ستبدو الجزيرة الآن وهي ترسل صرخات في الظلام ليصبح هذا العنوان الذي اختارته قبل سنوات معدودة لفيلم مضاد للبحرين ولشعبها هو واقع حالها اليوم في محيطها الخليجي الذي كانت ومازالت تحلق خارج سربه وفي الاتجاه المعاكس لطموحاته ومواقفه.
وكم كان صادمًا ذلك الفيلم بما احتواه من موقف مناهض للبحرين وشعبها، ومنحاز للواجهات الايرانية وأذرع حزب اللات الذين احتلوا بعض المراكز الحيوية ومنها مستشفى السلمانية «وهو المستشفى المركزي في البحرين»، والذي اختار طاقم الجزيرة ان يختاره ويخصص جزءًا طويلاً من فيلمه لنقل تلك المسرحية المفبركة التي قام بتمثيلها وأداء ادوارها مجموعة من الانقلابيين العاملين بالمستشفى، فيما تولت الجزيرة تصوير وإخراج المسرحية عبر إنتاجها الحماسي لفيلم «صرخات في الظلام»، وهو العنوان الذي اختاره الأجانب العاملون بالجزيرة لأسوأ وأخطر فيلم في تشويه حقائق ما كان يجري، ونقل صورة مزيفة بالصوت والصورة للتأثير السلبي على المشاهدين العرب والأجانب.
كانت الجزيرة في ذلك اليوم هي التي تصرخ في العالم وتنادي الدنيا للتدخل في البحرين، وتسمي ذلك الانقلاب المؤامراتي الايراني الكبير ضد البحرين العربية «جارة الجزيرة» بـ «الثورة المنسية» لأن العالم حسب رأي الجزيرة لم يتدخل في البحرين ولم تدك طائرات حلف الاطلسي المواقع العسكرية البحرينية والوزارات السيادية والمؤسسات الحكومية لصالح حفنة انقلابيين كانت الجزيرة ترافقهم بكاميراتها ومصوريها، وتنقل للعالم دعايتها وتسوق للانقلابيين في موقف لا يمكن تبريره وفهمه خارج الارتباطات المشبوهة لهذه القناة التي تعمل لأجندات تدميرية لخليجنا العربي.
ودارت الأيام دورتها المحتومة واذا بالجزيرة الآن تمر بأسوأ لحظاتها منذ انشائها عام 1996، فقد انفض عنها وهجرها المشاهد الخليجي وأصبح المثقفون والكتّاب يرفضون استضافتهم في برامجها بناءً على مواقفها المناهضة والمضادة.
الجزيرة التي لم يخرج من خلف شاشاتها مذيع قطري من أبناء شعب قطر، واستوردت طاقمها الأول التأسيسي من بقايا طواقم البي بي سي العربية، لم تستطع أن تنتمي إلى الخليج أبدًا، وظلت صوتًا لا يعبر عن الخليج والمنطقة لا في شكله الخارجي ولا في مضمونه، فهي قناة أجنبية مبهمة الانتماء ناطقة بالعربية لكنها مضادة للعرب.
فطوال أكثر من عقدين من الزمن لم تكتسب هوية البلد الذي تبث منه برامجها، بل زادت في ذلك بأن أصبحت الجزيرة «القناة» تفرض على البلد الخط السياسي والموقف السياسي من أحداث عربية ساخنة تصنع الجزيرة موقف قطر منها وتحدد له المسار، وهذه نادرة تاريخية سياسية لم يشهد لها العالم مثيلاً.
ففي الوقت الذي كان فيه شعب البحرين هلعًا على بلاده يخرج شيبه وشبابه لمواجهة الانقلابيين المأجورين من طهران وقم، كانت الجزيرة بتقاريرها وبفيلمها الخطير «صرخات في الظلام» تعلن الانحياز المطلق للانقلابيين وتقدم لهم خدمات إعلامية ودعائية مجانية لم يكونوا يحلمون بها، بل ولم توفرها لهم طهران بمثل ما وفرتها الجزيرة لهم آنذاك وهي تراهن على أوهام «نجاح» الانقلاب، ولم تكن تعلم بمدى التفاف شعب البحرين حول قيادته ومع عروبة بلاده.
المصدر: الأيام البحرينية