في بلدة دارين العريقة التي قال فيها شاعر البحرين القديم طرفة بن العبد:
يمرون بالدهناء خفافًا عبابهم
ويخرجن من دارين بجر الحقائب
وذلك كناية عن رخائها وازدهارها في السابق من الأزمان، كان هناك حتى سبعينات القرن العشرين قصر قديم على ساحل بحر الخليج في المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية. هذا القصر عرف باسم قصر عبدالوهاب باشا، في إشارة إلى الشيخ محمد بن عبدالوهاب الفيحاني. وطبقًا لما ورد في تقرير بعثه الوالي العثماني أحمد مدحت باشا إلى مرجعه في اسطنبول بعد زيارته للقطيف في عام 1288 للهجرة (1868 للميلاد) فإن هذا القصر تم بناؤه أثناء سيطرة الدولة السعودية الأولى.
هذا القصر الكبير، الذي تبلغ مساحته الإجمالية مع ملحقاته نحو ثمانية آلاف متر مربع ويقع على بعد كيلومترات قليلة من قلعة تاروت التاريخية، اهدته الدولة السعودية الاولى لمحمد بن عبدالوهاب الفيحاني تاجر اللؤلؤ ووكيل حاكم قطر وأغنى أغنياء زمانه ليقيم فيه مع اسرته من بعد هجرته من قطر على اثر خلاف بينه وبين حاكم قطر الاسبق الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني في سنة 1302 للهجرة الموافق لسنة 1882 للميلاد. وتقول المصادر التاريخية إن الفيحاني رمّم القصر وجدده قبل أن يسكن فيه. وهذا يتفق مع ما ذكره الأديب والمؤرخ السعودي الشيخ عبدالرحمن الملا من ان محمد بن عبدالوهاب الفيحاني بنى القصر فوق أساسات قديمة، أي أن المذكور اعاد ترميم القصر وتجديده كي يكون صالحًا للسكن من بعد سنوات طويلة من الاهمال.
والمعروف أن الشيخ محمد بن عبدالوهاب الفيحاني ينحدر من قبيلة الفياحين وهي فرع من فخذ الروبة من قبيلة سبيع.
أنجب الشيخ محمد بن عبدالوهاب الفيحاني السبيعي ابنا سماه جاسم أو قاسم وكان من تجار اللؤلؤ، وهذا الأخير أنجب عددًا من الأبناء هم: محمد وفهد وناصر وعبدالوهاب وعبدالله وعبدالرحمن. وما يعنينا هنا تحديدًا هو الابن الأكبر محمد بن جاسم بن محمد بن عبدالوهاب الفيحاني الذي ولد في بلدة الفويرط على الساحل الشملي الشرقي لقطر في حدود سنة 1325 للهجرة الموافق لسنة حدود 1907 للميلاد، وتوفيت والدته بعد مولده بسنة فنشأ يتيمًا تحت رعاية خالته التي ارضعته وعوضته حنان الأم، لكن خالته لحقت بأمه بعد عامين فما كان أمام أبيه سوى أن يعهد برعايته وتربيته إلى إحدى قريباته، هذا علمًا بأن أمه تنحدر من آل طوار من البوكوارة.
جملة القول إن محمد عانى كثيرًا في طفولته مما جعله رقيق المشاعر ويفضل العزلة والانطواء. وحينما انتقل والده من قطر إلى دارين، زادت عزلة محمد بسبب اختلاف البيئة التي ولد فيها عن بيئة دارين، خصوصا مع حدوث مشاكل يومية بينه وبين أطفال الفريج. فقرر والدته إخراجه من عزلته عن طريق إلحاقه بأحد الكتاتيب وهو في سن السابعة.
