بعد تدني أسعار النفط اتجهت دول عديدة إلى فرض الضرائب، وذلك من أجل الحفاظ على استقرارها الاقتصادي.
دولنا الخليجية هي الأخرى لم تتردد في اتخاذ هذه الخطوة، اذ اقرت تطبيق ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5 في المئة في العام القادم.
وقد دعت مديرة صندوق النقد الدولي «كريستين لا جارد» دول مجلس التعاون إلى فرض ضريبة على القيمة المضافة لمواجهة انخفاض اسعار النفط التي على حد زعمها ستبقى – على الارجح – على ما هي عليه «فترة طويلة» وهو ما يتطلب بحسب رأيها «تقوية اطاراتها المالية، وإعادة هندسة انظمتها الضريبية عبر اعتمادها الكبير على النفط وتعزيز مصادر الدخل غير النفطي».
تقول أغلب الدراسات الاقتصادية إن فرض الضرائب يعتبر أهم مصادر الايرادات العامة لأي دولة، وتعتبر الضريبة أحد أهم مكونات السياسة المالية التي تتبعها الدولة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي.
صحفنا الخليجية تناولت ولا تزال الآثار الاقتصادية والاجتماعية لفرض الضرائب وتحديداً ضريبة القيمة المضافة، ثمة ردود فعل مختلفة تراوحت بين معارض لاعتبار الضرائب طاردة للاستثمارات، ومؤيد لكونها العصا السحرية التي من خلالها ستعالج الاختلالات في الميزانية العامة وتعوض المفقود من ايرادات النفط، وتسهم في تنوع مصادر الدخل وايجاد قنوات تمويلية عن تلك التقليدية المجهدة التي لم يعد الاعتماد عليها مطمئناً.
هذا ما طرح في المنتدى الاقتصادي الذي نظمته احدى الصحف المحلية تحت عنوان الضرائب.. كابوس أم طوق نجاة في ابريل 2016.
ووجه المشتركون في المنتدى تساؤلات عدة أهمها: أي الضرائب بالضبط نحن بحاجة إليها؟ وأي أعباء من الطبيعي أن تتحملها قطاعات دون أخرى؟ وأي شرائح يمكنها أن تجرع الدواء المر بكل قناعة ورضا واريحية وامتنان؟
وفي مقابل ذلك ثمة مخاوف ومحاذير اجمع عليها خبراء الاقتصاد ورجال المال في دول مجلس التعاون، من بينها تلك الآراء المتباينة حول القيمة المضافة، وتشير نتائج الاستطلاع الذي أعدته (جريدة الخليج الاماراتية) استطلعت فيه آراء خبراء المال ورجال الاعمال في دولة الامارات انه إذا كان في رأي البعض ان لفرض الضريبة انعكاسات ايجابية، ابرزها الحد من الممارسات الاستهلاكية السلبية في السوق المحلي، إضافة إلى إعادة تدوير حصيلة الضرائب في مشاريع تنموية تصب في صالح الاقتصاد والمجتمع وتعود بالنفع على الجميع، فإن البعض الآخر يرى أن فرض هذه الضريبة قد يكون له تأثيرات سلبية تتمثل في ارتفاع اسعار السلع والخدمات وهو ما يزيد الاعباء على المستهلكين ويحد من خيارات الشراء لديهم.
ومن المخاوف ايضاً انه إذا التزمت بعض دول الخليج ولم تلتزم أخرى بتطبيق هذه الضريبة فإن مناخ الاستثمارات سيتأثر سلباً في الدول التي تطبق هذه الضريبة مقارنة بالدول التي لا تلتزم بتطبيقها، وبالتالي فإن الزامية تطبيق الضريبة على مستوى كافة دول الخليج على درجة كبيرة من الأهمية، في حين اشار رأي آخر إلى ان هناك فروقات سعرية واضحة في اسعار السلع في دول الخليج، وهو ما يجب معه اتخاذ اجراءات فاعلة للحفاظ على المنتجات الوطنية ويمنع ظاهرة حرق الاسعار والمنافسة غير العادلة.
صحيح كما يقول خبراء الاقتصاد ان ضريبة القيمة المضافة ليست ضريبة على الربح وانما هي ضريبة على الاستهلاك، ما يعني انها افضل من فرض ضريبة على الدخل، حيث ستشجع على تقليل الاستهلاك وتشجيع الادخار، وصحيح ان فرض هذه الضريبة يأتي بناءً على توصية من صندوق النقد الدولي بهدف توفير دخل مستدام للدول الخليجية والحد من الاعتماد الكلي على عائدات النفط، ولكن الصحيح ايضاً كما يقول المحللون الماليون المعتمدون في دولة الامارات: «ان ضريبة القيمة المضافة تشكل مثالاً على تغير النهج الاصلاحي للسياسات المالية في دول مجلس التعاون، ولكن هذه السياسة سوف تؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم، ورغم ان معدلات التضخم تتأثر بقوة بأسعار الفائدة ومعدلات النمو الاقتصادي، الا ان التأثيرات المباشرة لذلك التغير سوف تفرض تحديات جديدة على المستهلكين والشركات على حد سواء».
وباختصار إن الآثار السلبية لضريبة القيمة المضافة سوف تضيف أعباء اضافية على المستهلكين وسوف تؤدي إلى ارتفاع الاسعار ومعدلات التضخم!
وفي هذا السياق ترى غادة عبدالله الباحثة في مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة أن فرض القيمة المضافة وخفض دعم الطاقة يشكل جزءاً من برنامج واسع النطاق للاصلاحات الاقتصادية في المنطقة، وتدرك دول مجلس التعاون انه رغم ان فرض ضريبة القيمة المضافة يسهم في تنوع مصادر دخل الحكومات، إلا أن فرض الضرائب من اجل زيادة الايرادات الحكومية من دون أي تغيير في طبيعة الانفاق الحكومي لن يكون كافياً لاستدامة التدفقات المالية الحكومية.
وهو ما يعني من الأهمية إعادة النظر في الانفاق الحكومي مع الحفاظ على حقوق ومكتسبات المواطن.