بخلاف المناخ السلبي الذي تركته جلسة أول من أمس، اتسمت «ثلاثية» الحوار في جولتها الثانية أمس، بنقاش جدي هو الأعمق الذي خاض فيه المتحاورون على امتداد الجلسات الـ21 التي عقدتها هيئة الحوار الوطني منذ انطلاقها.
وتركز البحث، في ثلاثة مواضيع تناولت إنشاء مجلس للشيوخ وقانون الانتخاب واللامركزية الإدارية المحال إلى المجلس النيابي، إذ سجل خرق في هذا الملف، لجهة التوافق على بحثه، والوصول إلى صيغة لإقراره، وهو ما يتيح للمواطنين في المناطق الاهتمام بشؤونهم التي لا تستطيع الدولة المركزية الاهتمام بها.
وعلمت «الحياة» أنه بعد الأجواء الإيجابية التي سادت نتيجة التوافق على طرح موضوع اللامركزية على البرلمان، طرح الوزير باسيل في آخر الجلسة مسألة الرئاسة قائلاً: «يجب أن نناقش مسألة الرئاسة، لأن هناك مرشحاً معروفاً لديكم جميعاً هو الأكثر تمثيلاً على الصعيد المسيحي ويحظى بدعم واسع، وإذا كان البعض لا يريد رئيساً قوياً ويتجاهل هذا الواقع فنحن نقترح خيارات للوصول إلى نتيجة في هذا الشأن، وهي إما أن ننظم استفتاء حول مَن هو مِن المرشحين الأكثر قبولاً شعبياً، وإلا إذا لم تكن هناك موافقة على ذلك، فلنذهب إلى قانون انتخاب عادل ثم نجري انتخابات نيابية على أساسه، تنتج برلماناً أكثر تمثيلاً، لينتخب الرئيس الجديد بعد ذلك».
وقالت مصادر المتحاورين أن حرب رد على باسيل قائلاً أن فكرة الاستفتاء مخالفة للدستور الذي يقول بنزول النواب إلى البرلمان لانتخاب الرئيس.
كما أن النائب سامي الجميل قال: «لا أحد يمكنه أن يفرض رأيه على الناس، هل تريدون فرض مرشحكم فرضاً؟ المجلس النيابي هو الذي ينتخب والنواب أحرار في من يختارون». لكن النائب محمد رعد ساند وجهة نظر باسيل، مؤيداً طرحه وجوب انتخاب الأكثر تمثيلاً على الصعيد المسيحي…
مصدر نيابي لـ”السياسة”: لا اتفاق بين المتحاورين
رأى مصدر نيابي مستقل بارز، أن نتائج الجلستين، الأولى والثانية من الحوار الذي ينعقد على مدى ثلاثة أيام في قصر عين التينة، برئاسة رئيس مجلس النواب نبيه بري، جيدة من حيث الشكل، لجهة استشعار المتحاورين بالخطر الداهم على لبنان، لكن محادثاتهم اقتصرت على التمنيات ولم يقدموا حلولاً للمشاكل القائمة، ما يعني أن الأمور ما زالت تراوح.
واستبعد المصدر كما قال لـ”السياسة”، حصول خرق يذكر، أكان في ما يخص الاستحقاق الرئاسي، أو في موضوع الاتفاق بشأن السلة المتكاملة التي يطرحها الرئيس بري، مستغرباً الاستعاضة عن الحوار بتشكيل لجنة بديلة، لجوجلة الأفكار المقدمة من قبل المتحاورين وإعادة دراستها وصياغتها بما يتلاءم مع متطلبات المرحلة الراهنة، والاستفادة من النقاط الإيجابية التي تم طرحها في جلسات الحوار السابقة.
واعتبر تشكيل هكذا لجنة إقراراً بفشل أركان الحوار بالتوصل إلى اتفاق الحد الأدنى، سواء بالنسبة لانتخاب رئيس الجمهورية، أو بالنسبة للاتفاق بشأن قانون الانتخاب، متسائلاً عن مغزى الكلام الجديد لرئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط والقول إنه لا يرى في الأفق ما يشير إلى إمكانية التفاهم بشأن انتخاب رئيس للجمهورية، ومطالبته بفتح مجلس النواب، من خلال العمل على تقطيع الوقت، بما يتناقض مع تلميحاته السابقة، بشأن إمكانية انتخاب رئيس تكتل “التغيير والإصلاح” النائب ميشال عون رئيساً للجمهورية، ما أعطى الأمل بأن إنجاز هذا الاستحقاق بات قريباً.
