أثارت زيارة الفتاة الأيزيدية الناجية من عذابات جحيم ومسالخ تنظيم داعش الارهابي وسفيرة الأمم المتحدة للنوايا الحسنة إلى إسرائيل للمشاركة في مؤتمر خاص أقيم في الكنيست الإسرائيلي للذكرى السنوية الثالثة لـ(فرمان إبادة الايزيديين )* من قبل تنظيم داعش الارهابي، اثارت زيارة ( مراد ) جدلا واسعأ و استغراباً كبيراً في الأوساط السياسية والإعلامية العراقية وعلى صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، واتهمها البعض بالخيانة والعمالة لزيارتها دولة أجنبية عدوة للعرب.
وهنا كاعلامي وناشط سياسي ومدافع عن حقوق الانسان اينما وجد، اسجل بعض الملاحظات السريعة على الضجة الإعلامية الكاذبة والمفتعلة والتهجم المتعمد وليس ( النقد ) حول زيارة القديسة (نادية مراد )الى إسرائيل وخاصة بعد ان جعلوا من قضية زيارتها ( قميص عثمان ) من جهة، ولحزني الشديد على الحقيقة المفقودة من جهة ثانية:
1 إن قانون العقوبات العراقي لم يرد فيه نص صريح يمنع المواطن العراقي من السفر إلى إسرائيل أو يعاقبه على ذلك، فحتى في زمن (صدام وحزبه الفاشي) كان المواطن العراقي المغلوب على امره عندما يصدر جواز سفر له يختم عليه بعبارة مسموح بالسفر لجميع البلدان عدا (إسرائيل ) ( طبعا هذه العبارة كانت للمزايدة السياسية فقط لاغير) من قبل حكام بغداد الذين الحقوا افدح الاضرار بالقضية الفلسطينية جراء حماقاتهم وشعاراتهم الديماغوجية ومغامراتهم العداونية التي لم يحصد منها الشعب الفلسطيني سوى خيبة الامل، فالنظام الدكتاتوري البائد الذي تباكي زورا وبهتانا على فلسطين واصل سياسة التنكيل والقهر بحق شعبنا العراقي، واراد من وراء حملاته الاعلامية الصاخبة حول الاوضاع الفلسطينية تصريف ازمته وصرف الانظار عن تدهور الاوضاع الداخلية عبر اطلاق الشعارات الرنانة وشتم الحكام العرب واصدار البينات الهوجاء وتشكيل جيش القدس ( لتحرير فلسطين من النهر الى البحر ) وللذين لايعرفون شيء عن ( جيش القدس ) نقول ان حقيقة جيش القدس الصدامي كان بالاساس كونه البديل لتشكيلة الجيش العراقي الذي فقد النظام البائد ثقته به لان صدام كان يريد ان يكون جيشا بعثيأ ( صداميأ ) مغلقأ لكي يضمن ولاء القادة له ولابنه ( قصي) الذي استلم اعلى المناصب في جيش القدس والتي اهله لقمع الشعب العراقي على المدى البعيد، وان ضرب الانتفاضات الشعبية في كردستان وجنوب العراق من قبل جيش القدس خير دليل على ذالك.
اضافة الى ذالك،لقد اعطى الدكتاتور المعدوم ( صدام ) فرصة ذهبية لإسرائيل بعد عزوه للكويت، لمواجهة الانتفاضة الفلسطينية، بعد ان انشغل الراي العام العربي بمتابعة جرائم الغزو البعثي الهمجي في الكويت.
2 الى كل الذين يعانون من صعف في الذاكرة، نقول : ان الشعب الفلسطيني اليوم ليس بحاجة الى الشعارات الزائفة والبراقة، انه بحاجة الى الاسناد الفعلي والدعم المادي والمعنوي والتضامن الفاعل لتحقيق الاهداف المشروعة واقامة ( السلام العادل )، بالضبط كما تمنى القديسة ( نادية مراد ) في صرختها الاخيرة : اتمنى ان يعم السلام والامان في كل مناطق شرق الاوسط، وان يصل الشعبين الفلسطيني والاسرائيلي الى عملية سلام حقيقية تحفظ وتصون حقوق الشعبين، حيث انني سوف استخدم كل طاقتي من اجل احلال السلام في المنطقة لكي لا يتكرر ما حدث مع شعبي الايزيدي ومجتمعي من ابادة جماعية مع اي شعوب اخرى في المنطقة).
3 بأي حق وبأي منطق تًحرمون على ( نادية مراد ) زيارة إسرائيل للمشاركة في مؤتمر (فرمان الإبادة الجماعية ) ضد شعبها وتحللون لنفسكم وعوائلكم السفر الى (تركيا للراحة والإستجمام ), نعم تركيا التي تقود اليوم مشروع كيان سني طائفي لتدمير العراق.
تركيا هذه الدولة المتورطة في صناعة وتمويل واستخدام التنظيمات الارهابية، منها داعش الارهابي، تركيا التي لاتزال تدعم داعش واخواتها وتتغذى على نفطتنا وتقتل شعبنا باموالنا، اضافة الى تعاملها بلغة (القمع ) مع قضية الشعب الكردي داخل وخارج حدودها.
