لعل أهم ما سيؤثر على قطر نتاج قرارات بعض الدولة العربية قطع العلاقات الاقتصادية معها، وتضييق الخناق الاقتصادي عليها، هو وضعها المالي المستقبلي.
ما ستتعرض له قطر هو تسونامي اقتصادي سيزلزل قواعدها المالية. السوق القطرية صغيرة جداً ومحدودة للغاية، وبالتالي اعتمدت قطر على التوسع في محيطها الخليجي، فعمدت إلى نشر استثماراتها في قطاعات التجزئة والمصارف والاتصالات والمقاولات والتطوير العقاري. كل هذه المجالات التي تتصدرها شركات قطرية زادت استثماراتها ومبيعاتها وتوسعها الجغرافي، بسبب محيطها الخليجي أولاً والعربي ثانياً، وهو الذي باتت اليوم محرومة منه تماماً، وهذا يعني خفضاً في النمو وانهياراً في السيولة، يترجم إلى عوامل نفسية غير آمنة تتأثر بحالة انعدام الاستقرار ومقدار الثقة المتواصل والمتدافع.
كل الإجراءات الاقتصادية التي أخذت بحق قطر من الدول العربية ستكون نتائجها الأولية ارتفاعاً حاداً جداً في تكلفة الإنتاج، وبالتالي لن تعود المشروعات التي بنيت على معايير تكلفة معينة مجدية كما كانت، وهذا يتعلق تحديداً بجميع المشروعات العقارية والصناعية والتجارية. ولكن الأهم مشروعات البنى التحتية مثل مترو قطر، والسكة الحديد، وملاعب وتجهيزات بطولة كأس العالم لكرة القدم التي تنوي قطر استضافتها، وهي جميعها ستصبح مشروعات باهظة التكلفة، وستتعرض إلى التأخير نتاج ذلك الأمر الدقيق، وأي بدائل أخرى لن تكون بالتأثير ذاته، ولا بالفعالية والكفاءة نفسها، وستزيد تكلفة التأمين على المشروعات والبضائع في قطر، وكذلك سترتفع تكلفة الدين، وينخفض سعر الريال القطري مقابل الدولار الأميركي.
ولكن الموضوع الأخطر الذي ينتظر استثمارات قطر هو ربطها بتمويل الإرهاب، هذه المسألة بدأت تطفو على السطح وسط مطالبات فرنسية بإلغاء الإعفاءات الضريبية التي حصلت عليها قطر لقاء استثماراتها هناك، وكذلك الأمر خرجت تصريحات من ألمانيا تشكك في إمكانية السماح لدول راعية للإرهاب بأن تستضيف بطولات كأس العالم في كرة القدم، وهذا سيأتي بنا للحديث عن مصير الاستثمارات الكبرى للصندوق السيادي لدولة قطر، والتي لديها استثمارات استراتيجية في شركة «فولكس فاغن» العملاقة لصناعة السيارات بحصة تزيد عن 17 في المائة، وهي كبرى شركات تصنيع السيارات في العالم، ولقطر حصة استراتيجية في مصرف «باركليز»، وغيرهما من الشركات الأوروبية الكبرى.
مجرد شبهة تمويل الإرهاب ستدخل الدولة وشركاتها تحت لائحة الترقب والفحص، وإخضاعها لسلسلة إجراءات عنيفة ستعصف بتصنيفهم الائتماني إلى حدود دنيا، وتجعل الدولة أقل جاذبية وأقل تنافسية للاستثمار، وعرضة بالتالي لعقوبات أعنف وأهم.
كرة الثلج الاقتصادية بدأت في التدحرج، وتكبر وتقوى، كرة ثلج ستعصف تماماً بقطر التي يعرفها الجميع. خيط رفيع بين الحكمة والحماقة، وكما يبدو أن النظام الانقلابي في قطر لا يفرق بينهما..
نقلاعن ایلاف