واستبعد الدعوة مجدداً للحوار والاكتفاء باللجنة التي قد تنبثق عنه، لإلهاء الناس بانتظار تبدل الظروف في المنطقة والذهاب إلى إنجاز كل الاستحقاقات دفعة واحدة، متوقعاً التمديد لمجلس النواب مرة ثالثة.
حوار الأيام الثلاثة في لبنان ينتهي اليوم بـ… «طبخة بحص»
إغراق الطاولة في يومها الثاني ببنود إصلاحية في «الطائف»
لم تنتظر الأوساط السياسية في بيروت انتهاء «ثلاثية الحوار» التي دعا إليها رئيس البرلمان نبيه بري بدءاً من أول من أمس وتستمر حتى اليوم، لاستخلاص أن «ما كُتب قد كُتب» لجهة استحالة تحقيق أي اختراق في الأزمة التي يعيشها لبنان باعتبار أن كل طرق الحلول ما زالت تفضي إلى حائط مسدود لن يكون ممكناً إحداث كوة فيه بمعزل عن قوة دفْع إقليمية غير متوافرة حالياً.
ورغم محاولة بري في الجولة الثانية من الحوار الوطني امس، استكشاف أفق «الطريق المختصرة» التي سعى من خلالها الى تفكيك «لغم» من أمام الأزمة الرئاسية عبر محاولة ايجاد ارضية مشتركة للتفاهم على قانون الانتخاب، الا ان «عرّاب» الحوار نفسه كان يدرك سلفاً ان هذه «الخرطوشة» فارغة لاعتباريْن: الاول ان التباعد الكبير بين أطراف الصراع اللبنانيين لا يسمح بأي تفاهمٍ على صيغة للقانون الذي سيحكم انتخابات 2017 النيابية بدليل «مناقشات برج بابل» التي تدور منذ اسابيع في اللجان النيابية المشتركة. والثاني ان قانون الانتخاب يشكّل عملياً الركن الأساسي في «السلّة المتكاملة» للحلّ التي ترفض قوى «14 آذار» مبدأها لأنها تشكل «طعناً» لاتفاق الطائف والتي يصرّ عليها فريق «8 آذار» الذي يتقدّمه «حزب الله» باعتبار ان هذا القانون سيحدّد مراكز النفوذ في العهد الجديد ومَن يتحكّم بمفاتيح اللعبة سياسياً ومؤسساتياً انطلاقاً من نتائج الانتخابات التي سترسم أحجام الكتل وتالياً أدوارها وقدرتها على التأثير سياسياً.
وشخصت الأنظار على «الإخراج» الذي سيتمّ اعتماده لتفادي نعي الحوار وإعلان فشله، وسط تقارير اشارت الى انه سيصار الى تشكيل لجنة مصغّرة تمثل جميع أطراف الحوار تكون مهمتها جمْع كل محاضر الحوار و«غرْبلة» القواسم المشتركة من العناوين المطروحة ولاسيما اتفاق الطائف، قانون الانتخاب، رئاسة الجمهورية، اللامركزية الإدارية، تفعيل المؤسسات الدستورية، مجلس الشيوخ وسائر الملفات التي شكّلت مدار بحث.
ومن شأن مثل هذه اللجنة ان تشتري المزيد من الوقت للمتحاورين، وسط ملاحظة اوساط سياسية مطلعة ان إغراق النقاشات ببنود إصلاحية في اتفاق الطائف مثل مجلس الشيوخ (سيغيّر قيامه مقاربة قانون الانتخاب لمجلس نيابي خارج القيد الطائفي) واللامركزية الادارية ما هو الا «طبخة بحص» ومحاولة لرفع فريق «8 آذار» خصوصاً سقف التفاوض الرامي في شكل أساسي الى السلة المتكاملة التي تشتمل على الرئاسة الأولى والحكومة الجديدة رئيساً وتوازنات وبياناً وزارياً وبعض التعيينات الحساسة وضوابط لإدارة السلطة «وإلا فلا رئاسة» كما أبلغ «حزب الله» بوضوح المتحاورين.