4 القديسة (نادية مراد ) لم تزور اسرائيل بهدف شراء الاسلحة ولا لتوقيع معاهدات ثنائية لاحتواء الانتفاضة الشعبية في الاراضي الفلسطينية واحباط تطلعات الشعب الفلسطيني، ولا لبحث سبل الاستثمار في الاسرائل، ولا لفرض العقوبات الاقتصادية ضد فلسطين، ولا لتفكيك الجامعة العربية، وانما الهدف الاساسي لزيارة ( مراد ) هو مشاركتها في مؤتمر أقيم في الكنيست الإسرائيلي مخصص لجرائم تنظيم “داعش” ضد الايزيديين وبالتعاون مع منظمتين إسرائيليتين تعملان في مجال (حقوق الإنسان) وهنا اضع خط احمر تحت كلمة ( حقوق الانسان )، باعتبار إن اليهود والايزيديين يتقاسمون تاريخا مشتركا من الإبادة الجماعية ( الهولوكوست )..
5 قبل ان تتهموا ( مراد ) زورا وبهتانا، عليكم جميعنا ان تستأصلوا ذالك (المخبر الملثم والرقيب الداعشي ) الذي زرعه ( النظام البعثي البائد) في داخل كل واحد منكم حتى تتخلصوا من النزعة الفردية، والنرجسية، وعقلية التجريم والتخوين والتراشق والكيل بمكايل واللعب بالكلمات في تفكيركم وخطابكم (المعاصر جدا ).
6 ان ادارة الظهر وتغافل الحقيقة يكلفنا المزيد من الكوارث المجانية وعليه يجب ان لا ننسى او نتناسى بان : القديسة (نادية مراد ) هي سفيرة الأمم المتحدة للنوايا الحسنة لكرامة الناجين من الاتجار بالبشر، ولها مهامها الانسانية وليست سياسية دبلوماسية كالتي يحملها سفراء الدول المختلفة لدى الدول الأخرى، ان هدف ( مراد ) هو المساعدة في دعم مختلف القضايا التي تعالجها (الأمم المتحدة ) سواء كانت أجتماعية أو إنسانية أو اقتصادية، أو متعلقة بالصحة والغذاء، وعليه تساهم ( مراد ) في نشر الوعي والدعم تجاه هذه القضايا المذكورة.ومن حقها ان تطلب وتحث الدول العالم على الإعتراف بجرائم داعش ضد الأقلية اليزيدية في العراق على أنها إبادة جماعية.
7ـ إن (العمالة )كما هو معروف صفة تطلق على الشخص الذي يكون بعيدا كل البعد في ( عمله وفكره ومصالحه ) عن مصلحة ( شعبه وارضه ) ويفرط بها من دون اي وازع اخلاقي او حسن وطني، والسؤال المطروح اذن : اين موقع ( نادية مراد ) من العمالة والخيانة؟ هل سلمت ابناء جلدتها للارهابيين؟ هل قادت احزاب طائفية لتدمير بلدها؟ هل تعاونت مع الدول الاجنبية ضد بلدها كما فعلت الاحزاب العراقية (الوطنية جدا)؟ هل وصل اسمها بعد السرقات الكبرى لخيرات العراق ضمن جدول اغنى اثرياء العراق والمنطقة؟ هل تعاونت مع إسرائل لضرب مصالح فلسطين؟ هل هي المسؤولة عن دمار العراق وسوريا واليمن وليبيا ومصر؟ هل هي باعت فلسطين بابخس الاثمان؟ هل هي التي ذبحت العروبة باسم العروبة؟ اترك الجواب لكل من يهمه الامر.
