متى ينتهي الصراع السني الشيعي؟/ عادل محمد


لقد ساعدت الثورة الخمينية في إيران الجماعات الشيعية في الدول العربية على تأجيج الخلاف بين السنة والشيعة بعد فشل الثورة في الخروج من حدود إيران كما أخذت المواجهة بين السنة والشيعة تتراوح بين صراع فكري يتمثل في محاولة استقطاب الفريقين لأكبر كم من الأتباع من الفريق الآخر، إلى الصراع السياسي والمواجهات المسلحة. على سبيل المثال يعزي المحللون التفجيرات في المدن العراقية نتيجة صراع بين الجماعات السنية مثل تنظيم القاعدة وغيرها وبين التيار الشيعي الصدري وكذلك الصراع بين الحكومات السنية وجماعات حزب الله الشيعية في لبنان والبحرين والكويت، وسبب هذا الصراع رغبة كل جماعة فرض سيطرة مذهبها في أوسع نطاق ممكن من العراق والدول المحتوية على نزاعات وربما بتأثيرات إقليمية كما يراه المحللون مثل محاولة تمثيل نفوذٍ سياسي لإيران في الدول العربية.

من الواضح أن “المجرم المقبور خميني” الذي كان يهدف إلى تصدير ثورته الكاذبة إلى الدول العربية، كان له الدور الرئيسي في الفتن الطائفية وتصعيد وتشديد الخلافات والعداء بين السنة والشيعة، ومنذ قرون شيوخ الدين وعلماء الشيعة المتعصبين يمارسون إهانة وشتم الخلفاء الراشدين والسيدة عائشة، ويغرسون الحقد والكراهية في قلوب وعقول البسطاء والسذج من الشيعة. قال لي أحد أصحابي الشيعي بأن عند مشاركته حفل زفاف أحد أقربائه، قام بعض الشيوخ والعجائز بتوبيخه وملامته لتسمية ابنه “خالد” والسبب أن خالد بن الوليد كان عدو الإمام الحسين!؟.

من البديهي أن رد فعل أهل السنة كان شديداً ضد بعض الشيعة المتعصبين على هذه الشتائم والإهانات، ففي السنوات الأخيرة شاهدنا التحول السريع في مواقف وسلوكيات الكثيرون من أهل السنة الذين تحولوا إلى عنصريين ومتشددين، ولا نستغرب إذ نقرأ لبعض المعلقين العنصريين الشتائم والعبارات الركيكة في منتديات مملكة البحرين: “الفرس الكلاب” و”الروافض حمير اليهود”. وبعض العنصريين المندسين في ساحة شرفاء البسيتين يحتفلون بحرق صحيفة الوسط، ويرددون هذه العبارة القبيحة: “أحفاد القردة والخنازير” مع التكبير”، وبعد مباراة العراق وإيران في كأس آسيا 2015 باستراليا بعض من الجمهور العراقي يشتم إيران عوضا عن شتم عصابة المجرم خامنئي التي تتدخل في شؤون العراق باستمرار. ونتيجةً لكل ذلك بلغت العنصرية والطائفية ذروتها بين السنة والشيعة ، وخلقت المنظمات الإرهابية التي أخذت تنتشر كالفطر في

الدول العربية والإسلامية والإفريقية.

عادل محمد

الحرب السنية – الشيعية… حقيقة أم وهم؟

عبدالله ناصر العتيبي

منذ اليوم الأول الذي أعلن فيه «داعش» احتلاله الموصل، توقع عشرات المحللين والراصدين للأوضاع الشرق أوسطية أن هذا التحول الخطر على الساحة العراقية بداية لحرب سنية – شيعية، قد يتجاوز مفهومها الخلاف السياسي على الأرض ليصل إلى حرب عقدية وقودها «الطريق إلى الجنة والنار».