واستوقف هذه الاوساط رفع بري المتمسك بقوة بـ «الدوحة – اللبنانية» اي تكرار تجربة «سلة الحل» كما تم التوصل اليها في العاصمة القطرية العام 2008، منسوب الضغط على قوى «14 آذار» مكرراً رسم «خط أحمر» زمني هو شهران او 3 اشهر «وبعدها لا يعود من حاجة للحوار، لأننا سنقترب من الانتخابات النيابية وإذا لم نتفق فسنذهب إلى الانتخابات على أساس قانون الدوحة ولا مجال للتمديد، وأي اتفاق يجب ان يبدأ بانتخاب رئيس، وإذا لم نتفق فلنذهب إلى الانتخابات النيابية الآن ويلتزم كل الأفرقاء بالنزول إلى انتخاب رئيس في البرلمان».
وفيما حرّك «العدّ العكسي» الذي حدّده بري المخاوف من ان «8 آذار» تريد حلاً وفق شروطها على «البارد» او اذا اقتضى الأمر «على الحامي» وفي التوقيت الذي يلائمها، بدا واضحاً ان «حوار الطرشان» داخلياً يتكئ على الاحتدام الاقليمي ولاسيما بين ايران والمملكة العربية السعودية والذي عبّرت عنه بوضوح زيارة رئيس لجنة الأمن القومي والشؤون الخارجية في مجلس الشورى الإيراني علاء الدين بروجردي لبيروت حيث وجّه سلسلة رسائل للرياض سواء عبر الكلام عن موقع لبنان «قلعة الممانعة» او الهجوم الذي شنّه على المملكة من على منبر رئاسة الحكومة اللبنانية والذي تردّد انه ترك صدى غير ايجابي لدى السفارة السعودية في بيروت، قبل ان يعلن ان ايران «جاهزة للاستماع إلى المبادرات وليس الى تقديمها» معتبراً أن القضية الرئاسية في لبنان «استحقاق داخلي يُحلّ من خلال توافق اللبنانيين».
اليوم الثاني من الحوار يبحث البنود غير المطبقة في «الطائف»
بعدما حام التشاؤم فوق جلسة الحوار الوطني اللبناني، أمس الأول، نظراً لعدم تمكنها من تحقيق أي تقدم في النقاش، بحثت الجلسة الثانية من الحوار التي عقدت في مقر رئيس مجلس النواب في عين التينة، البنود غير المطبقة من اتفاق «الطائف»، وتحديدا موضوع اللامركزية الإدارية وإنشاء مجلس شيوخ.
واستغربت مصادر متابعة «لجوء المتحاورين إلى ملفات قديمة، وفي الأدراج، خصوصا أن البلد في حال شلل مع شغور الكرسي الرئاسي الأول».
وقالت المصادر إن «مناقشة البنود غير المطبقة من اتفاق الطائف يجب أن تتم بحضور رأس الدولة أي رئيس الجمهورية»، لافتة إلى أن «الأولوية يجب أن تكون للبحث في كيفية الخروج من المأزق الرئاسي قبل نبش القبور للمماطلة وفتح ملفات تحتاج إلى أشهر من النقاش حولها».
الستاتيكو مستمر إلى إشعار آخر بانتظار تطور ما على المستوى الاقليمي
مخاوف سفراء في بيروت في ان يكون كل استحقاق دستوري في بيروت بات بحاجة إلى هزة أمنية
أكثر من جهة سياسية ترى ان الستاتيكو مستمر إلى إشعار آخر، ما دام الصراع الإقليمي على احتدامه.
غير أن ما يثير الانتباه هو مخاوف بعض السفراء في بيروت في ان يكون كل استحقاق دستوري في بيروت بات بحاجة إلى تسخين الأرض، أي إلى هزة أمنية، وعلى غرار ما حدث في أوقات عدة.
المؤشرات كلها تدل على صعوبة حصول أي هزة أمنية وبعقل اطراف لبنانية تدرك، بعمق، ما هي أبعاد مثل هذه الهزة. الخشية ممن يحركون الخيوط من الخارج، ودون أن يسقط لبنان في أجندة بعض أجهزة الاستخبارات، أو من جدول أعمال التنظيمات الارهابية.
البديل ان يحصل تطور ما على المستوى الاقليمي، الساخن اصلا، لعل ذلك يحدث المناخ اللازم للانتقال من إدارة الازمات إلى ادارة التسويات.
كل ما في الأمر الآن هو البحث عن مخرج يحفظ ماء الوجه، وهذا ليس بالأمر الصعب ولا بالأمر المستحيل، ما دام البطريرك مار بشارة بطرس الراعي يقول إن السياسيين يضعون مصالحهم الخاصة فوق أي اعتبار.