في ذلك الكتاب التقليدي تعلم محمد شيئًا من مبادئ القراءة والكتابة إضافة إلى القرآن الكريم. بعد ذلك بمدة قصيرة أرسله والده مع قريب لهم إلى الكويت للدراسة في المدرسة المباركية التي كانت قد فتحت أبوابها في سنة 1911، والتي كانت المدرسة النظامية الأولى والوحيدة في الكويت في تلك الفترة، علما بأنها سميت بهذا الاسم نسبة إلى الحاكم وقتذاك الشيخ مبارك الصباح. في هذه المدرسة درس محمد الحديث والفقه والتفسير وغيره من المواد الدينية، لكنه كان منجذبًا بصفة خاصة إلى الأدب والشعر فقرأ العديد من الدواوين الشعرية لكبار الشعراء العرب القدامى، وحفظ قصائدهم وإطلع على أساليبهم البلاغية وتماهى مع سيرهم الذاتية.
من بعد رحلة دراسته في الكويت، التي لم يكملها بسبب وفاة والده، لم يعد محمد إلى دارين، وإنما فضل الذهاب بواسطة إحدى السفن الشراعية إلى مسقط رأسه في بلدة الفويرط القطرية للسكن لمدة سنة مع أخيه ناصر بن محمد بن عبدالوهاب الفيحاني، الذي كان من رجال العلم الشرعي ويمتهن الآذان وإمامة المصلين في مسجد بلدة الفويرط.
ومما يذكر عنه طبقًا لما كتبه علي بن عبدالله الفياض في كتابه الموسوم بـ«محمد بن عبدالوهاب الفيحاني» أنه في السنوات التي قضاها في قطر اشتغل في الغوص على اللؤلؤ، أي امتهن المهنة التي كان يزاولها أغلب رجالات الخليج في تلك الفترة، خصوصًا وأنها كانت مهنة والده وجده. فكان يغوص بمهارة في أعماق البحر لاستخراج اللؤلؤ.
وبعد فترة وجيزة تمكن من امتلاك سفينته الخاصة وتحول إلى نوخذه. ومما قيل عنه، طبقًا للمصدر السابق، «أنه كان يغوص وينظم الأبيات في قعر البحر، وإذا خرج يلقنها لزملائه على ظهر السفينة لكي يحفظوها إلى أن تكتمل القصيدة». ومن الأبيات التي نظمها تحت الماء البيتين التاليين:
من الفرقا عساها للنفادي
ألا يا صاحبي ومن البعادي
أنا ماني بعن لاماك صابر
حداني لك من الويلات حادي
الذين تناولوا دراسة شعره أطلقوا عليه لقب «شاعر قطر الكبير» وبعضهم وصفه بـ«أبرز شعراء قطر والخليج»، لأنهم اكتشفوا في شعره صور بلاغية جميلة وأحاسيس وجدانية متدفقة حارة، هذا ناهيك عن تناول قصائده لموضوعات مختلفة تراوحت ما بين الوجدانيات والغزل والنصائح والمساجلات والمديح والموال بصورة فيها خليط من التشويق والغموض والإخلاص والحب.
على أن أكثر ما اشتهر به شاعرنا هو قصائده في الحب العذري العفيف. ولهذه قصة هي من صميم سيرته الذاتية. فلقد هام الفيحاني بكل جوارحه بحب إبنة خاله التي رمز لها في أشعاره باسم «مي»، والتي يقال إنها كانت جميلة وفاضلة شكلا وخلقا إلى درجة لم تجاريها فيها أي فتاة في عصرها.
