاحات للنواب حول مصافحته مع أوباما.
وحول هذه الجلسة أوضح المتحدث باسم اللجنة النائب نوذر شفيعي في مقابلة مع الوكالة الرسمية للأنباء قائلاً: سأل أحمد علي مقيمي مندوب مدينة بهشهر ونكا في المجلس، إنك ممثل الشعب الإيراني وقد صافحته باسم الشعب الإيراني، لماذا قمت بذلك؟ فرد عليه ظريف بالقول إن رؤساء الجمهورية يتركون المنصة بعد إلقاء كلماتهم وهذا ما فعله الرئيس الأمريكي أيضا، إلا أنه بعد أن عبر من جانبي عاد وصافحني وأنا رددت عليه التحية طبقا للأداب الإسلامية، وكل ذلك تم بالصدفة ولم تطل أكثر من دقيقة حيث قال لي أوباما إنه تحملنا الكثير من أجل التوصل للاتفاق النووي لذا ينبغي أن نسعى لتنفيذه.
وأضاف ظريف: ولكن يبدو أن أوباما لم يكن يقصد مصافحتي، وهو في واقع الأمر كان خطط لمصافحة الرئيس روحاني إلا أن الفرصة لم تتوفر له.
وعلق عضو «تكتل جبهة الصمود» المتشددة في البرلمان النائب حميد رسائي حول مصافحة ظريف لأوباما بالقول: «لماذا لم يغير ظريف طريقه حتى لا يضع يده في اليد الملطخة بدماء الشعب الإيراني وسائر الشعوب».
هذا ووصف المتحدث باسم السلطة القضائية غلام حسين محسني إيجئي وصف المصافحة تلويحا بمثابة التمهيد لحضور العدو في البلاد للقيام بالتجسس.
وبعد تصاعد الهجمات والانتقادات ضده قال ظريف في مقابلة مع أسبوعية “نيويوركر” إنه صافح الرئيس أوباما بالصدفة في ختام كلمة الرئيس الأمريكي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة ولدى خروجه من الجلسة حيث عاد والتقی الاثنان بالصدفة وتصافحا مضيفا أن أي عمل يقوم به يكلفه الكثير في داخل إيران.
قبل عامين أثارت محادثة هاتفية بين الرئيس الإيراني والأمريكي أثناء اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة ضجة كبيرة في إيران وقف وراءها المتشددون وقد وصفها القائد العام للحرس الثوري بالغلطة التكتيكية.
يذكر أن العلاقات بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والولايات المتحدة الأمريكية مقطوعة منذ ثورة عام 1979 الأمر الذي حوّل المصافحة بين ظريف والرئيس الأمريكي إلى سابقة.
وفي مقابلة نيويوركر الأمريكية مع ظريف والتي نشرت في 6 أكتوبر ردا على سؤال: «هل كنت تعرف أن أوباما ينوي التوجه إليك لإلقاء التحية والمصافحة»؟ قال وزير الخارجية الإيراني:” كلا. فليس من العرف مصافحة رئيس دولة لوزير خارجية، بل إن الإعداد لذلك يعد إهانة لرئيس الدولة. كان أوباما قد فرغ من خطابه في الجمعية العامة قبل ساعتين، ولم نتوقع أن يعود إلى قاعة الاجتماع، وتصادف خروجي منها مع عودته إليها لسبب أجهله، كان الأمر محض مصادفة.”
وردا على سؤال الصحيفة: «هل ستترتب عليك عواقب نتيجة لهذه المصافحة في إيران؟” قال ظريف :” لقد واجهت عواقب بالفعل، وهذا يتكرر كلما قمت بعمل ما، لذا بات الأمر اعتيادياً.
وردا على : «لماذا لم يرغب الرئيس حسن روحاني في مقابلة الرئيس أوباما؟ أكد لنا مسؤولون في البيت الأبيض أنهم كانوا يسعون لإنجاح هذا اللقاء». قال وزير الخارجية الإيراني: «لأن جدول أعمالنا الحالي في الأولوية هو تطبيق نصوص الاتفاقية، ولا حاجة للقيام بما يمكن أن يعقد ذلك. ما يهمنا هو الجوهر وليس المظهر، وأعني بذلك الصور التذكارية».
وحول مستقبل العلاقات بين طهران وواشنطن قال ظريف لو تم تطبيق الاتفاقية النووية بشكل جيد ستأتي الفرص الملائمة لبناء الثقة، الأمر الذي يساعدنا على حل سائر القضايا الخلافية.
ومن بين الذين تهجموا على ظريف كانت تصريحات وتهديدات قائد قوات البسيج محمد رضا نقدي مثيرة للسخرية حيث قال: «إن العدو يظن أن قيم الثورة ستضعف بموازاة شيخوخة جيل الثورة ولكن القائد قال يجب أن نقوم بعمل يقوي الثورة أكثر من السابق وعلى الجيل القادم أن يقدم على ذلك».
وأضاف نقدي خلال كلمة له في الاجتماع السنوي لتعبئة الطلاب في فرقة عاشورا لدى إشارته إلى كلمة الرئيس الأمريكي في الجمعية العامة للأمم المتحدة : «إنه يطالبنا بالتوقف عن إطلاق شعار الموت لأمريكا وفي الواقع العدو يتخبط بهدف إطفاء شعلة الوعي».
وأردف يقول: علينا ألا نفرح لرسالة تهنئة أوباما بمناسبة عيد النوروز ومصافحته، لأن الرئيس الأمريكي مستعد لمصافحة حارس بوابة وزارة الخارجية ليثبت أن المسؤولين الإيرانيين مستعدون للتراجع عن مواقفهم الثورية.