عندما خرج الرئيس الايراني حسن روحاني باكيًا من المستشفى، هل كان يبكي وفاة رافسنجاني أم يبكي مستقبله الشخصي او بالأدق مصيره بعد وفاة قوة الصد وانهيار الحصن بوفاة الرجل القوي علي اكبر هاشمي رفسنجاني؟؟
والثعلب «رافسنجاني» وهو لقب اطلقته عليه الصحافة الغربية قبل اكثر من ثلاثة عقود لم يكن سلطة رئيس سابق ولا رئيس برلمان ولا رئيس مصلحة تشخيص النظام، فجميعها مناصب ما كان الثعلب يصلها ويلقي بظلاله الرهيبة عليها حتى بعد مغادرتها لولا ما يتمتع به من سطوة وقوة اجتمعت اسبابها في شخصه بكل ما يمثله من ثقل في نظام العمائم، الذي لم يكن فيه مجرد عمامة بيضاء لا تنتسب الى ارومة السادة كما هي الحال التراتبية بين العمائم هناك.
وفي كل الاحوال لم يكن «الثعلب» بحاجةٍ الى سطوة وسلطة العمامة ليستمد منها النفوذ الذي استمده أصلًا من قوته الاقتصادية ونفوذه في اسواق البازار وغيرها من سطوة اقتصادية مثلّت سلاحًا لا يمكن لخصومه تجاهله، بل على العكس حسبوا حساب نفوذه الاقتصادي الضخم فشكل درعًا حصينًا للثعلب يحتمي به عندما تشتد العواصف ضده.
انتصر مكر الثعلب فيه على دهاء لاعب الشطرنج السياسي فيهم، فلاعبهم بشغب وصخب ابنته فائزة «المثيرة للجدل» ولاعبوه بالضغط بورقتها فابتسم الثعلب فيه لأنهم دخلوا وكره بخدعة اسمها «فائزة» وقال همسًا للمقربين منه «العمامة هنا ضعيفة أمام المرأة».. ولكم أن تفسروا عبارة الثعلب في ابعاد مكره…!!
ارتدى قفطان الوسطية والاعتدال ووقعوا في مكره مرةً اخرى فهاجمه كل المتطرفين وكل الصقور «لاعتداله» وهو ما كان يريده ويسعى له حتى تتأصل اشاعة «اعتداله» في الداخل وفي الخارج على حدٍ سواء فيكسب التأييد والتعاطف في حرب النفوذ بين صقور ليس فيها حمائم حتى رفسنجاني نفسه، كان صقرًا بامتياز وكان متطرفًا قوميًا عصبويًا ومتعصبًا لفارسيته وحلمها في التمدد والتوسع واستعادة امبراطوريتها.
لكنه يلعب القوة الناعمة لعبة تطابق لعبة الصقور وتزيد عليها، لكنّ نعومتها تخدع جهات عديدة تزعم الفهم والوعي السياسي وربما خدعت أصحاب قرارٍ سياسي، فالثعلب لا يهرول في الفراغ.
مريم رجوي زعيمة المعارضة والمقاومة الايرانية كما يطلق عليها انصارها، غردت بعد اعلان وفاة الثعلب «رافسنجاني كان طيلة 38 عامًا واحدًا ممن لعب اكبر الأدوار في القمع والارهاب والسعي للحصول على القنبلة النووية وحفظ النظام».
فيما خرجت مواقع «اصلاحية» كما تسمّى لتشير بأصابع الاتهام الصريح الى «تعرضه للاغتيال» بما يؤشر الى خلافاته مع المتطرفين في نظام العمائم هناك وهو الخلاف الذي بلغ ذروته حين اتهم المرشد والفقيه الأعلى خامنئي رفسنجاني بـ «الخيانة» بسبب تغريدة للأخير أثارت حنق الولي الفقيه.
الثعلب رافسنجاني كان يسعى بمكر للقبض على السلطة في حال وفاة خامنئي وان لم يكن مؤهلًا في تراتبية العمائم لان يكون مرشدًا أعلى ووليًا فقهيًا، لذا فقد احتال بطرح فكرة تشكيل «مجلس قيادي» بدل الولي الفقيه في حالة وفاة خامنئي بشكل مفاجئ، لكنه هو الذي توفي بشكل مفاجئ، فترك فراغًا في الصراع لا شك انه فراغ لمصلحة خصومه في صراع الكراسي والمراسي وصراع السلطة والسطوة والنفوذ.
وستكون دموع حسن روحاني الرئيس الايراني على عتبة المستشفى وهو يودع شيخه رافسنجاني دموع خسارة في صراع الصقور