أراد الفيحاني أن يكمل قصة حبه وعشقه وولهه بإبنة خاله بالزواج منها، لكن التقاليد والعادات الاجتماعية السائدة في تلك الفترة وقفت عائقًا أمام رغباته. حيث كانت الفتاة محجوزة لابن عمها الأقرب لها من إبن خالها وفق تلك العادات القديمة. لم يستسلم الفيحاني، وحاول بشتى الوسائل أن يقنع والد معشوقته (خاله) بالتراجع عن قراره، فلجأ مثلا إلى عم والدته ناصر بن شاهين الكواري عله يستطيع إقناع والد»مي«، لكن الكواري فشل في مهمته وعاد خائبا ليخبر شاعرنا باستحالة زواجه، فسقطت دموعه وبكى بكاء حارا، لأنه لم يصدق أن «مي» التي تعلق بها منذ يفاعته وصباه المبكر سوف تكون لغيره فأنشد قائلاً:
بليت بحب طفلة فطيمة.. من أول شبتي وأول صبايا
وهكذا تركت الواقعة أثرًا بليغًا أدمى قلب صاحبنا العاشق، فلم يجد أمامه سوى أن يظل وفيًا لذكرى حبه العذري الشريف البعيد عن الشوائب، وأن يعبر عن معاناته ومأساته وإنكساره وهزيمته ولوعاته بالشعر والقصائد الملتهبة التي ظل يرسلها إلى أصدقائه وكبار رجالات زمنه، ومن بينهم حاكم البحرين الأسبق الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة طيب الله ثراه، عل أحدهم يبادر بالتوسط لدى خاله أي والد «مي». غير أن مساعي كل هؤلاء بائت بالفشل. وعندما شعر أنه لا جدوى من اقناع خاله إطلاقا، قرر أن ينطوي على نفسه، ويعتزل الناس، ويعيش على ذكرى «مي»، مع إيمان عميق بأن الحب الصادق لن يموت أبدًا، فسماه معاصروه باسم «مجنون مي».
أحد أشهر قصائد الفيحاني التي نظمها في صيغة رسالة إلى محبوبته «مي»هي القصيدة التي تبدأ بـ «شبعنا من عناهم وإرتوينا». وهذه القصيدة، كما هو معروف، لحنها وغناها لأول مرة مطرب البحرين الشعبي عبدالله سالم بوشيخة، ثم غناها من بعده بعض مطربي الخليج مثل الفنان القطري الراحل فرج عبدالكريم والفنان البحريني أحمد سيف. لكن الذين قاموا بغنائها لم يغنوا سوى 14 بيتًا منها من أصل 42 بيتًا.
من الأبيات المغناة:
شبعنا من عناهم وارتوينا
وعند رسوم منزلهم بكينا
وعقب افراقهم شنا وحنا
وحنينا وثم انا عوينا
وسايمنا وساقمنا وحنت
لنا حتى المنازل والعنينا
ونادينا وقلنا خبروهم
ترانا من محبتهم نعينا
وثرنا من مفارقهم نحلنا
وكان فراقهم طول فنينا
الى جيتم منازلهم فقولوا
لهم باقوالنا ياراحلينا
ولا تنسون ما قاله محمد
امانتكم لها يا حاملينا
ترانا للذي قالوا سمعنا
وباللي هم بغوا منا رضينا
وكل شروطهم نقدم عليها
قدمنا بالذي فنوا علينا
وهذا الحب بالزفرات يشوي
الا يا ويلكم يا عاشقينا
وترانا من مخالفهم رجعنا
وهونا عقب ما حنا عصينا
ومن أبيات القصيدة المتبقية:
وأثرنا في محبتهم حفرنا
وسيسنا ومن فوقه بنينا
وأثرنا في محبتهم ربطنا
ووثقنا واثر فيها عطينا
وفيها آه واويلي غرقنا
وهدينا الجدا وبها سنينا
نخينا من يذ كر بالمروة
ولإهل الذات والشيمة عزينا
تكلفنا وهم عنا براحة
وذبنا وهم عنا غافلينا
وناموا ورقدوا وحنا سهرنا
عليهم وهم ريوا وإلتظينا
يلين من الحب كل قاسي
ولو قلبه حجر يازي طحينا
وانا من حر فرقاي عليهم
تعلمت النياحة والحنينا
ارى راعي الهوى مازال يلعي
ولو تحت الثرى يلعي دفينا
تحملنا الهوى حتى هلكنا
ولولا الحب ما والله لعينا
ولا نحنا ولا صحنا وقلنا
لهم ياهل المودة خاضعينا