8- لماذا توزعون التهم على القديسة (نادية مراد ) لمشاركتها في مؤتمر خاص أقيم في الكنيست الاسرائيلي لذكرى السنوية لابادة شعبها من قبل تنظيم داعش الارهابي، وتسكتون سكوت الموتى عن المظاهرات الحاشدة والمرخصة من قبل( السلطة الفلسطينية) في غزة (لتأييد داعش وابو بكر البغداداي وتمجيد انتصاراته الكاذبة )(1)، بالضبط كما فعلت السلطة الفلسطينية مع ( الدكتاتور صدام حسين الذي الحق افدح الاضرار بالقضية الفلسطينية برفعه شعارات خادعة وفارغة بحرق نصف اسرائيل )، والاكثر من هذا،هل نسيتم بان فصائل الفلسطينية وصفت محاكمة (الدكتاتور صدام )من قبل القضاء العراقي بـ(العار، والانحدار الوطني والاخلاقي الخطير)، هل نسيتم بان الصحف الفلسطينية تحديدا وصفت ( صدام حسين ) بعد اعدامه بانه كان( له عدل الفاروق وتدبير خالد بن الوليد وبلاغة ونقاوة جده الامام علي) و تخليداً (لذكراه ونضاله من اجل فلسطين ) نصبوا له تماثيل في( بير زيت) ومناطق كثيرة اخرى وقد نشرت الصحف والمواقع الالكترونية العربية اخبارا حول ازاحة الستار عن اكثر من 20 جدارية جديدة عليها صور كبيرة لـ( صدام حسين ) بعد ازاحة حزبه الفاشي من الحكم، وانشئت هذه الجدرايات في عموم مدن ومناطق فلسطين، واطلقوا اسمه على الحدائق والشوارع ليبقى (الرمز صقر العرب الرئيس الشهيد صدام حسين) رمزاً خالداً في ذاكرة كل فلسطيني وعربي مؤمن بعدالة قضيته، والاكثر من هذا وصفوا القاتل (الزرقاوي) الذي اباح دماء العراقيين بـ(شهيد الامة)، ويقيمون الفواتح عليه وعلى (عدي وقصي وعلي الكيمياوي وطارق عزيز )، ويرفعون صور ( صدام حسين ) في مظاهراتهم رغم كل جرائمة التي عرفها القاصي والداني بحق العراقيين وغير العراقيين، اضيف الى ذالك لقد ارسلت (حماس )مئات من الإرهابيين الى العراق من اجل الدفاع عن صدام وحزبه الفاشي وارتكبوا ابشع الجرائم بحق العراقيين، وان معسكر ( نهروان ) السيء الصيت شاهد على ذالك.
وهنا اسأل كل الذين نعتوا القديسة (نادية مراد) بالخائنة، وكل الذين يكيلون الامور بمكايل مختلفة حسب رغباتهم ومصالحهم : لماذا تصمتون صمت القبور عن تأييد الفلسطينيين لداعش والارهابي ابو بكر البغدادي وحثالات صدام حسين، وتضعون القديسة ( نادية مراد )في قفص الاتهام لمشاركتها في مؤتمر خاص أقيم في الكنيست الاسرائيلي لذكرى السنوية لابادة شعبها من قبل تنظيم داعش الارهابي,، اسأل : هل دماء الفلسطينيين دماء و دماء الايزيديين ارخص من الماء؟
لايسعني في نهاية هذا المقال وفي الذكرى السنوية الثالثة لإبادة الإبزيديين إلا ان اضم صوتي الى صوت القديسة ( نادية مراد ) التي قالت ردا على الاشاعات المغرضة والاكاذيب الملفقة والتهم الجاهزة حول زيارتها لإسرائيل : ( اتمنى ان يعم السلام والامان في كل مناطق شرق الاوسط، وان يصل الشعبين (الفلسطيني والإسرائيلي) الى عملية سلام حقيقية تحفظ وتصون حقوق الشعبين، وانني سوف استخدم كل طاقتي من اجل إحلال السلام في المنطقة لكي لا يتكرر ما حدث مع شعبي الايزيدي ومجتمعي من ابادة جماعية مع اي شعوب اخرى في المنطقة ).
تحية إجلال وإكرام للقديسة ( نادية مراد ) التي تناضل من اجل كسر سلاسل العبودية وتدافع عن شعبها بكل اخلاص وتفاني في زمن اصبح فيه الحق باطلا والباطل حقا، زمن أصبح يُصدق فيه المخادع والمنافق والجلاد ويُكذب فيه المخلص والصادق والامين، زمن اصبح فيه الجبان والخائن والمتلون فى صدارة المشهد يعتلون منبر الوطنية، تحت شعار (إن لم تكن مع الحقيقة التي أفهمها فأنت ضدي يجب قتلك واقصاؤك وإبادتك).
عجبا لهذا الزمن….!!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*ان الدراسات التاريخية تشير إلى تعرض الإيزيديين عبر التاريخ إلى 72 حملة(إبادة جماعية)، جلها لأسبابٍ دينية وعرقية، تسببت هذه (المذابح بالويلات والمآسي لهم)، وكان آخرها استهدافهم من قبل تنظيم القاعدة، ومن ثم داعش، إذ استهدفهم تنظيم القاعدة في عام 2007 بمجمعي(سيبا شيخ خدر) و (تل عزير) عن طريق صهاريج مفخخة قتلت أكثر من 500 شخصاً، وجرحت وأعاقت الكثيرين فيما جاءت الأخيرة بتاريخ 3 أب/أغسطس عام 2014 حين شن تنظيم الدولة الإسلامية هجوماً على شنكال (الأعنف والأكثر دموية حتى تاريخ اليوم)، وتؤكد التقارير الحقوقية التوثيقية والإعلامية أنه في ليلة الثالث من آب/ أغسطس 2014 ومع دخول تنظيم الدولة الإسلامية إلى شنكال، ( قتل الرجال والأطفال ودفن الكثير منهم أحياء، أما النساء والبنات فقد سبين ووزعن على مقاتلي التنظيم)، وما زالت الأخبار تتوارد حول بيعهن في مزادات التنظيم في الرقة والموصل والميادين والبوكمال والشدادي.
نقله عن ایلاف