المؤشرات تقول ذلك أيضاً، والأطراف السياسية العراقية «تقول وتفعل» هذه الأيام ما يؤكد ذلك، لكني استبعد حدوث هذه الحرب، بل أكاد أجزم أنها لن تحدث، لأسباب عدة يأتي على رأسها:

أولاً: لم نخبر في التاريخ الإسلامي صراعاً سنياً – شيعياً تحول إلى حرب حقيقية. الصراعات السنية – الشيعية كثيرة جداً في سجلات التاريخ، لكن جميع تلك الصراعات لم تدخل في دائرة الحرب، إما بسبب حجم نتائجها، وإما بسبب تغلب الأمة السنية في كل مراحل الصراع.

ثانياً: المذهب الشيعي الذي جاء تالياً للمذهب السني ليس مذهباً ثورياً واحتجاجياً كما البروتستانتية، بل مذهب يؤمن بعقيدة مخالفة لمذهب السنة، وبالتالي فهو يوازيه (كلٌ له عقيدته) ولا يتقاطع معه في الطريق إلى الحياة الآخرة.

ثالثاً: المذهب الشيعي لم يأتِ بإصلاحات حياتية ومعاملاتية تمس حياة الشعوب، الأمر الذي جعله مادة «بادئة – مستمرة – منتهية» في يد رجال الدين الشيعة. هذا البعد عن الحاجات الرئيسة الخمسة للشعوب (هرم ماسلو) ألغى الحاجة إلى ثورة – تتلوها حرب – لفرض الرؤية الحياتية التي تفرض طريقة عيش معينة.

رابعاً: كان الحكام السنة منذ البدء – وما زالوا – يتعاملون مع أتباع المذهب الشيعي بمنهجية علمانية تحترم خيارهم ومعتقدهم (الذي ينحصر في الروحية مثلما أشرت)، بعكس أباطرة الكاثوليك في العصور الوسطى الذين رأوا في الثورة اللوثرية تهديداً لمصالحهم التي اكتسبوها من الحق الإلهي في الحكم، والزواج المصلحي مع بابوات الكنيسة.

هذه الأسباب الرئيسة وغيرها أسباب أخرى فرعية، تمنع في تقديري قيام حرب سنية – شيعية في أي مكان في العالم وفي أي زمن، لكن هناك أيضاً العديد من الأسباب التي تمنع قيام حرب سنية – شيعية في العراق في الوقت الراهن، ومن هذه الأسباب:

أولاً: التداخل الكبير بين العائلات السنية والعائلات الشيعية في العراق، وتعدد المشتركات بين الطرفين (هذا الأمر مثلاً موجود في الكويت والبحرين وغير موجود في الإمارات والسعودية)، يجعل من التقاتل على مسألة غير موجودة أصلاً في أجنداتهم اليومية ضرباً من المستحيل.

في العراق لا يمثل معتقد الشخص أولى محددات تعريفه أمام الآخر، هكذا أظن وهكذا أخبر، فلطالما عرفنا الكثير من الرموز العراقية، ولم نلمح في المحددات التي صدرتهم لنا أي ملمح عقدي أو جهوي.

ثانياً: من يُعتقد أنه يعمل على اجتثاث الشيعة ونفيهم من الأرض ليس نسيجاً عراقياً خالصاً، وإنما تنظيم دولي تنتظم تحت رايته مجاميع مكونة من ثوار ذوي جنسيات متعددة. وهذا الأمر تحديداً سيخرج «المواطنة العراقية» من سجنها، لتواجه استغلال الدين باسم السياسة، كما تفعل «دولة القانون»، وإخضاع الدين للحصول على مكتسبات سياسية كما يفعل «داعش»!

ثالثاً: الدعوات الدينية الشيعية الأخيرة لمواجهة الخطر السني، مثل دعوة السيستاني وغيره، لا تعدو كونها إملاءات من الطبقة السياسية الحاكمة في إيران لضمان بقاء ممثل طهران في بغداد (المالكي). الشعب العراقي يعرف أنها ليست دعوات دينية خالصة، وبالتالي من الصعوبة بمكان أن ينجر خلفها تحت وعود الجنة والنار كما تفعل الدعوات الدينية الأخرى في الشعوب المتأدلجة.

