تعددت وتكاثرت الشعارات والصرخات التي تدعو إلى الموت والفناء على جدران المباني والجسور التي هي في الأساس ترمز إلى الحياة والتواصل، فمن ضمنها هذا الشعار الذي يقول “الشعار فضح أمريكا التي تٌدعي بأنها تدعم الحريات والديمقراطيات” أية شعار يقصد بالضبط الذي قام بفضح أمريكا؟ هل يقصد أصحاب الصرخة بأن شعار “الموت لأمريكا الموت لإسرائيل اللعنة على اليهود النصر للإسلام” هو الذي قام بفضح أمريكا؟ مع العلم بأنه ليس هناك وضوح يُذكر في معنى الشعار.
حقيقة الأمر أن ما تقوم به جماعة الحوثي من جرائم و انتهاكات ضد كل من يخالفها في صعدة يدل على أن شعار “الموت لأمريكا الموت لإسرائيل اللعنة على اليهود النصر للإسلام” ما هو إلا مجرد قول لا فعل كما قال السفير الأمريكي بصنعاء جيرالد فايرستاين، وعندما تقوم جماعة الحوثي بتحويله إلى فعل فأنه لا يقع إلا على رؤؤس أولئك الناس البسطاء في صعدة أو كل من يخالفها في الرأي أو المذهب، فما حصل للمدرس الذي انتهى به المطاف في مستشفى جامعة العلوم والتكنولوجيا وما تكرر أيضاً للشاب “فاضل سالم البدوي” الذي فقد عقله بعد أن اعتقلته جماعة الحوثي وقامت بتعذيبه ليس لسبب يذكر – إلا أنه كان إمام جامع – خير دليل على أن الشعار فضح الحوثيين لا الأمريكيين. و على العكس من ذلك فأننا نجد أمريكا تحافظ على إنسانية و كرامة شعبها، فلم نسمع يوماً بأن أمريكا قامت باعتقال قسيس من كنيسة أو حاخام من معبد أو حتى إمام جامع لم يدعُ لرئيس أمريكا بالهداية أو بنصره على كل من عاداه.
عندما قامت أمريكا مؤخراً بإدراج “جماعة النصرة” في سوريا ضمن الجماعات الإرهابية و التي ترى فيها بأنها تهدد أمنها القومي بالرغم من أنها “أي جماعة النصرة” تخوض معارك ضد نظام السفاح الأسد الذي يقوم بإبادة جماعية ضد الشعب السوري ومع ذلك نراها قد تركت جماعة الحوثي التي تجاهر بالعداء لأمريكا وتنادي ليل نهار بالموت عليها واللعنة على إسرائيل والذي يُفسر بأنه معادة للسامية. هذا يعني أنها لا ترى في جماعة الحوثي أي خطر يذكر من قريب أو بعيد و إن شعاراتها عبارة عن أقوال لا أفعال كما قال السفير الأمريكي جيرالد فايرستاين في مقابلة أجرتها معه صحيفة الجمهورية حيث أكد فيها “بأن الولايات المتحدة لم تقم بإدراج جماعة الحوثي ضمن قائمة المنظمات الإرهابية لأن أمريكا لم تلاحظ أن الحوثيين قد وصلوا إلى المرحلة التي توجب اعتبارهم منظمةً إرهابية مؤكداً أن الأمريكان يحكمون على الأفعال وليس على الأقوال” و أكد في أكثر من مؤتمر صحفي “بأن أمريكا لن تضع نفسها كعدو للحوثيين، واصفا الشعارات التي يرفعها الحوثيون ضد أميركا بالمضحكة والسخيفة”.
بمعنى آخر فأمريكا لا تجد في جماعة الحوثي أو حتى شعاراتهم شيء حقيقي أو ما يمثل أي خطر عليها أو على إسرائيل، وإنما هي أقوال و لن تحمل في طياتها أية أفعال ضدها، و تعرف تماما بأن المقصد من هذه الشعارات ليس إلا خدعة وتضليل واستمالة التعاطف والانحياز لفكرها من قبل أولئك الناس البسطاء الذين يروا في أمريكا سبب البلاء بسبب دعمها لإسرائيل التي احتلت فلسطين.
ولذلك فليس بغريب ذلك التشابه بين شعار جماعة الحوثي و ما يروج له الطاغية الأسد بأنه هو من يحمي المقاومة الفلسطينية وبأن إسرائيل ترى فيه هو و نظامه الخطر الحقيقي على آمنها و شعبها، فلو كانت حقاً إسرائيل ترى فيه ذلك لما كانت مستمرة في دعمه من خلال روسيا وقد جاءتها الفرصة الآن بالقضاء عليه لأنه يمثل خطراً عليها على حد قوله، فإسرائيل تعلم بأن كلامه عن دعم المقاومة و الخطر الذي يمثله عليها ليس إلا أقوال لا أفعال كشعارات وصرخات جماعة الحوثي تماما والتي هي أيضا تعتبر أقوالاً لا أفعال