في الحديث عن حماية البيئة دعوات كثيرة تدعو إلى ضرورة اعادة النظر في السلوك البشري والتشريعات.
فليس من شك في ان حماية البيئة مسؤولية مجتمعية تقوم على التعاون بين المواطنين والمقيمين ومؤسسات الدولة والمجتمع المدني.
واننا على قناعة كاملة بان البرلمانات مسؤولة عن تأمين تشريعات تحافظ على البيئة وتعزز الدفاع عنها من الاخطار البيئية كالحروب والأمراض والتلوث بشتى أنواعه وما ينجم عنها من أمراض خطيرة تضر بصحة الانسان.
كتب الباحث والمختص في مجال البيئة الدكتور شبر الوداعي تحت عنوان البرلمان في معادلة بناء السلوك البشري والتنمية المستدامة ان «البرلمان أداة مهمة في صناعة القرار البيئي، وتشخيص وتقنين الاتجاهات الفعلية التي تسهم في تعضيد قدرات الآلية القانونية والإدارية والرقابية للحد من النشاطات غير الرشيدة في العلاقة مع المعالم البيئية».
البيئة في نظر الباحث تمثل القيمة الاستراتيجية في معادلة الامن الانساني وتشكل بفعل مقوماتها لبقاء الانسان وتطوره معادلة ومحورًا رئيسيًا في الكثير من الدساتير في الدول المختلفة في طبيعة مكونات مناهج نظامها السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وتقنن الكثير من الدساتير في العالم محددات الحق البيئي للمجتمع.
وعليه يرى الوداعي فإذا كانت الضمانات الدستورية في الشأن البيئي على رغم اهميتها الاستراتيجية في التأسيس لبناء منظومة قانونية وإدارية للحد من مظاهر الانشطة المدمرة للنظام البيئي، الا ان التجارب المحيطة بواقع الحراك البيئي في مختلف البلدان وبالاخص في الدول الصناعية الكبرى تشير إلى ان ما تسجله الدساتير من ضمانات، غير كاف للحد من تمرير البرامج التنموية غير المؤسسة في بعدها البيئي، المدعومة من اقطاب النفوذ السياسي والاستثماري.
ويشير الوداعي إلى تلك الشركات الاحتكارية الكبرى صاحبة النفوذ في التأثير على منع صدور القرار البيئي الذي يتعارض مع مصالحها الاقتصادية، ويضيف: لعل معالجة الازمة البيئية، وما يرتبط بها من مخاطر على حياة الانسان والتنمية يؤكد على ضرورة وجود ضمانات اكثر جذرية وفاعلية ترتبط بالإرادة السياسية والشفافية والنزاهة في معالجة القضايا البيئية، واتخاذ القرار البيئي المرتكز على قراءة علمية سليمة ونزيهة في معطيات مقومات ابعاده البيئية والاجتماعية والاقتصادية، ووجود برلمان فاعل ومتفاعل مع المشاريع البيئية، ومؤهل لاتخاذ القرار البيئي القويم وتمكينه في التطبيق، وتوفير قواعد التشريع العميقة في بعدها القضائي والإداري والرقابي والاستراتيجي في معادلة النظام الاجرائي، ضمن منظومة منع تمرير القرار البرلمان للمشاريع التنموية المضرة بالمكون البيئي، وبصحة الانسان وقمع الاعمال المخلة بتوازن النظام البيئي، واعادة تأهيل المعالم البيئية وبما يضمن تفعيل قواعد الدستور، وتأكيد ضمانات صون معالم النظام البيئي، وتعضيد انجاز اهداف الخطط التنفيذية في بناء السلوك البشري والتنمية المستدامة.
وفي هذا الشأن كتبت الباحثة سميرة الكندري عن دور التشريعات في اضفاء الفعالية على الإدارة البيئية.
وفي نظرها يتضح هذا الدور في المجتمعات الحضرية، وان اهميتها وفائدتها تضاهيان الإدارة البيئية ذاتها، لانها عند وضع السياسات البيئية لابد من تحويلها إلى قوانين، ولوائح، ومعايير ومبادئ ارشادية، واجراءات حتى يصبح بالامكان للدولة والافراد تطبيقها ومراقبتها.