قبل سنوات نشرت مقالاً عن موقف المعارضة الوطنية السورية من(جبهة النصرة) القاعدية.. كتبت في حينه ان انضمام جبهة القاعدة الى المعارضة ضد النظام البعثي الديكتاتوري لا يبرر، باية حال، إعطاءها صكّ البراءة وحسن الظن. وذكرت ان للقاعدة حساباتها وأجندتها الخاصة، المعادية لقيام دولة مدنية ديمقراطية، وأنها تحارب اليوم النظام السوري ولكنها قد تنقل البندقية في المستقبل لتوجيهها الى المعارضة نفسها. في البداية قال الناطقون باسم الجيش الحر ان اعداد جبهة النصرة قليلة ولا داعي للتخوف، ومع الايام صارت النغمة انه يجب الترحيب بدخول الجبهة صف المعارضة، مادام احد لا يعارض دخول ايران وروسيا لنصرة بشار الاسد.
في مقالات عديدة عبرت عن رأيي في ان خروج الانتفاضات الشعبية على الانظمة الاستبدادية من النضال السلمي الى العمل المسلح يحمل معه مخاطر كبرى، إذ ان ذلك يفتح الباب امام دخول كل مجموعة مسلحة الى المعارضة، ومهما كانت غاياتها وأجندتها. وقد يتحول البلد الى ساحة حروب لأمراء السلاح كما الحالة الليبية مثلاً. ان الثورة لا تبرر للثوار كل شيء ولا يجب قبول حجة انه مادام النظام يفعل كذا وكذا، فان من حقنا ان نفعل الشيء نفسه تجاه قواته وأنصاره. وأتذكر ان فريقا من المثقفين المعارضين لنظام صدام سابقا، ادانوا طريقة اعدامه وطالبوا بمحاسبة المنفذين والمشرفين. وعندما يمارس نظام دكتاتوري التعذيب فهذا لا يبيح لمعارضيه إعادة انتاج تلك الممارسات . لو نظرنا الى ما الت اليه الانتفاضات العربية في السنوات الاخيرة لوجدنا ان الحالات الاكثر تعقيداً وخسائر ومأساوية هي حالات سورية وليبيا واليمن، أي حيثما اندفعت المعارضة الى طريق السلاح لفعل القمع الشديد. اما تونس ومصر فيمكن القول ان بالإمكان التفاؤل بمستقبلهما رغم ما تواجهان من مشاكل كبرى وعراقيل هائلة. وكما في مقالاتي السابقة، فأنني اتحدث هنا عن العمل في معارضة الانظمة المحلية وليس عن حالات الغزو الاجنبي، حيث الظروف والمعايير تختلف. ان جبهة النصرة قد غيرت اسمها لكنها لم تتغير في طبيعتها وأهدافها المعادية للديمقراطية، وكذلك شأن التنظيمات الاخوانية و داعش ومن لفّ لفّهم.
وأخيرا، فان الثورة ليست مجرد ازاحة ديكتاتور او حكم مستبد، بل انها تعني تبديلاً في الاوضاع العامة والمجتمع نحو الأفضل في السير لبناء ديمقراطية وعدالة اجتماعية وضمان حقوق الانسان والحريات. وان
مقولة (عدو عدوي هو حليفي) مقولة خاطئة وخطرة. واستبدال بشار الاسد بنظام اخواني او قاعدي حماقة وغباء سياسيان. ومن حسن الحظ ان حكم الاخوان في مصر لم يدم طويلاً. ومن المؤلم ملاحظة ان في العالم العربي معوّقات كبرى امام الديمقراطية وفي مقدمتها، الاسلام السياسي بكل تفرعاته. ومن جهة اخرى فان هنالك حكاما دمويين لاتهمهم مصالح شعوبهم وبلدانهم، ويظلون متشبثين بالسلطة ولو على حساب انهار من الدماء والتسبب في دمار شامل.
نقلاعن ایلاف