لكن الرسالة أخذت داخل الولايات المتحدة بعداً آخر. بعض الصحافة الأميركية المُحافظة، اتَّهم الأعضاء الـ47 بالخيانة، وجاء عنوان إحداها «الخونة»، وبعضهم قال إن هذه الرسالة يُمكن أن تفسَّر على أنها انتهاك لـ «قانون لوغان»، الذي صدر عام 1799، وهو يحرّم على المواطنين غير المصرّح لهم التخاطب، أو التفاوض مع الحكومات الأجنبية، أو التدخل بينها وبين حكومة الولايات المتحدة. وتصل عقوبات هذا القانون إلى السجن ثلاث سنوات، ودفع غرامات مالية.
التلويح باستخدام هذا القانون تكرَّر كثيراً في تاريخ أميركا، والمرة الأخيرة في عهد رونالد ريغان، لمهاجمة مرشح الرئاسة الأميركية القس جسي جاكسون بسبب اتصاله بكوبا لإطلاق سجناء أميركيين. عملياً القانون لم يُطبَّق منذ صدوره، وهو شَهِدَ محاولات، وجهوداً لإلغائه وتعديله، وظل من دون تفعيل حقيقي، والسبب في ذلك، ربما، أن لغته فضفاضة، ناهيك عن أن العقلية الأميركية تجاوزت ظروف سَنِّه.
رسالة أعضاء الكونغرس تعدّ سابقة في التاريخ السياسي للولايات المتحدة. للمرة الأولى ينخرط هذا العدد من أعضاء الكونغرس في مناقشات مع مسؤولين في دولة أجنبية. الرئيس هو الممثل الدستوري للولايات المتحدة في ما يتعلق بالدول الأجنبية، لذلك اعتبر الرسالة تدخُّلاً من الدستوريين في عمل الإدارة التنفيذية، وهو ما يعكس حجم غضب الجمهوريين من مسار المفاوضات بين إدارة أوباما، والجمهورية الإسلامية الإيرانية.
لا شك في أن استخدام « قانون لوغان « ضد هذا العدد من أعضاء الكونغرس أمر مستبعد. لكن التلويح به يعبّر عن غضب الإدارة، ورفضها التعدي على صلاحيات الرئيس الدستورية، وتجاوز مبدأ الفصل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.
الأكيد أن موقف الجمهوريين في مجلس النواب الأميركي مؤشـــــر إلى أن المفاوضات بين واشنطن وطهران تجاوزت الحدود التي يرونها، أو يسمحون بها. هل يتغيّر رأيهم فور وصول مرشحهم إلى البيت الأبيض؟ الإجابة ستحددها نتائج الانتخابات المقبلة.