جناية الطائفية على لبنان وشعبه/السيد زهره


أخيرا، تم انتخاب ميشال عون رئيسا للبنان.
حدث هذا بعد عامين ونصف العام من الفراغ والعجز عن انتخاب رئيس.
عامان ونصف العام، ومؤسسات الدولة مشلولة وعاجزة، ومصالح الناس معطلة، والسياسة الداخلية والخارجية مضطربة.
لماذا حدث هذا على امتداد عامين ونصف العام؟
الكل يعلم الإجابة.
السبب هو النظام الطائفي في لبنان القائم على أساس المحاصصة الطائفية.
هذا النظام هو الذي أتاح لقوة طائفية واحدة هي حزب الله ان تحتجز الدولة اللبنانية رهينة، وان تمنع انتخاب رئيس على امتداد كل هذه الفترة.
بالطبع، لم يفعل حزب الله هذا من اجل لبنان والشعب اللبناني أو في سبيل أي مصلحة لبنانية، وانما من أجل مصلحة الحزب الطائفية الضيقة، وخدمة لسادة الحزب في إيران ومشروعهم.
وهذا الفراغ الطويل وشل مؤسسات الدولة على امتداد عامين ونصف العام حدث ايضا لأنّ النظام الطائفي جعل لبنان دولة مخترقة من الخارج، وتحديدا من إيران بالذات التي اصبح لها عن طريق عملائها كلمة حاسمة في كل ما يجري على الساحة اللبنانية. وايضا، لا يعني إيران بالطبع من قريب أو بعيد أي مصلحة للبنان والشعب اللبناني، وانما فقط مصلحة عملائها ومشروعها الطائفي في المنطقة.
المأساة في انتخاب عون رئيسا للبنان ان هذا ما كان من الممكن ان يحدث لولا ان سعد الحريري والقوى السنية في لبنان اضطرت إلى تقديم تنازلات والرضوخ لارادة حزب الله. فعلت هذا تقديرا منها ان مصلحة البلاد تقتضي هذا وتحتم انهاء هذا الفراغ الرئاسي الطويل ومحاولة استعادة دور مؤسسات الدولة.
ولهذا، لم يكن غريبا ان يعتبر علي اكبر ولايتي مستشار المرشد الإيراني خامنئي ان انتخاب عون هو انتصار فقط لـ«حزب الله ولحسن نصر الله وأصدقاء إيران». واعتبر ايضا انه انتصار لمشروع إيران في سوريا آخذا في الاعتبار ان عون هو مرشح حزب الله اساسا ومواقفه مما يجري في سوريا معروفة.
رغم كل هذا، لا شك ان انتخاب رئيس للبنان خطوة مهمة، ومن حق اللبنانيين ان يكون لديهم شيء من التفاؤل والأمل.
لكن، يخطئ من يظن ان انتخاب رئيس سوف ينهي مشاكل لبنان، أو سوف يقود تلقائيا إلى خروج مؤسسات الدولة من حالة الشلل، أو سوف يضع لبنان عموما على الطريق الصحيح.
يكفي ان نشير هنا إلى ما قاله نبيه بري رئيس مجلس النواب اللبناني قبل ايام، من انه يتوقع حتى في حال تعيين سعد الحريري رئيسا للوزراء، ان تشكيل الحكومة الجديدة سوف يستغرق ستة اشهر.
لبنان بحاجة إلى ستة اشهر اخرى كي تكون لديه حكومة جديدة.
مفهوم مرة اخرى ان السبب هو هذا النظام الطائفي وهذه المحاصصة الطائفية. رئيس الحكومة عليه ان يجرب عشرات المحاولات وان يقيم توازنات لا أول لها ولا آخر كي يتمكن من تشكيل حكومة تحظى بقبول كل القوى على اسس طائفية وليس على اسس وطنية عامة.
ان يحتاج بلد مثل لبنان إلى ثلاث سنوات كاملة كي يتمكن من انتخاب رئيس وتشكيل حكومة، هذه جريمة كبرى بحق الوطن وبحق الشعب.
ولنلاحظ ان هذا يحدث في وقت تمر فيه المنطقة بتطورات واحداث في منتهى الخطورة، ولبنان نفسه يواجه تحديات رهيبة على كل المستويات.
ما يحدث في لبنان وما يعانيه على هذا النحو هو نموذج لبشاعة الطائفية والنظام الطائفي وما يرتكبه من جرائم بحق الدولة والشعب.
بالطبع، لسنا بحاجة كمثال آخر إلى الحديث عن نموذج العراق الذي هو اكثر بشاعة من نموذج لبنان.
في العراق، النظام الطائفي قاد إلى تدمير الدولة والشعب بمعنى الكلمة.
نقول كل هذا لأنه من المفروض ان يكون درسا قاسيا بليغا للكل في الدول العربية.
من المفروض ان يدرك الكل هنا في البحرين وفي كل الدول العربية على مستوى القوى السياسية ومستوى الشعوب الفظائع والجرائم المروعة المرتبطة بالطائفية والنظم الطائفية، وان يدرك الكل فداحة الجرم الذي ترتكبه بعض القوى حين تقوم اجندتها على المطالبة بنظم طائفية شبيهة.

نقلاً عن أخبار الخليج