لنا وجهة نظر في الانتخابات الايرانية عرضناها في هذه المساحة، ويمكن التذكير بها باختصار وهي أن طبيعة النظام الايراني «نظام ولاية الفقيه» بما له من سلطات ممتدة بقوة وممسكة بإحكام بمفاصل القرار لا تشكل انتخابات الرئاسة ولا المؤسسات «الشورى» قوة فاعلة ومؤثرة في القرار العام.
ومع ذلك نستطيع القول إن هذه الانتخابات هي منافسة خفية ومضمرة على خلافة المرشد والولي الفقيه الذي تسربت أخبار رسمية عن مرض عضال أخذ يفت في جسده الشائخ أصلا بما يضع منصبه موضوع منافسة أو تنافس بين الفرقاء هناك الطامعين منهم والطامحين الى الخلافة والامساك بالسلطة امساكا حقيقيا فاعلا ومؤثرا بلا حدود.
وبالتالي فالفائز عينه مصوبة على مقعد الولي الفقيه وسلطة المرشد وسطوته، وفوز الفائز في الانتخابات ستعتبره ماكينته الانتخابية والاعلانية «استفتاء شعبيا لخلافة المرشد واستلام الولاية» كما لاحظ ذلك الاستاذ مصطفى فحص الخبير بالشئون الايرانية.
القوة الوحيدة التي يحسب حسابها في نظام الملالي هي الحرس الثوري المحافظ أوبالأدق المتطرف حد الغلو الطائش مذهبيا وعصبويا وقوميا شوفينيا فاقعا ما يضع مستقبل نظام الولاية ما بعد خامنئي امام منزلق مفتوح على كل الاحتمالات المجهولة مع نزق الحرس الثوري وقياداته المتشددة بتهور تحتمل معه كل احتمالات المغامرات الطائشة التي عرفت عن ذلك الحرس وعن قائده الحقيقي قاسم سليماني المدعوم منذ بزوغ نجمه من المرشد الأعلى والولي الفقيه الذي يشعر أن الحرس الثوري هو خط هجومه الأول وقاسم سليماني يشكل رأس الحربة الضاربة باسم المرشد الاعلى وضمن مشروع تصدير السلطة والسطوة الايرانية تحت العنوان البراق «تصدير الثورة».
والسؤال الذي يطرحه عدد من المراقبين المهتمين بالشأن الايراني هو الى متى سيستمر نظام ولاية الفقيه بتشدده وغلوه وتطرفه ومشروعه في ظل المتغيرات والتحولات الداخلية والخارجية وانحسار حلفاء النظام على الصعيد الدولي والأممي في محاولاته العمل على «اعتدال» النظام بحسب نظرية باراك أوباما التي راهن عليها لسنوات عديدة فخاب رهانه وانعكست الخيبة على شعبية حزبه «الديمقراطي» ففشلت مرشحته هيلاري كلينتون بسبب تلك النظرية الأوباماية التي يحاول الآن ترامب وفريقه الرئاسي ترميم ما خلفته وما تركته وراءها من آثار سلبية في العلاقات الأساسية مع الحلفاء التاريخيين للولايات المتحدة الأمريكية وهم حلفاء وإن كان لهم ملاحظات على السياسة الأمريكية الخارجية إن هم ظلوا حلفاء حتى جاء أوباما بنظريته ومنهجه فزعزع ذلك الحلف التاريخي الذي لم يقرأ تفاصيله وأهميته بدقة.
ايران من جانبها وأثناء التحضير لانتخاباتها وفي عمق التفكير في خلافة مرشدها فقدت أوباما وفقدت هيلاري بما شكل ضغطا عصبويا في مشهد قرارها.
وبالتالي فالرئيس الايراني القادم هو الولي الفقيه وهو المرشد الأعلى القادم، هكذا يرجح المحللون السياسيون المعنيون بالشأن الايراني، وهو في النهاية تحليل يظل في دائرة التكهنات والتوقعات حتى وان كانت قائمة على التحليل والتفسير، فصراع العمائم الايرانية صراع خفي لا تظهر مخالبه على السطح فتلك نظرية «التقية السياسية» وهي نظرية باطنية مشروعة فيها كل الوسائل الشرعية واللا شرعية وقد نكون في كثير من صراعات العمائم «اللا شرعية» هي الحاسمة للصراع الخفي المحتدم والذي سينتهي أو يحسم دائما بالموت الفجائي او الاغتيال المجهول أو الانسحاب وفق نظرية الاقامة الجبرية المطبقة بقسوة هناك واستذكروا تجربة الاقامة الجبرية لآية الله منتظري خليفة خميني كما أشاعوا والمتوفي في اقامته الجبرية كما أذاعوا.
نقلاً عن الأيام