ترمب يواجه الحقيقة/ بيير غانم

60032

يوم 4 – 4 – 2017 هو يوم مأساة في سوريا، وسيكون أيضاً يوم واجه دونالد ترمب حقيقة أن يكون رئيساً للولايات المتحدة الأميركية!

ما حدث قبل ذلك كان انتخابات وخاضها ترمب بكل قوته وذكائه وماله. دخل واشنطن مثل قائد روماني عاد منتصراً من أرض المعركة، ودخل إلى البيت الأبيض بعقلية صانع التغيير في الولايات المتحدة وفي الساحة الدولية، ومن حينه حدثت أشياء.

أولها أن الرئيس الجديد أمر بعملية كوماندوس في اليمن، وقد قتل جندي أميركي من الوحدات الخاصة. ذهب ترمب لاستقبال الجثمان والتقى أهل الجندي القتيل. تحدث ترمب عن تلك التجربة، وقد ضاع منه الكلام، وقال “إن ما رآه كان جميلاً جداً”.

بعد ذلك أخذ ترمب قرارات مهمة، مثل الذهاب مع “قوات سوريا الديمقراطية” إلى الرقة، وزيادة عدد المستشارين العسكريين في سوريا والعراق، وبدا حذراً جداً وكأن تجربة اليمن كانت درساً أول.

يوم 4 – 4 – 2017 قصف النظام السوري خان شيخون، وشاهد دونالد ترمب صور الأطفال القتلى! مات أكثر من ستين سورياً على يد نظام الأسد، ومات أيضاً “المرشح” في دونالد ترمب.

خلال المؤتمر الصحافي مع الملك عبدالله الثاني في حديقة الورود بالبيت الأبيض قال ترمب ما ترجمته حرفياً “وأقول لكم إن الهجوم على الأطفال أمس كان له أثر كبير عليّ، أثر كبير!”. وأضاف أن أمراً آخر حدث “وهو أن موقفي تجاه سوريا والأسد تغيّر كثيراً”.

كلام ترمب هذا يجب أن يثير لدينا بعضاً من المرارة، لأن كل الرؤساء الأميركيين يصبحون رؤساء فعلاً، بعد أسابيع من حفل تنصيبهم ودخولهم البيت الأبيض. دونالد ترمب مثله مثل أي رئيس قبله تصنعه اللحظات ويصبح إنساناً آخر عندما يقف أمامه مستشار الأمن القومي أو كبير الموظفين وهما يخبرانه أن مأساة وقعت، ومسؤوليته الآن هي التعاطي مع الواقع.

كلام ترمب يجب أن يذكّرنا أن المجرمين هم الذين يفرضون على الرؤساء الأميركيين الواقع المر حول العالم، وهذا ما فعله بشار الأسد عندما استعمل سلاحاً كيمياوياً في خان شيخون، وهذا ما فعله رئيس كوريا الشمالية عندما أطلق صاروخاً باليستياً باتجاه بحر اليابان في اليوم ذاته، وهذا ما فعله أسامة بن لادن عندما شنّت القاعدة هجوماً رباعياً بالطائرات المخطوفة يوم 11 – 9 –2001.

يجب القول الآن إن كل ما سمعناه من ترمب وعن ترمب أصبح من الماضي.

دونالد ترمب واجه حقيقة أن يكون رئيساً للولايات المتحدة، ومن الآن فصاعداً عليه أن يقرّر إرسال جندي أميركي إلى ساحة المعركة أو يترك العالم في مصائبه؟ أن ينغمس أكثر في سوريا أو يحبس أميركا خلف البحر ووراء السياج؟

يوم 4 – 4- 2017 سقط فلاديمير بوتين الحليف من عقل ترمب وجاء بوتين الذي يتحمّل المسؤولية عن تصرفات الأسد! ويوم 4 – 4 – 2017 كان يستعد رئيس الصين لزيارة ترمب في فندقه للتحدث إليه عن التجارة وأصبح رئيس الصين الذي عليه أن يتحدث عن ضبط صواريخ.

كوريا الشمالية ومنعه من تهديد اليابان وكوريا الجنوبية والسفن الأميركية في المياه الدولية!

يوم 4 – 4 – 2017 مات الأطفال وصار لنا رئيس يعرف الآن أن البيت الأبيض ليس استوديو تلفزيون، ويعرف أن العالم مليء بالمجرمين!

نقلاعن العربیه