مقال الكاتب علاء الدين الأعرجي ومحمد الأنصاري عن الحضارة العربية/ عادل محمد

في موضوعي السابق “التاريخ والحضارة الفارسية العريقة” قدمت ثلاث شهادات للكاتب علاء إبراهيم حبيب. واليوم أقدم له شهادتين عن جمود وانقراض الحضارة العربية
عادل محمد

———-

6064

بقلم علاء الدين الأعرجي

هل نحن كعرب ننحدر نحو الانقراض!؟
1- في الفصل الأول من كتاب ” أزمة التطور الحضاري في الوطن العربي” تحت عنوان ” النهضة أو السقوط”، ذكرتُ سبعة عشر مؤشراً على انقراض الأمة العربية، منها الحروب الداخلية والأقليمية والهجرات الجماعية وهجرة أصحاب الكفاءات، عمليات التجزئة والتقسيم على أساس العرق(العراق ،كردستان، سوريا) أو الدين ( السودان) أو المذهب(محافظات سنية وأخرى شيعية، العراق، سوريا، لبنان)، والفجوة الحضارية بيننا وبين العالم المتقدم والغزو الثقافي ومؤامرات الآخر…. وأضيف إليها ظهور بعض الجماعات الإسلامية المتطرفة (داعش، القاعدة…) إلخ. وهذا ما يحصل اليوم على نطاق واسع . علماً أن المؤرخ البريطاني أرنولد توينبي يعتبر الحضارة الإسلامية( بما فيها العربية) آيلة نحو الانقراض.
2-بعد أن تناولت في الفصل الثاني(من كتاب أزمة التطور الحضاري) تحليل نظريات ابن خلدون وتوينبي في سقوط الحضارات، تطرقت إلى أهمية تجنب هذا المصير الذي لقيه الكثير من الحضارات، واستندت إلى نظرية فيلسوف التاريخ أرنولد توينبي في “التحدي والاستجابة”. واستـنتجت أن” عنصرَي الحركة والجمود” يُشكِّلان مناط نشوء الحضارة وسقوطها. فالديناميكيَّة (الفعَّاليَّة، الحركة، الصيرورة، التغيير، الإبداع) هي السِمَة التي تنقل المُجتمع من التخلُّف إلى الحضارة، في حين أنَّ الاستاتيكيَّة (الركود، الجمود،، أو المحافظة على القديم بل تقديسه) تجعل المُجتمعَ مُتخلِّفًا أو بدائيًّا”. أي إذا استجابَ للتحديات، بإبقاء القديم على قدمه أو بالنكوص إلى الماضي، مثلا ، فإنَّ ذلك يُعتَبرُ تخلـفـًا، يُؤدِّي إلى تدهور الحضارة ثمَّ انهيارها.
مفكر/ باحث عراقي مقيم في نيويورك
نقلاً عن موقع الگاردينيا
———
6065

جمود العرب الحضاري وانحطاطهم التاريخي
بقلم محمد جابر الأنصاري

العرب مؤسسو دولة، ومنشئو حضارة، وقادة فتوحات، فكيف تحولوا إلى جمودهم الحضاري وضياعهم التاريخي؟ ثمة اسباب موضوعية لذلك.

ففي عهد المأمون استُبعد العرب عن قائمة «الجند». أي أنهم لم يكونوا يستحقون انضمامهم لصفوف الجيوش. أما في عهد المعتصم، فقد بنيت سامراء وسمح للأتراك بسكنى بغداد.

وقد كتب الجاحظ، أديب تلك المرحلة، ضمن سلسلة «رسائل الجاحظ» رسالةً في مدح الترك في الظاهر. لكنه كان يضمر شيئاً آخر. حيث جاء في تلك الرسالة: «والترك أهل زراعة وفلاحة. وهم أعراب العرب. ولا يكاد التركي يركب حصانه ويسدد رمحه، حتى يتوقع عدوه منه كل الشر». هكذا تحدث الجاحظ عن الترك. وقد ذكر المؤرخون أن أهالي بغداد لما اشتدت وطأة الترك عليهم، ذهبوا إلى سامراء.

أما الفرس فقد دخلوا في تكوين العرب. ومن يقرأ رواية «العباسة أخت الرشيد» لجرجي زيدان، تتضح له الصورة، ويرى الموقف من مختلف أبعاده.

وخلا عصر الانحطاط من الرجال المبدعين والقادة، ولم يكن هناك أبو بكر ولا خالد بن الوليد ولا عمر بن الخطاب ولا علي بن أبي طالب. واضطر العرب أن يخضعوا للترك وللفرس، وكان الصراع بين تلك القوتين هو أساس الانحطاط في الاسلام.

كان الترك يمثلون الدولة العثمانية والفرس يمثلون الدولة الصفوية وكانت الغلبة للترك. وعرف عن الفرس «تآمرهم» مع القوى المسيحية ضد العثمانيين. ومن هذه الواقعة انقسمت دار الاسلام ولم يستطع العثمانيون العبور إلى أوروبا التي احتلوا قسماً كبيراً منها. وهكذا ساهم الصراع العثماني – الفارسي في تأخر العرب وتأكيد انحطاطهم.

ومن مظاهر انحطاط العرب في تلك العصور جمود العقول، وقلة الابداع العلمي، وكثرة الحروب بينهم. ومؤرخو السير لم يتركوا شيئاً إلا ذكروه في هذا الشأن. ومن ضمن ما ذُكر في تلك السير عن العرب، أنهم إذا رأوا صاحب سلطة وهو على دين غير دينهم تحالفوا معه من دون تردد.

ومن يقرأ عن تأخر العرب في تلك العصور يجد استمرار انحطاطهم وتأخرهم وتوالي خضوعهم لشتى أنواع الاستعمار. حيث تولتهم الدولة العثمانية واستلمهم ولاتها، واُنهك جسد العرب. وعندما غزاهم الأجانب، لم يكن لديهم من القوة ما يسدون به مسداً، وقد تقاسم الغزاة ديار العرب. وعندما حدثت حادثة «المهدي» في السودان بهزيمة الانكليز، كان ذلك بمثابة يوم القيامة!

وضمن هذا التأخر، كان غريباً أن تظهر بين العرب شخصيات كالشيخ محمد عبده، وطه حسين، وسواهما من أهل الفكر والإصلاح، الذين انشغلوا بالنهضة، وكانت نهضة عظيمة. إلا إنهم صدموا بالفارق بينهم وبين الغرب. وبقوا تحت تأثير هذه الصدمة زمناً طويلاً. وكانت صدمة عظيمة الأثر خلقت من الوعي لديهم ما خلقت … ومهدت الطريق لنهضة لم يكتب لها أن تستمر طويلاً!

* اكاديمي وكاتب من البحرين
نقلاً عن موقع جريدة الحياة