رابعاً: السنة في العراق لا يبحثون عن الثورة والحرب من أجل المعتقد. هم يثورون الآن ويختلطون بقصد وبغير قصد بـ «داعش»، للحصول على حقوقهم المسلوبة تحت نظام لم يخجل من أن يعلن عن طائفيته في أكثر من مناسبة.

الحرب الدينية لن تحصل في العراق، وإنما سيدعي هذا الطرف (الداعشيون) أو ذاك الطرف (السيستانيون والمالكيون) حصولها، ليكسبوا من وراء النفخ في نارها!

سنسمع خلال الأسابيع المقبلة مصطلحات جديدة تشبه مصطلحات الحروب الكاثوليكية – البروتستانتية في أوروبا، وسترتفع أسهم رجال الدين في كلا الطرفين، وسيذهب بعض العوام الموهومين لربط ما يحصل في العراق بسخط الرب ورضاه، لكن ذلك لن ينطلي على الجماهير العريضة، ولن يقنع المتحاربين على الأرض أن ما يقومون به حرب مقدسة!

ما يحصل في العراق الآن غزو خارجي لتنظيم إجرامي خارج على القانون، وجد في الفراغ الأمني في شمال وغرب العراق وشرق سورية بيئة مناسبة للتمدد والنمو، كما هي طبيعة كل التنظيمات غير الشرعية، وترافق ذلك مع غضبة سنية في بعض أقاليم العراق على الحكومة الاتحادية التي وضعت علمانيتها على الرف ولبست العمة الشيعية، فاختلطت الغايات والأهداف غير المعلنة «للمجرم الداعشي» الذي هو على باطل مع الغايات والأهداف المعلنة للسني العراقي الذي هو على حق، وبدا هذا «التزاوج الموقت» لبعض المراقبين والراصدين – كما أشرت في بداية هذه المقالة – حرباً سنية موجهة ضد المكون الشيعي العراقي.

الحرب الدينية لن تحصل في العراق، لكن الوجود «الداعشي» المدعوم ببعض الجيوب السنية سيستمر ما لم تتحقق اللاءات الثلاث التالية:

واحد: لا لوجود المالكي في الحكم، ونعم لحكومة توافقية تجمع أطياف الشعب كافة. هذه «اللا» ستبعد السنة العراقيين عن «داعش» وتتركه وحيداً في مواجهة آلة الدولة.

اثنان: لا للتدخل الإيراني في العراق بأي شكل من الأشكال، هذه «اللا» ستطمئن السعودية وتركيا، وستجعلهما ينئيان بثقلهما عن التدخل لفرض رؤية سياسية مقابلة لما سيفرضه التدخل الإيراني.

ثلاثة: لا للتدخل الأميركي، ونعم لدعم الجيش العراقي لمواجهة «ألف» رجل فقط من «داعش»! هذا «اللا» الأخيرة ستجنب العراق احتلالاً أميركياً جديداً ينتهي بعد ١٠ أعوام بتسليمه إلى إيران، كما تجري العادة الأميركية الطارئة خلال الأعوام الأخيرة.

* كاتب وصحافي سعودي

المصدر: صحيفة الحياة

 

 

قرأت لك.. رواية “الحشاش” ترصد الصراع الشيعى السنى فى “قلعة الموت”


غلاف رواية الحشاش

“ترى ما وجه الشبه بين وطن مغتصب وقلب امرأة لن تكون لك، كلاهما يقتلانك فى النهاية وتبقى أنت الملام، تضيع الشعوب بين تفكك وتصارع الفئات عليها، بين تمزق الحكم بين طائفتين كالسنة والشيعة، من يدفع الثمن غير شعب لا يتمنى الكثير، هو فقط يريد الحياة، لا يهمه أبدا حجم الخلافات المتجمعة فى العالم حول قطعة أرض لا يعرف هل هى تتبع السنة أو تنحاز للشيعة” هذا ما قاله الروائى محمود أمين، فى بداية روايته “الحشاش.. الباحث عن الفردوس”.