ولا قمنا نسال الوصل منهم
وحنا لا نبالي لي عطينا
برمنا وافتلوا هيهات ننقل
وهم لي من برمنا قاتلينا
اقول ايشلون ياهاذي مصيبة
وسواها الهوى فينا
انا مدري ومن يدري متاهم
لنا عقب التعذب راحمينا
وراهم ماعفوا والعفو سنة
علام قلوبهم عيت تلينا
وكان نفوسنا زلت وعالت
واخطينا وكنا مذنبينا
فحنا للعفو منهم طلبنا
وفي حد القصاص إلهم مشينا
وتبنا من عظيم الذنب تبنا
لوجهك يا غفور التائبينا
وكان استبعدوا عنا وقفوا
وعافوا قربنا لما دنينا
ترانا ما نقاطع في وصلهم
نواصلهم ولو هم قاطعينا
نصافيهم على طول الليالي
ولو ماهم غدا كدر وطينا
ولا والله ننسى لو نسونا
على طول الليالي والسنينا
ولو قلنا بننساهم كذبنا
وقل الصدق منا وافترينا
قطعك الله يا ورق تغني
تذكرنا على بالك نسينا
فلو وطت بنا الدنيا وطالت
حشا لله ما عنهم سلينا
ولا فيهم لين القول عاذل
ولا نسمع ملام اللائمينا
ولو هم بالمودة بدلونا
فلا حن عقبهم متبدلينا
عساهم في الرخا لو عذبونا
نراهم في النعيم مخلدينا
طووا عنا كتاب الوصل
واحنا نبطي عن وصلهم ما طوينا
مرض الفيحاني، بسبب أوجاع العشق واللوعة والانعزال والامتناع عن الطعام، مرضًا شديدًا، وشحب لونه، وأصابه الهزال والأرق إلى درجة أن من كان يراه لا يتعرف عليه. فنصحه أصدقاؤه بالذهاب للاستشفاء في مستشفى الإرسالية الأمريكية بالمنامة، لأن قطر لم يكن فيها وقتذاك أي مستشفى. وبالفعل سافر الفيحاني إلى البحرين دون أن يخبر أحد، وقضى بعض الوقت في المستشفى المذكور، ثم عاد إلى قطر وسط تكتم شديد. وفي البحرين عاوده في المستشفى أخوه فهد الذي كان يقيم ويمارس التجارة في البحرين، واستجاب لطلبه بعدم إخبار أحد عن مسألة علاجه في مستشفى الإرسالية.
بعد عودته من البحرين، ظلت حالة الفيحاني تسوء يومًا بعد يوم، فسافر أحد أقاربه وهو سلطان بن ناصر بن طوار إلى البحرين على جناح السرعة ليخبر أخاه فهد الفيحاني بأن شاعرنا في خطر، وقد يدركه أو لا يدركه، حاثًا إياه على ضرورة نقله فورًا إلى البحرين للاستشفاء مرة أخرى. وبالفعل استأجر فهد جالبوتًا خاصًا، ونزل في شمال قطر ثم ذهب إلى «الغارية» ليرى أخاه محمد فوجده في حالة يرثى لها قريبة من الهلاك، فسارع بنقله بمساعدة خادمه سويد من الغارية إلى بلدة الحد بالبحرين على ظهر مركب استأجره من النوخذه خميس العبيدلي. ومن الحد تم نقله إلى المحرق ومن ثم إلى المنامة بواسطة المراكب. وفي المنامة تم إدخاله مجددًا إلى مستشفى الإرسالية الأمريكية، مع توصية من فهد لطبيب المستشفى الدكتور «ديم Daim» بضرورة الاهتمام بأخيه، قائلاً له: «هذا أخي محمد ابن صديقك جاسم الفيحاني، فأرجو الاهتمام والعناية به». فرد عليه الدكتور ديم متعجبًا: «ولماذا لم تخبرني أنه أخوك، يوم أن جئت لزيارته في المرة الماضية. فقال فهد إنه أقسم بأن لا يخبر أحدًا عن وجوده للعلاج بناءً على طلبه».
هنا أخبر ديم فهد إنه لم يعد للعلاج أي فائدة، ولا نستطيع أن نفعل له شيئًا لأن المرض انتشر في كل أنحاء جسمه، مضيفًا: «لو كنت أخبرتني في المرة الأولى لربما كنا وجدنا حلاً». وهكذا أخذ فهد أخاه محمد إلى بيته في منطقة الحورة بالمنامة، وهو نادم على التزامه بتوصية أخيه له بعدم نشر خبر استشفائه في رحلته السابقة إلى البحرين.