والنتيجة رئيس للجمهورية على الرف، وقانون انتخاب يحتاج إلى اينشتاين أو الى الخوارزمي لاخراجه من عنق الزجاجة.
ربما كان النائب وليد جنبلاط الأكثر صراحة، قال «مش ضابطة»، ولا شيء في الأفق، بكامل قيافتهم يعود بارونات الحوار إلى الثلاجة، أو إلى الشاشات للتراشق بالمواقف ولتبادل الاتهامات بالتعطيل.
نصائح لعون بعدم الاعتراض على التمديد لقهوجي
مع اقتراب موعد طرح نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع سمير مقبل على مجلس الوزراء موضوع التمديد مجدداً لقائد الجيش العماد جان قهوجي لسنة إضافية وأخيرة، علمت «السياسة»، أن رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون الذي يعارض التمديد لقهوجي، تلقى نصائح من مقربين بينهم «حزب الله» بضرورة سحب اعتراضه على التمديد لقائد الجيش، لأن القرار بهذا الشأن اتخذ، وبالتالي فإن اعتراضه لن يقدم أو يؤخر، سيما أن معظم الوزراء يؤيدون التمديد للعماد قهوجي، تجنباً لحصول فراغ في المؤسسة العسكرية، يضاف إلى الفراغ الرئاسي، المتزامن مع شلل عمل مجلسي النواب والوزراء.
وقالت المصادر إن هناك قسما كبيرا من الوزراء يرفض تعيين قائد جديد للجيش في ظل عدم وجود رئيس للجمهورية، باعتبار أن للرئيس العتيد الرأي الأول والأخير في اقتراح اسم قائد جديد للجيش.
وأشارت إلى أن عون أبلغ من راجعوه بهذا الموضوع، أنه سيبقى على موقفه المعارض للتمديد لقهوجي، انطلاقاً من مبدأ معارضته التمديد بشكلٍ عام، وأنه يرى أن لا مانع أمام مجلس الوزراء لتعيين بديل من قهوجي حتى في ظل عدم وجود رئيس للجمهورية، حرصاً على دور المؤسسة العسكرية وضرورة اختيار أحد ضباطها الكبار لقيادة الجيش لضخ دماء جديدة في شرايين هذه المؤسسة.
وأكد الوزير مقبل أن من واجباته طرح آلية تعيين قائد الجيش على مجلس الوزراء، في وقت رجحت مصادر وزارية كما أبلغت «السياسة»، أن يعرض مقبل التمديد لقهوجي في جلسة الحكومة اليوم، أو التي تليها، بعدما يكون بحث الأمر مع المسؤولين الرسميين والقيادات السياسية في «8 و14 آذار».
الراعي ضيف جنبلاط السبت
لفت “الحزب التقدمي الاشتراكي” إلى أنه ولمناسبة تدشين اختتام أعمال ترميم كنيسة المختارة مع حلول الذكرى الـ15 لمصالحة الجبل التاريخية، يزور البطريرك بشارة الراعي المختارة السبت المقبل، حيث يترأس الذبيحة الإلهية قبل الظهر في الكنيسة، وبعد انتهاء القداس ينتقل البطريرك إلى دار المختارة، حيث يقيم رئيس “اللقاء الديمقراطي” النائب وليد جنبلاط استقبالاً سياسياً ورسمياً موسعاً وستلقى كلمات في المناسبة يليها مأدبة غداء على شرف البطريرك والمدعوين.
وفي هذا الإطار، رأى رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع أن إرادة التلاقي القوية بين البطريرك نصر الله صفير والنائب جنبلاط، تجسدت في مصالحة الجبل العام 2001، التي يجب أن تكون منارة للماضي والحاضر والمستقبل، كي نستهدي بها عند أي حالة من الضياع.
وأكدت مصادر كنسية قريبة من بكركي لـ”السياسة”، أن البطريرك الراعي سيشدد في كلمته على أهمية تعزيز صيغة العيش المشترك بين جميع اللبنانيين وضرورة العمل على إنهاء ملف المهجرين، وكذلك الأمر المطالبة بانتخاب رئيس جديد للجمهورية ليستقيم عمل المؤسسات وكي لا يبقى الفراغ قائماً الذي سيجر الخراب على البلد في حال استمراره وإذا ما استمر النواب مستقلين من واجباتهم في انتخاب الرئيس العتيد.