انتخابات إيران بين السيئ والأسوأ/سعيد الحمد

لم يكن استبعاد محمود أحمدي نجاد الرئيس الايراني السابق من الترشح ومنعه من خوض المنافسة مفاجئا لابسط بسيط في ايران وخارجها، فالمرشد الأعلى وبسلطة وسطوة الولي الفقيه كان قد أصدر قرار المنع والاستبعاد منذ أسابيع حين طلب من نجاد عدم الترشح لكنه «نجاد» فعلها لمجرد البروباغندا ومحاولة العودة لبضعة ايام الى عناوين الاخبار والاضواء وهو يعلم في قرارة نفسه بوصفه ربيبا للنظام بأن ما يسمى بمجلس صيانة الدستور سيبعده وسيحرمه من حقه في الترشح دون أي اعتبار يذكر ولحقوق المواطنة الذي يتشدق به نظام طهران.


وانتخاباتهم الممسرحة وكما قال أحد المواطنين هناك هي بين السيئ «روحاني» وبين الأسوأ «ابراهيم رئيسي» المرشح الأقوى للرئاسة ولخلافة خامنئي في منصبه وهو يتوسم ويترسم خطى مرشده بالضبط ويسير على ذات المنهج ويعبر عن ذات الفريق الذي يسمى تجاوزا بالمتطرفين وهي مجموعة تعبر عن صراع المصالح عن مراكز القوى الذي يتقاسمه فريقان أطلق عليهما توصيف «المتطرفون» و«المعتدلون» وهما في الحقيقة لا يختلفان في المنهج والتفكير، وانما يخوضان صراع مصالح على الكراسي والمراسي والسلطة التي يأخذ صراعها عادة طابع حرب الاخوة الأعداء.

ويبدو ابراهيم رئيسي المولود في مشهد العام 1960م ابرز المرشحين وصاحب الحظوظ في اللعبة الانتخابية الممسرحة فقد دفع به خامنئي نفسه الذي يعتبره «رجله» وربما خليفته بالرغم من سجله الممهور بختم اعدامات العديد من الرجال والنساء وحتى الاطفال في فترة توليه منصب القضاء ومنصب المدعي العام بطهران ورئيس دائرة التفتيش العامة في ايران.

لكن الاهم ماليا وسطوة قوة ونفوذ ومصالح انشأها رئيسي كانت خلال تسلمه مسئولية مؤسسة «آستان قدس رضوي» وهي المؤسسة المسئولة عن مجمل المؤسسات الدينية وتقدر ميزانياتها بمليارات الدولارات «200 مليار» حسب بعض الأرقام، وتدير تبرعات لأضرحة مقدسة عند الشيعة في مشهد ويزورها ملايين الشيعة من العالم كل عام ويتبرعون بملايين الدولارات كل موسم زيارة أو سياحة دينية.

وهي «المؤسسة» التي يديرها رئيسي لحساب الولي الفقيه يملك 36 شركة ومعهدا مدرجا في قائمة موقعها الالكتروني، ولها ملكية مناجم ومصانع نسيج ومصانع أدوية وشركة نفط وغاز.

وبطبيعة موقعه فقد اكتسب نفوذا ماليا طاغيا ومسكوتا عنه وسط ضجيج الصراع السياسي الخارجي الذي اعتادت فيه طهران ان تشغل الشعب به عن نفوذ وعن السطوة المالية الكبرى لرجالها الذين يعملون للولي الفقيه.

ويبرز ابراهيم رئيسي كمرشح بارز للرئاسة هناك في وقت دقيق وحساس اذا ما وضعنا بعين الاعتبار الاعلان رسميا عن اصابة المرشد الاعلى خامنئي بسرطان البروستات وبشكل متقدم ما يفرض اعادة ترتيب بيت المرشد وسلطة الولي الفقيه ماليا ومصالحيا وفق السيطرة والهيمنة المطلقة على موارد وامكانيات الدولة ومداخيلها من خلال الحكم المطلق الذي يمارسه، وآن له ان يرسم ملامح مرحلة ما بعد رحيله بحيث تظل خيوط السيطرة والهيمنة ضمن فريقه الخاص والمقرب.

وابراهيم رئيسي الذي أثبت خلال عقود اخلاصه التام وولائه ليس للمؤسسة الدينية المذهبية الايرانية بشكل عام ولكن لخط ولجماعة خامنئي التي لايريدون لها ان تنتهي بنهاية «خامنئي» ولكنها تستمر من خلال من يختاره ومن يزكيه «خليفة» له في الولاية بما تعنيه هذه الولاية من سلطة وسطوة هي محل نزاع بين الاخوة الاعداء، وقديما قال مأثورنا المحلي «المال عديل الروح». وها هو يتجسد حقيقة ماثلة وشاخصة في صراع انتخابي عنوانه «المال.