يترقب الاتحاد الأوروبي بتخوف، الدورة الأولى من انتخابات الرئاسة الفرنسية تحسباً لـ «انتفاضة» الناخبين ومفاجآت غير سارة يحققها أحد النقيضين: زعيمة الجبهة الوطنية مارين لوبن أو مرشح «فرنسا التي لا تخضع» زعيم أقصى اليسار جان لوك ميلانشون.
كلاهما، إذا فاز بفرصة خوض الدورة الثانية، سيكون بمثابة زلزال سياسي سيهز اتحاداً يعاني الأمرّين في مواجهة أزمات متعددة، مستعصية ومتزامنة، من تدفق اللاجئين وتنامي التيارات الشعوبية إلى خروج بريطانيا، مروراً بأخطار الإرهاب التي تحولت بعد اعتداء الشانزيليزيه مساء الخميس، إلى أحد المعطيات الأساسية التي تحدد خيار الناخب.
وعلى رغم ميل مؤسسات الاستطلاع وأوساط المال والإعلام إلى كلا المرشحين عن اليمين المحافظ فرانسوا فيون ومرشح الوسط المستقل مانويل ماكرون، فإن الأوساط الأوروبية تخشى من مفاجأة «انتفاضة» الناخبين في الأرياف والمدن الصغيرة والضواحي الشعبية والذين يصنفون ضمن المتضررين من العولمة، أسوة بالغالبية التي صوتت في بريطانيا لمصلحة خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي أو في الولايات المتحدة لفائدة الرئيس دونالد ترمب.
واستبقت المفوضية الأوروبية نتائج مساء الأحد بالتأكيد أن «المشروع الاندماجي الأوروبي يتواصل ولو فاز المشككون» في إشارة الى لوبن. ويمثل البيان رسالة طمأنة للرأي العام وأوساط المال والأعمال حول استمرارية مشروع العملة الواحدة، رغم الجدل الذي يشق الحملة الانتخابية في فرنسا.
وقال مسؤول بارز في الاتحاد الأوروبي لـ «الحياة» «إن دراسات عدة أثبتت تمسك الناخبين في أقصى اليمين في فرنسا وهولندا وألمانيا بالعملة الواحدة اليورو، وهو ما دفع عدداً من السياسيين في اليمين المحافظ وأقصى اليمين إلى إيجاد صيغ مراوغة لإخفاء فشلهم في إقناع الناخبين بفكرة التخلي عن العملة الواحدة واستعادة العملات الوطنية، هذا إضافة الى التداعيات الأمنية الناجمة عن أزمة اللاجئين والإرهاب».
وتعد زعيمة الجبهة الوطنية في فرنسا الناخبين بأنها، إذا فازت بالرئاسة، ستخرج البلاد من اليورو وتستعيد الفرنك الفرنسي، وتستعيد السيطرة على الحدود من خلال تعليق معاهدات حرية التنقل الأوروبية. لكن لوبن تعرف نتائج دراسات عدة حول العواقب السلبية التي ستحلّ على الاقتصاد وسوق العمل في فرنسا نتيجة خيار الخروج من منطقة عملة يورو.
وتفردت لوبن بين مرشحي الرئاسة في إعلان عزمها على تنظيم استفتاء حول عضوية بلادها في الاتحاد الأوروبي. واعتبر خبراء أوروبيون أن لجوءها إلى فكرة الاستفتاء هدفه «البحث عن مخرج من المأزق الذي قد تضع البلاد فيه».
كذلك أحرز ميلانشون تقدماً ملحوظاً في الأسبوعين الأخيرين من الحملة، ما دفعه إلى تعديل خطابه إزاء عملة يورو والسياسات المشتركة التي يقودها الاتحاد. وتخلى في حوار تلفزيوني مساء الخميس عن فكرة التخلي عن العملة الواحدة وشدد في المقابل على معاودة التفاوض مع الشركاء الأوروبيين من أجل وقف سياسة التقشف وسحب صلاحيات التحكم في استقرار الأسعار من البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت.
وأمام تراجع رصيد ممثل الحزب الاشتراكي، لم يتردد ميلانشون عن المفاخرة بأنه «يسير في خطى الرئيس (فرنسوا) ميتران» الذي كان أحد مهندسي الاتحاد الاقتصادي والنقدي مع المستشار الأسبق هلموت كوهل ورئيس المفوضية جاك ديلور في 1992.
التقارب مع موسكو
ولأسباب سياسية وايديولوجية مختلفة، تلتقي مواقف كل من مرشحة أقصى اليمين لوبن واليمين المحافظ (حزب الجمهوريين) فرانسوا فيون ومرشح أقصى اليسار جان لوك ميلانشون في مناهضة الموقف المشترك بين دول الاتحاد الأوروبي تجاه موسكو حيث فرضت بالإجماع، منذ منتصف 2014، عقوبات ضد روسيا رداً على ضمها شبه جزيرة القرم وكذلك دعمها الانفصاليين في شرق اوكرانيا.
كما يلتقي المرشحون الثلاثة، بدرجات متفاوتة، في الدعوة الى التقارب مع موسكو من أجل دعم النظام السوري في أولوية الحرب ضد تنظيم «داعش».
وتزامناً مع الانتخابات في فرنسا المجاورة، ضاعفت السلطات البلجيكية القدرات الأمنية من أجل تعزيز أمن المؤسسات الحساسة والاتحاد الأوروبي. ولوحظ نشر تعزيزات أمنية مدعومة بآليات القوات المسلحة لحماية مراكز الاقتراع (11) التي يقصدها الفرنسيون المقيمون في بلجيكا. ويقيم في بلجيكا أكثر من 200 ألف فرنسي، 91 ألفاً منهم سجلوا في لوائح الناخبين.
نقلاعن ایلاف