“لبنان يرفض استثمار ايران وبشار لمعركة الجرود ضد داعش”
حاول الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في اطلالته الاعلامية اليوم استباق نتائج المعركة العسكرية الجارية على الحدود اللبنانية السورية ضد تنظيم داعش ، في منطقة شاسعة سروية لبنان ، من خلال وضع السقف السياسي لهذه المعركة بوصفها تتم تحت راية وحدة الجبهتين السورية اللبنانية ، ممهدا للحديث عن وجوب قيام التنسيق السياسي بين البلدين.
في المعركة السابقة ضد النصرة في جرود عرسال خرج نصرالله في خطاب سابق لاوانه قبل انتهاء المعركة ، ليتبين في اليوم التالي ان هدفه كان التمهيد لوقف اطلاق النار والصفقة التي حصلت .
اليوم فان الخطاب سابق لاوانه وليس في الافق ، حسب قوله ، ما يبشر بتسوية وصفقة مع داعش ، فلماذا الاستعجال اذا ؟
الجواب موجود في الحركة السياسية التي تشهدها بيروت هذه الايام مع وجود موفدين سعودي وايراني في الوقت نفسه يلتقيان المسؤولين والقيادات السياسية!! ، فنصرالله اراد من اطلالة الامس ، وهي غير مبررة عسكريا على الاطلاق ، تاكيد ما تسعى طهران الى تكريسه حاليا ، وهو انها ستكون الراعية والوصيه على الملف اللبناني ، بدلا من النظام السوري غير المؤهل حاليا ، والذي ترفض السلكات اللبنانية التعامل معه . وان المعركة الجارية على الحدود هي بقرار ايراني سوري وما الجانب اللبناني فيها الا مشارك صغير.
الكثير من التفاصيل التقنية في خطاب نصرالله والهدف سياسي ، وكل تفصيل يؤدي الى النتيجة نفسها ، وهي ان معركة الجرود ضد داعش هي معركة سورية ايرانية (عبر حزب الله ) لبنانية مشتركة ، ولا ينفع ان تنكر الحكومة اللبنانية ذلك .
الادلة على ذلك كثيرة في الخطاب :
-حزب الله حرر ٢٠ كلم تغافل عنها الجيش اللبناني .
-الجيش السوري تولى جبهة مساحتها تزيد عن ٣٠٠ كلم ولولا ذلك لما تمكن الجيش اللبناني من فعل شيء ، ولغرق في معركة استنزاف طويلة ضد داعش.
-ذكر اعلى مرتفع ، اي حليمة قارة وهي مشتركة بين لبنان وسوريا حيث سيتقابل الجيشان
-حزب الله يفاوض من اجل انهاء وجود داعش وجلاء مصير العسكريين اللبنانيين المخطوفين لدى هذا التنظيم.
-النظام السوري موافق على المفاوضات وسيضمن تسهيل تنفيذ اي اتفاق.
-اذا ارادت الدولة اللبنانية المشاركة في المفاوضات فيجب ان تطلب ذلك رسميا من النظام السوري.
الخلاصة :
ان نصرالله كرس نفسه ناطقا رسميا للمعركة باعتبار انه يمثل نقطة الالتقاء بين الاطراف الثلاثة سوريا وايران ولبنان .
ومن جهة ثانية فان حزب الله لم يستسغ كثرة الاحاديث عن انتصار مرتقب للجيش اللبناني وللدولة اللبنانية فاستعجل نصرالله لتبني المعركة باهدافها ومجرياتها ونتائجها كانتصار حاسم آخر يساوي انتصار تحرير جنوب لبنان من الاحتلال الاسرائيلي .لعل في هذه المعادلة الجديدة تنقية لصورة حزب الله ومحاولة لاستعادة بريقه المقاوم .
نصرالله لم يعجبه ربما مشهد التفاف اللبنانيين حول جيشهم فاراد تلويث صورته بطريقة غير مباشرة اذ وضعه في اطار المعادلة “الذهبية” مع الجيش السوري ، وهذا مرفوض ، لينطلق بعد ذلك في حملة تخوين ضد بعض اللبنانيين وخصوصا في وسائل الاعلام .وللحديث عن الداخل تتمة كما وعد نصرالله وهذا ما ينذر بتصعيد سياسي وربما اكثر لحظة قطف نتائج المعركة.
اما المسحة البطولية لخطابه فقد توجها باعلان ان الولايات المتحدة الاميركية بنفسها تدخلت لحجب انتصاراته ، وهددت وسائل الاعلام بعقوبات على غرار المصارف اذا تعاطفت مع حزب الله .
راينا:
نصرالله لم يخرج في خطابه عن الدور المرسوم لحزبه في لبنان ، اي دور حصان طروادة الذي يخترق الاجماع اللبناني على الدولة ، فيذكر من جديد ، ان الامر له ، لمصلحة طهران ووليها الفقيه ، مهما علا صراخ الآخرين. الا أن الوقائع السياسية ستخذله سريعا .
لقد سبق ان رفضت الحكومة اللبنانية بشدة التنسيق السياسي والعسكري مع النظام السوري ، ولن يفلح نصرالله في تغيير هذا القرار . لقد تولى الجيش اللبناني بنفسه تحديد ساعة الصفر للمعركة ، وترجم ذلك باطلاق اسمين مختلفين للمعركتين المتزامنتين من الجهة السورية تحت “وان عدتم عدنا ” ، ومن الجهة اللبنانية تحت عنوان “فجر الجرود ” .
على الصعيد السياسي يمكن استثمار هذا السلوك السيادي اللبناني باتجاه التحرر من النفوذ الايراني ، وقد لاقى الموقف اللبناني دعما عربيا سعوديا بارسال موفد رفيع الى بيروت ، كي لا يقع المسؤولون اللبنانيون تحت تهويل حزب الله والمبعوث الايراني الذي سبقه .
تم التقرير تحت اشراف د.السيد محمد علي الحسيني .
المشرف العام على المكتب العربي الأوروبي للأبحاث والإستشارات السياسية.