صور مرعبة بثتها المنظمات الدولية عن اساليب تعامل قوات عراقية (على الاكثر من المليشيات) مع مدنيين موصليين مشكوك في انتمائهم الى داعش، وكذلك مصادمات مليشيات بدر مع الشرطة المحلية في الموصل. وسواء كان الضحايا مجرمين او ابرياء فان هذه الممارسات الوحشية تكرر ممارسات داعش ولا تليق ببلد متحضر. كما انها تلقي الظلال على الانتصار الذي تحقق بتحرير الموصل. ولو اقتصرت البلوى على ما مر، لقلنا ربما ممارسات موضعيه ، ولكن الانباء تتوالى باستمرار عن انتشار عمليات الخطف والقتل وطلب الفدية حتى في مدن كالنجف و واسط ، ودائماً يكون المذنبون (مجهولون). لقد وعد الدكتور العبادي بالتحقيق في الاعمال التي تمت في الموصل ، فلنر ولننتظر.
ان عراق اليوم اشبه بسفينة في بحر هائج ، بلا ربان حكيم وشجاع ، او ربما سفينة لها اكثر من ربان وكل يريد الاتجاه بها وجهة معينة. وليس خافيا انه الى جانب الحكومة الرسمية ، هنالك سلطة غير معلنه تلعب من وراء ستار وتحاول عرقلة بعض اجراءات الدكتور العبادي. فنحن في اوضاع يجرؤ فيها زعيم مليشياوي على شتم رئيس مجلس الوزراء علنا باتهامه بـ (الكذاب) ونحن في بلد له برلمان عجيب غريب ، تطالب فيه من بين النائبات بتزويج ابنة التاسعة ، ويدعو البرلمانيون الى العفو عن الخاطف اذا لم يقتل ضحيته. وهذه إباحة للخطف وتشجيع عليه. وقد فشلت المطالبات الشعبية المتكررة بمكافحة الفساد والتحرر من المحاصصة الطائفية والفئوية وجرى قمع العديد من المظاهرات السلمية المطالبة بالتغيير… وثمة اقلام تبرر المحاصصة بحجة انها تعني ائتلافات سياسية كما في بعض الدول ألغربية ولنقل كما كانت (جبهة الاتحاد الوطني) في عراق ما قبل ثورة 14 تموز، والصحيح ان المقارنة غير واردة. لان تلك الجبهة كانت بين احزاب علمانية وعلى اساس سياسي. وكذلك الائتلافات الحكومية في دول غربية ، فهي ليست على اساس ممثلي طوائف واديان وقوميات ، بل على اسس سياسية بحته.
لقد نشرت في 2 اغسطس 2010 مقالاً بعنوان (احزان العراق والمستقبل المخيف) كان ذلك بعد الانتخابات البرلمانية الثانية ، التي خسر فيها المالكي ، ولكن الخاسر هو من تولّى الحكم ! كما كان بعد بدء الانسحاب الامريكي ، وما سبقه من تصريحات لوزير الدفاع العراقي من ان الجيش العراقي في حاجة الى 10 سنوات ليكون قادراً على الدفاع عن البلد وامن المواطنين .. اما اليوم فان مليشيات الحشد الشعبي صارت اقوى من الجيش على الطريقة الايرانية ، حيث ان الحرس الثوري له مركز الصدارة قبل الجيش. لقد انهيت مقالي بما يلي نصاً : ( لقد كان بالإمكان انقاذ العراق منذ عدة سنوات لو امكن قيام حكومة تكنوقراط وطنية مستقلة وتأجيل الانتخابات اصلاً وإعطاء عطلة غير محدودة الزمن للبرلمان والانكباب حصراً على ضمان الامن والخدمات ومكافحة الفساد).
رجاء ايضا ولكن احزان العراق وكوارثه قد تكون اكثر واكبر… وهذا ما وقع فعلاً مع الاسف العميق.
نقلاعن ایلاف