جرائم الثورة الإيرانية فى غنى عن التعريف ، فبين سكاكين المحكمة الثورة ، وحزب الجمهورية الإسلامية، وميليشيات حزب الله، التى تحولت إلى الحرس الثورى بعد ذلك، أدوات القتل الثلاثة التى أسسها الخمينى فى بدايات إنتصار الثورة الإسلامية وبعد عودته إلى طهران مباشرة سنة 1979 سقط آلاف الضحايا، من يساريين وليبراليين، من أنصار وخصوم، و طوى أمرهم النسيان وضاعت ذكراهم، كما ضاعت ذكرى مليون قتيل سقطوا فى الحرب التى دفع إليها الخمينى العراق، كل ذلك ضاع وطواه النسيان سريعاً، فمن جريمة إلى جريمة لم يعد العالم يعرف، أى جريمة إيرانية إسلامية يتذكر، إلا أم الجرائم التى تسربت أخبارها على النت أخيراً بعنوان ( إبادة جيل ) عن مذبحة مجاهدى خلق واليساريين سنة 1988، فمن يدخل عالم الأنترنت لايخرج منه أبداً؟
القصة سريعاً كالآتى، مرعبة مع ذلك، فى صيف عام 1988 أصدر الخمينى فتوى بإعدام كل المسجونين السياسيين من أعضاء جماعة مجاهدى خلق الإسلامية اليسارية، واليساريين العلمانيين أيضاً، بحجة خيانة المجموعة الأولى، وكفر وإرتداد المجموعة الثانية، كانت الحجة هى الحرب العراقية أيضاً، وكما حدث فى بدايتها من تصفيات، حدث فى نهايتها أيضاً، ولكن بشكل مرعب هذه المرة، كانت الحجة هى الهجوم الذى شنته جماعة مجاهدى خلق على الحدود الشمالية الغربية لإيران فى نهايات الحرب العراقية، ولذا فقد قرر الخمينى الإنتقام بإعدام المسجونين منهم، وأصدر فتواه الشهيرة، وشكل لجنة عرفت بإسم لجنة الموت للإشراف على التنفيذ، كان من أعضائها شباب الثورة المخلصين والمطيعين للخمينى طاعةً عمياء، حوالى ستة عشر شاباً، مازال بعضهم على قيد الحياة، من أشهرهم على خامنئى المرشد الحالى، وحسن روحانى الرئيس الحالى، مصطفى بور محمد وزير العدل الحالى، ثلاثة مجرمين من طراز هولاكو وجنكيز خان، هم حكام الدولة الإيرانية اليوم .
وبدأ التنفيذ فى سجن جوهر دشت وسجن إيفين بطهران بشكل خاص، وسجون أخرى فى الأقاليم، وإستدعى المسجونيين للتحقيق لمدة دقيقة أو دقيقين، على نحو ماكان يحدث فى محاكم التفتيش فى القرون الوسطى، فمن لم يستطع أن يثبت للمحقق أنه تاب إلى الله وإستغفر، قيد فوراً إلى المشنقة الفارسية المعذبة الشهيرة والتى نصبت فى ستة صفوف، يرفع عليها الضحايا بالتتابع، حتى يظلون فى عذاب لنحو ربع ساعة قبل أن يسلموا أرواحهم إلى خالقم، وتمضى القصة وتقول أن ذلك قد إستغرق نحو شهر أخذت فيه أرواح حوالى ثلاثين ألف إنسان برئ من مسجونى الرأى والعقيدة، وقصة أخرى تقول بل ثلاثة أشهر بدأت فى صيف 1988 وإنتهت فى نهايته، وأن الجلادين عندما شعروا بالإرهاق طلبوا أن تتم باقى الإعدامات بالرصاص، فحجز الضحايا فى زنازينهم، ومنعت عنهم وسائل الإتصال بالعالم الخارجى تماما، وفى لحظة من ليل أو نهار أنهال عليهم الرصاص من كل جانب حتى قضى على بقيتهم، ثم دفن الجميع فى مقبرة جماعية بطهران تسمى مقبرة خاوران، دون إشعار ذويهم عن مصائرهم ولاأماكن دفنهم، لولا أن ساق القدر حادث مفاجئ لم يكن فى الحسبان!
كان أحد رجال الخمينى ، نائبه تقريباً، ,إسمه آية الله حسين منتظرى، قد إعترض على المذبحة وأرسل بخطابى إحتجاج إلى الخمينى قال فيها أن هؤلاء مساجين سياسيين، وقد حكم عليهم وإنتهى الأمر وهم الآن ينفذون العقوبة ولم يرتكبوا جرائم أخرى يستحقون عليها الموت، فأرسل له الخمينى أعضاء لجنة الموت المجرمين كاملة فى محاولة لإقناعه، لكن رفض حجتهم، فكان مصيره الإهانة والإقامة الجبرية حتى وفاته سنة 2009، لكن القصة لم تنتهى بوفاته، فقد كان قد سجل لقائه بأعضاء لجنة الموت تسجيلاً صوتياً وعهد به إلى إبنه رجل الدين الشيعى، أحمد منتظرى، فاحتفظ به أحمد منتظرى لنحو ثلاثين عام حتى أفرج عنه أخيراً، وقام بنشره على النت بعنوان (إبادة جيل) حيث بدا الجدل فى التسجيل بين آية الله حسين منتظرى وأعضاء لجنة الموت ورفضه لحججهم واضحاً تماماً، إبادة جماعية بكل معنى الكلمة، تستحق تحقيقاً دولياً، ليس فقط لكى ينال الجناة عقابهم، خامنئى وروحانى ومصطفى بور، ولكن أيضاً لكى يعرف العالم، هل هى حقيقة أم خيال، وهل دولة الملالى هى دولة بشر أم دولة شياطين، و الأهم، لكى نرد لهؤلاء الضحايا إعتبارهم، ونعرف أسمائهم، وعنوانهم الأخير!!!
نقلاً عن الحوار المتمدن