وفى الروية التى جاءت فى 213 صفحة، استخدم الكاتب جملة تصف طريقة المدافعين عن مصالحهم باسم الدين وطريقتهم فى تنفيذ ما تؤول إليه نفوسهم “إنهم يغيرون مظهرهم كالشياطين التى تتحول إلى ملائكة فى النور، ذلك لأنهم يحاكون الحركات والثياب واللغات التى تأتى بها الأمم والأقوام المختلفة.. يتخفون فى ثياب الشاة لتنفيذ أغراضهم”.

واستعرض محمود أمين، ما حدث فى تلك القرية الصغيرة بجانب قلعة سميت “ألوه أموت” أو “قلعة الموت” وتعنى تعليم النسر أو عش النسر حيث كانت مكان للنسور وأصبحت تستخدم فيها النسور للصيد والمبيت هناك ولم يعرف من بنى تلك القلعة التى كانت مأوى لأخطر فرقة قتالية فى التاريخ “الحشاشين” أصحاب مذهب “الإسماعيلية الشيعية”، يحكى عنهم البطش والسيطرة على كطل البلدان المجاورة لشمال أفريقيا والمغرب فى سبيل نشر دعوتها بحد السيف والقتل.

وقدم محمود أمين، لمحة عن ماهية الطائفة الإسماعيلية الشيعية واستغلالها لضعف واستسلام الحاكم فى الدولة العباسية حينها، كما أنه ألقى الضوء على الانقسامات بين الطوائف المتنازعة سلاجقة السنة والإسماعيلية الشيعية و الإثنى عشر الشيعية.

ويسرد الكاتب، قصة تاجر وابنه وزوجته فى قرية صغيرة تتبع طائفة الإثنى عشر الشيعية، تورطوا خطأ مع زائر من الطائفة الإسماعيلية واضطروا للسفر لقرية أخرى حيث يعيش أخيه وأسرته، ولكن سرعان ما باغتهم اللصوص فى الطريق وقتلوه وزوجته، وعاش الصبى مع عمه فى تلك القرية التى تتبع الطائفة الإسماعيلية.

كما يصور لنا الكاتب طوال سرده لقصة الصبى “عبد الرحمن” معاناته فى بيت عمه وزوجته وانتقاله لبيت التاجر الذى عاش معه لفترة وساعده كثيرا فى عمله، يعطينا فى كل فقرة من فقرات الرواية لمحة عن آثار تربية أبوه وأمه له فطالما أراده والده فارسا عظيما بينما أرادته والدته شاعرا جليلا، ودوما كانت تسمعه الكثير من الشعر والأبيات التى حفظها جيدا.

ويتابع الكاتب بنقلة فى الأحداث، بذهابه “لقلعة الموت” حيث الانضمام لجيش الإسماعيلية الشيعية، الذين إن شكوا فى ولاء أى من الفرسان يأمروا بالقفز من سور القلعة، رأوا فيه فارسا مستقبلا، ولكنه سرعان ما انشق عنهم، عندما أمر بقتل شيخ أصفهان، الإمام علم الدين وما وجد فيه من شيخ لا يستحق الموت لأجل السبب الواهن الذى أقنعوه به وهنا وجدوا فى قتل عبد الرحمن خيرا لهم.

ومع نهاية الرواية، أوضح الكاتب الخيانة غير المتوقعة التى حدثت والتى تعقبها خيانة أكبر، كذلك رصدت الرواية مشاعر الحب التى صاحبت الصبى خلال فترة حياته التى كانت عبارة عن صراعات لم يكن له يد فيها سوى أنه قدره.

المصدر: اليوم السابع