وقد أورد علي بن عبدالله الفياض في كتابه عن الفيحاني ما قاله خادم الأخير «سويد» الذي رافق سيده في رحلته العلاجية الأخيرة إلى البحرين من أنه كان يخدمه ويسهر على راحته، وكان كلما أحضر له كأسًا من الماء ليشربه تقيأ في الكأس سائلاً أسود اللون شبيهًا بحثالة القهوة.
أما شقيق الفيحاني عبدالوهاب بن جاسم فقد أخبرنا طبقًا لما هو مذكور في المصدر السابق من أنه وأخاه فهد كانا يجلسان بجوار سريره، وشهدا ساعاته الأخيرة، حينما استيقظ فجأة من غيبوبته ونظر في أعين من حوله، وطلب منهم ورقة وقلما ليكتب شيئًا، ثم عاد ودخل في غيبوبة طويلة تبين أنها غيبوبة الموت. حيث توفي في يوم الجمعة الثامن والعشرين من ذي الحجة سنة 1357 للهجرة المصادف للسابع عشر من يناير 1939 للميلاد عن عمر لم يتجاوز 32 عامًا، ودفن في مقبرة المنامة بالقضيبية، وبهذا تم إسدال الستار على واحدة من أروع قصص الحب في الخليج.
يخبرنا شقيقه عبدالوهاب بن جاسم الفيحاني أن آخر كلمة نطق بها قبل وفاته كانت «مي»، أما ما كتبه على الورقة فقد كان آخر قصائده وهي قصيدة «مذبوح الوديد»، «التي أوصى فيها حافر القبر أن يوسع اللحد، ويجعل بينه وبين التراب حاجزًا، وأن يضع له شواهد ليظهر ويعرف بين الناس أنه قبر من قتله الحب بسبب صدقه وإخلاصه. ويعتبر بعض الذين اطلعوا على نتاج الفيحاني الشعري أن القصيدة التي كتبها على فراش الموت هي أفضل قصائده. من أبيات هذه القصيدة:
ماسمح قلبي يروح ولا يرى
زول محبوبه ولو هو من بعيد
آه واويلاه ياليته درى
كيف حبه في حشا روحي يزيد
أو درى إني منه قد حالي برى
ذايب بالي عقب ماهو حديد
ون من الأبعاد موحي المقبرا
يحفرونه لي وموقن بالوعيد
يالزيمي قول للي يحفرا
يوسع الملحد علشان اللحيد
ويحجز بيني وما بين الثرى
عن عظام ناحلات كالجريد
وأنت يادفان ياللي تقبرا
يامهيل الترب بالسرعة مجيد
حط من فوق القبر حتى يرى
بنيتين كالنصايب له شهيد
يعرفون القبر من جا ينظرا
يعرفونه قبر مذبوح الوديد
قبر من صان المودة وسترا
قبر من لا خان عهد للعهيد
من صبر للحب حتى بترا
زرع قلبه وأودعه حب حصيد
تم عامين بجوفي ينسرا
نسر ملهوف الضواري في المصيد
كود ليمن جاه علمي يذكرا
وانعتوا قبري لمعلوقي وكيد
ياتي لقبري ويذكر ما جرى
يوم أنا وياه في الدنيا عضيد
ويترحم بالدعا ليمن قرا
يوم خلاني وسط قبري وحيد
وأن سمح بالدمع ودي ينثرا
فوق قبري عبرة مثل الوليد
ومن قصائد الفيحاني التي نظمها في عشق «مي»، والتي اشتهرت بسبب قيام الفنان عبدالله سالم بوشيخة وغيرها بغنائها قصيدة «قصت حبالك» التي يقول مطلعها:
قصت حبالك من عقب وصلها مي
واستبعدت من عقب ما هي قريبه
ومن المحبه ما بقى عندها شي
صارت عقب ذيك الصداقة حريبه
إمتر صافي مايها العذب وانطي
اصرى ولا ظنيت يصفي قليبه
ولا هقيت يعود لي ذلك الفي
هيهات مرجوع القمر من مغيبه.