له العديد من الدراسات السياسية والاجتماعية، وله مؤلفات كثيرة منها «اسس البحث الاجتماعي، دراسات في السلوك الاجرامي، الشخصية العربية بين تصور الذات ومفهوم الآخر، تحليل مفهوم الفكر القومي، دراسة نقدية للدفاع الاجتماعي، نقد الفكر الديني».
كان السيد ياسين الذي شيّع جثمانه في الشهر الماضي عن عمر يناهز الـ80 عامًا احد اهم المفكرين والكتاب في مصر والوطن العربي ونظرًا لكتاباته وابحاثه الفكرية لقّب بـ«سيد التحليل السياسي والاجتماعي».. اطلقت عليه وسائل الاعلام (الكاتب والمفكر) نال العديد من الجوائز، من بينها جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية من المجلس الأعلى للثقافة عام 1996، ووسام العلوم والفنون والآداب عام 1995، ووسام الاستحقاق الاردني من الطبقة الأولى عام 1992، بالاضافة إلى جائزة افضل كتاب في مجال الفكر عن كتاب «الوعي التاريخي والثورة الكويتية» من معرض القاهرة الدولي للكتاب 1995.
في كتابه «نقد الفكر الديني» أثار ياسين قضية مهمة وهي تجديد الفكر الديني الذي – وبحسب تصوره – أن الباحث والمفكر «نبيل عبدالفتاح» نجح في رسم خريطة معرفية متكاملة لابعادها المختلفة، فالتجديد في رأيه لا بد ان تسبقه دراسة متعمقة لنقد الفكر الديني حتى نمهد الطريق لعملية التجديد الشاقة، والتي لابد ان يشارك فيها، رجال دين، ومثقفون، ومؤسسات دينية، وتعليمية وإعلامية وثقافية.
ومن هذا المنطلق يقول: في كتابي «نقد الفكر الديني تتبعت النماذج المتعددة للفكر الديني والتي يمكن تلخيص مراحلها المتعددة في عبارة واحدة هي «من يوتوبيا الاخوان المسلمين إلى جحيم داعش، مرورًا بالفكر التكفيري لجماعات ارهابية مثل جماعة «الجهاد» و«الجماعة الاسلامية».
تحدث ياسين عن نقد الفكر الديني في صورته المتطرفة، موضحًا انه منذ سنوات بعيدة ادرك خطورة المشروع السياسي لجماعة «الاخوان المسلمين» والذي يتمثل في حده الادنى في الانقلاب على الدول العربية العلمانية وتحويلها إلى دول دينية تطبق الشريعة الاسلامية كما يفسرونها، وسواء تم ذلك عن طريق العنف المسلح، او عن طريق الممارسة الديمقراطية التي تكفل لهم الاغلبية كما حدث في مصر بعد ثورة 25 يناير، وفي حده الأعلى احياء نظام الخلافة الاسلامية وتوحيد كافة البلاد الاسلامية في مشارق الارض ومغاربها في اطار هذا النظام، وقد مارست هذا النقد الجذري لهذه التوجهات المتطرفة التي لو تحققت لأدت إلى تفكيك الدول العربية، والتغيير القسري لهويتها الوطنية وتوجهاتها القومية!.
ويمضي ياسين في مقال له عنوانه تشريح التخلف الثقافي في تحليل هذه الظاهرة الخطيرة التي يراها انها تأخذ صورًا شتى تبدأ بالتطرف الديني والتعصب المذهبي، وعدم الاعتراف بالآخر المختلف دينيًا، وتنتهي بالارهاب الصريح الذي يوجه سهامه الغادرة ليس ضد السلطة ورموزها من قوات الشرطة والقوات المسلحة فقط، ولكن ضد الشعب بوجه عام!
وإذا ما نظرنا إلى هذه الفكرة بوضوح، فانه لا يشك لحظة واحدة في ان حكم جماعة الاخوان المسلمين الارهابية كشف بجلاء عن سلبيات التخلف الثقافي التي ظهرت في ممارسة قيادات الجماعة بعد ان حكموا مصر في غفلة من الزمن، وذلك لخلطهم المعيب بين الدين والسياسة، وهو ما ينطبق ايضًا على نظام ولاية الفقيه في إيران!.
في حين يرى ان التيارات السلفية المختلفة تُعد رمزًا صريحًا للتخلف الثقافي، وذلك لأن مشايخ السلفية دأبوا على إصدار فتاوى دينية متطرفة، تدل على جهل عميق، بمقاصد الاسلام نتيجة تأويل منحرف للآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، وهنا يشير إلى ان التيارات السلفية، التي كونت احزابًا سياسية، لا يجوز وفقًا للدستور – المصري – السماح لها بالعمل بالسياسة، لانها تصدر عن مبادئ متخلفة تعكس الرغبة الدفينة في العودة إلى اخلاقيات القرون الوسطى، باعتبارها هي النموذج الامثل للحياة المعاصرة!! أما عن ازمة الثقافة العربية فانه يتساءل: هل المشكلة سياسية تتعلق بفشل الممارسة الديمقراطية او تتعلق بسوء اداء بعض الدول العربية من حيث اخفاقها في اشباع الحاجات الاساسية لجماهير المواطنين، وتحولت بالتالي إلى دول فاشلة؟ ام هي مشكلة اجتماعية تتعلق بارتفاع معدلات الامية وتدني مستوى الأداء الاجتماعي مما أدى إلى جعل عقول الملايين من المواطنين البسطاء ملاذًا للفكر التكفيري؟
أم هي في الحقيقة مشكلة ثقافية في المقام الأول؟
وهنا يصل إلى أن أهم مبادئ الحداثة هو تجديد النظام السياسي، بحيث يقوم على تداول السلطة في ظل مجتمع سياسي ديناميكي، يزخر بالاحزاب السياسية المتعددة ذات التوجهات الايديولوجية المتنوعة. ودولة الحداثة ايضًا تقوم على اساس سيادة القانون، والفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، بالاضافة إلى حرية التفكير وحرية التعبير وحرية التنظيم.
وبخصوص هذه المسألة يرى ان الدول العربية سقطت في الاختبار، لأنها لم تستطع ان تطبق هذه المبادئ والمعايير، وان هذه الدول تركت «الحداثة» جانبًا وحاولت ان تستمد شرعيتها من عملية «التحديث» بالاقدام على تحولات سياسية واقتصادية في حدها الأدنى، ولعلّ هذا هو السبب الكامن وراء الازمة الثقافية العربية الراهنة التي تعاني منها كافة الدول العربية بدون استثناء