فيما طلبت تركيا من النظام السوري سحب جميع الميليشيات الأجنبية التي تقاتل في صفوفه، كشرط أساس لضمان سريان اتفاق وقف النار، والبدء في مفاوضات سياسية مطلع العام المقبل، رأى مراقبون أن إيران لن تهنأ حتى تثبت قدرتها في محاربة الإرهاب، حسب زعمها، وبدأت دلائل الغضب الإيراني منذ انعقاد الاجتماع الثلاثي الذي ضم كلا من روسيا وتركيا وإيران، غداة مقتل السفير الروسي في أنقرة، حيث إن البيان المشترك الذي تمخض عن ذلك الاجتماع، لم يحقق رغباتها في تحجيم الدور التركي، والتخلص من أنقرة في مفاوضات أستانة نهاية الشهر الجاري، فضلا عن هزيمتها ورضوخها للقبول مكرهة بالموافقة على سحب ميليشياتها في سورية.
اختلاف المصالح
تؤكد عدة تقارير إعلامية أن المشاريع الإيرانية تختلف في سياقاتها عن المصالح الروسية والتركية في المنطقة، بحيث إن الأولى تمرر مشاريعها عبر الخطط المذهبية والطائفية، من أجل السيطرة على المناطق الجغرافية، وإحداث تغيير ديموجرافي كامل، فيما يرى الروس والأتراك أن طهران تسعى لتخريب أي اتفاقات يتم التوصل إليها، مثل ما فعلت مسبقا في إفشال الهدنات المتعددة، وعرقلة خروج مدنيي حلب المحاصرين. وأكد الباحث ورئيس معهد الدين والسياسة في روسيا، ألكسندر إيجناتينكو أن “صيغة حلب” التي وضعتها روسيا وتركيا قد تصبح حلا جذريا لتسوية النزاع السوري، فيما تعمل إيران جاهدة لمنع تطبيقها واختلاق الأعذار والأكاذيب ولو لتأخير تنفيذ بنودها. كما لا تخفي رغبتها في تكرار مأساة حلب بمدينة إدلب، من أجل إطالة أمد الحرب.
حلول بديلة
بحسب المحللين، فإنه إذا عجز الإيرانيون عن إفشال الاتفاقات الأخيرة، فإنهم لن يجدوا بدا من اللجوء إلى حرب العصابات واغتيال رموز المعارضة، وهي الاستراتيجية التي أكدتها صحيفة “أزفستيا” الروسية في تقريرها، وكشفت أن عناصر ميليشيا حزب الله باتوا يلجؤون إلى قنص واغتيال قادة المعارضة المسلحة، في محيط إدلب، وهو مؤشر يدل على ضعف الاستراتيجية وغياب التكتيكات. من جانبه، لفت الباحث والمحلل السياسي التركي جاهد توز، إلى أن طهران لن تلتزم بالاتفاق الثلاثي الذي أبرمته مع تركيا وروسيا في موسكو مؤخرا، وستهاجم، بالتعاون مع النظام السوري، مدينة إدلب الخاضعة لسيطرة المعارضة، بذريعة وجود “جبهة النصرة”، في وقت يرى فيه مراقبون أن التزام إيران بالاتفاق الثلاثي من عدمه هو أكثر ما يقلق القوى العظمى. وأشار توز إلى أن طهران حينما ترى نفسها منهزمة في بعض المعارك، تلجأ إلى تحريض ميليشياتها من أجل استعادة المناطق المسلوبة منها، وهو ما فعتله تحديدا عبر الحشد الشعبي في العراق.
نقلا عن ایلاف