كلما ضعفت مواقع الاحتكارات النفطية في البلدان النامية، وتقلصت السيطرة الرأسمالية على الثروات.
كلما زاد الطابع التوسعي لسياسة الرأسمالية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية.
معظم الحقائق السياسية تقول: من أجل تبرير الاطماع التوسعية تجاه المناطق النفطية الاجنبية تستخدم الإدارة الامريكية وعلى نطاق واسع مبدأ ضمان ما يسمى (المصالح الحيوية الامريكية) وتقول أيضاً: تستطيع الولايات المتحدة، بموجب هذا المبدأ، اعلان أي جزء من المعمورة مجالاً لمصالحها، واتخاذ شتى الاجراءات فيها، بما في ذلك استخدام القوة، دون ان تسأل فيما إذا كانت الشعوب، التي تقطن في هذه المناطق، تريد ان تكون تحت وصاية البلدان الأخرى. وتحاول ان تفرض على الشعوب كيفية التصرف في مواردها الطبيعية، وتهدد بإنزال العقاب في حال رفضها!!.
هذه السياسة الامريكية كانت رائجة بشكل كبير في عهد الرئيس الامريكي ريجان.
كانت وقتذاك منهمكة مع الحلف الاطلسي في وضع الخطط للاحتلال العسكري لآبار النفط في المنطقة العربية، تحت شعار تقديم «المساعدة» تحسباً لعدوان خارجي أو «تمرد داخلي».
في حينها أي في عام 1981 أعلن «بروان» وزير الدفاع السابق، من اجل التصدي لـ«الازمات القادمة في العالم الثالث، الا تهتم بتشكيل الوحدات القتالية الاضافية بقدر ما تهتم بقدرتنا على نشر قواتنا المدربة احسن تدريب والمسلحة احدث تسليح في المسافات البعيدة، وبالسرعة الكافية للاستفادة الفعلية منها في اللحظة الحاسمة».
في ذلك الوقت، قامت واشنطن بعدد من الخطوات في مجال تصعيد وجودها العسكري في مناطق الشرقين الأوسط والأدنى الغنية بالنفط. فقد تبنت الإدارة الامريكية عملياً نهج فرض السيطرة العسكرية المباشرة على مضيق هرمز – الشريان النفطي، الذي تمر منه، حوالي ثلاثة اخماس صادرات بلدان الأوبك النفطية.
ومن اجل الضغط العسكري على بلدان الشرق الاوسط جاءت مناورات «النجم الساطع» العسكرية، التي اصبحت تجري في اراضي عدد من تلك البلدان.
وليس من باب المصادفة ايضاً التزايد السريع في حجم القوات المسلحة الأمريكية في مناطق المحيط الهندي ذات الأهمية الاستراتيجية.
ان الابتزاز والاستفزازات المكشوفة من جانب الولايات المتحدة تجاه الشرق الاوسط والبلدان المنتجة للنفط خاصة استراتيجية امريكية قديمة، تحددها المصالح، والرهان على القوة وهذا ما يتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة!.
هذا ما يحدد السياسة الخارجية الامريكية، ان الحزبين الجمهوري والديمقراطي سارا منذ عقود على هذا المنوال صدام المصالح الامريكية اهم الاولويات وبغض النظر عن التصريحات التي يدلي بها بعض المسؤولين الامريكيين التي ترفض انتهاك سيادة الدول، فان الواقع يقول لنا عكس ذلك اي يخضع الخطط وحسابات امريكية، واطماع توسعية تجاه مناطق النفط!.
وبالتالي، فإن طموح الرئيس الامريكي ترامب وغيره من الرؤساء الذين حكموا امريكا تعبر عن الاحتكارات القائمة على اساس اندماج الرأسمال المصرفي مع الرأسمال الصناعي، ومن هنا تصبح المهمة الاساسية هي الحفاظ على الاسواق الخارجية القديمة، وفتح اسواق جديدة، في ظل احتلال وتبعية مالية، مما الحق بسيادة الدول الوطنية ضرراً كبيراً!.
تناولت مجلة فورين بوليسي الامريكية السياسة الخارجية للولايات المتحدة وما يتعلق باطماع امريكا في ثروات الشرق الاوسط قائلة: ان دونالد ترامب يعتزم سرقة نفط المنطقة.
واضافت المجلة من خلال مقال تحليلي للكاتب مايكل كلير، ان سياسة الحصول على نفط الشرق الأوسط كانت محور نقاش في الولايات المتحدة منذ عقود، وان ترامب اعرب في اكثر من مناسبة عن رغبته في الاستيلاء على نفط العراق في حال فاز واصبح رئيساً لامريكا! (المصدر الجزيرة).
واوضح الكاتب ان ترامب ليس اول شخصية امريكية بارزة تقترح مصادرة نفط الشرق الاوسط عن طريق القوة العسكرية، بل ان الإدارات الامريكية السابقة لطالما غامرت باتباع سياسات متهورة من اجل تحقيق هذا المسعى!.
اذا كان الرئيس ترامب اعلن بصوت عال عن استعداد بلاده لاحتلال منابع النفط في الشرق الأوسط، فان هذا التوجه الذي يتجاهل الآثار الاقتصادية والاجتماعية الكارثية للشعوب يراد منه تعزيز هيمنة الولايات المتحدة، وهو لا يخرج عن طبيعة الرأسمالية المتوحشة الراكضة وراء الارباح، التي تعتبر الحروب احد الوسائل لضمان استمرار عجلة نهب الثروات لصالح الاحتكارات والكارتيلات والشركات المندمجة هذا ما دأب عليه النظام الرأسمالي وتحديداً الولايات المتحدة، فكان انهيار الاتحاد السوفيتي اوجد خللاً كبيراً في النظام العالمي، إذا كان نظام القطب الواحد ساعد تلك الهيمنة.
أما اليوم، وفي ظل تعدد الاقطاب تفرض توازنات جديدة، قد تساعد على ازالة الاخطار الناتجة عن الاندفاعات العسكرية للولايات المتحدة!.