إن معظم الذين يعيشون على الأرض يشعروا وكأنهم في سجن جماعي يشبه تماماً ثقافة القطيع فلا آراء تصنفهم وتجعلهم منفردين في تحقيق ذاتهم، فعندما يعتنق أحدهم فكرة أو رأياً يكون على مستوى عالٍ من الحرية في اتخاذ قراره ومساحة عالية من التفكير الغير مزدوج وتجيب له تلك الفلسفة الذهنية ” أطلق كل ما تريد فأنت حر “، إذاً تلك هي الليبرالية الحرية الكامنة والمطلقة التي تهتم في الحركات والتوجهات الفكرية، ولكن بقي علينا أن نعرف ماهي الليبرالية ؟ ولِمَ هي منبوذة في المجتمعات العربية ومفضلة لدى أخرى ؟! الليبرالية نستطيع تفسيرها كما عُرفت بطبيعتها بأنها مصطلح فلسلفي يشير إلى مجموعة من الأفكار التي ترتبط بالحرية الفكرية عند الأفراد، وعرفت أيضاً، بأنها: أسلوب فكري يعتمد على العيش المشترك داخل المجتمع الواحد، دون وجود أي تمييز بين الأفراد، ويحق لكل فرد تبني الأفكار السياسية، والدينية، والإجتماعية التي يريدها، ولا تفرض عليه أية أفكار أخرى، ومن واجباته احترام أفكار الآخرين، مثلما يريد منهم أن يحترموا أفكاره” ومنها استطعنا أن نقول أنها فكرية سلمية تبنى على تعايش فكري واحترام لكل الأديان كما أقرها الاسلام الحرية وذكرها الرحمن في سلفيتنا الصالحة(لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) .
إن من أهم ما يحمله هذا الفكر تحقيق العدالة والمساواة وإعطاء كل ذي حقٍّ حقه، فالإنسان خلق أن يعيش ويتنفس وينام على جنبه الذي يلائمه لا الذي يلائم الناس ويرضيهم فأغلب الشعوب العربية تقدّس التقاليد أكثر من المذاهب الدينية وحديث الناس أي الرأي العام فوق آرائهم التي لا أثر لها في حياتهم، فعندما أتبنى فكرة أو اتخذ قراراً في حياتي يعني أنني حققت الحرية واتخاذي لهذا القرار لأنني أتمتع باستقلالٍ وأستحق أن أثري برأيي وقراراتي بنفسي هكذا إذاً الليبرالية فأحسنوا ظنها ، وقد ترجمت حسب فهمهم لها أنها تحد من الديانات وتعارض عقائد الدين وتحارب علماءها ومع احترامي الشديد لكل الأديان أن هذه ليست حركة مثل الحركات الدينية الملتهبة بالتشدد والتي تريد تدمير كل شيء وتحريمه ومن ثم تكفيره فهي فكرة ليس لها أعضاء ينتمون إلى جماعات وقائد يوجههم وإنما هي اعتقاد قد يظهر في بعض الشخصيات وهو لا يعلم أنه يعتنق مفهوم الحرية الكامنة التي شرنقها البعض بالفجور والتكفير وخصصها البعض أنّ هذه الليبرالية تريد أن تهدم الإسلام وتشكّك في الرسول عليه الصلاة والسلام وفي القناعات الدينية ، فدائما علماؤنا عباقرة في ترجمة بعض مصطلحات الحرية الغربية بأنها تغريب وأنها تريد أن تدمر الدين فلو كان هذا صحيح فلماذا لم يهدم دينهم الذي يعتنقونه .!
الليبرالية ليست إلحاداً ولا ديناً يعتنق إنما هي حركة فكرية تتبلور في الأفعال والحركات ويعيشها الفرد بحرية لأنها حق من حقوق الإنسان فعندما يظنّ رجل الدين ويخطئ في فهمها فاعلموا أنه قد تعثر لديه الفهم الصحيح لها ، الليبرالية هي المساوة وتحقيق العدالة للذات فبعض الدعاة من صانعي الفتن قسموا المجتمع بهذا التيار ووصفوه بمفضّلي الشهوات وانه مُحابي لملذاتهم لذلك قاموا بتكفيرهم ورجمهم بالإلحاد وهذه ضريبة يتحملها في تشويهه لهم وسوء الظن بهم ، فالدعاة الغير واعين لا يستوعبون هذا المصلطح لأن ثقافتهم تعود في الدين ويظنوا أن الدين هو لشرنقة المرأة وتعسف للأفراد بوضع فتاوى حديثة لا دليل لها من الأساس .
فبعض علماء الدين أخذوا هذا مصلح لليبرالي بالاهتمام عند تحليل كل مسألة وقضية فكيف نضع الناس في قفص وهم يعيشوا بلا أقفاص فكانت هذه النظرية الصائبة فنجد الشيخ عدنان أبرهيم واكبها حين كانت أحد عناوين خطبه نحو خطاب إسلامي مستنير الاسلام الليبرالي ، وهناك كتب كثيرة استحدثت هذا المصلطح مع مواكبتها للزمن والتطور في المجتمعات ومنها كتاب للمفكر السعودي د.عبدالله الغذامي حين نسج مفهوم( الليبرالية الجديدة ) فكانت رسالته الاساسية التي يسعى لإيصالها للكل قاريء موقف المدارس الفلسفية من مفهوم الحرية وغرس ثقافة الحرية والتعايش المشترك على مختلف المجتمعات الأنسانية ” .
فهناك مقولة ثمينة لفكتور علقتها على باب الليبرالية والتي تقول “تبدأ الحرية حين ينتهي الجهل” والجهل حقاً فيمن يعتقد أن الحرية اعتناق وفساد اخلاقي فمقولة عش حراً أو لا تعش هي تعني عش بسلام وحب وكن متأسلم ومتعايش مع من حولك وفق حدود الحرية التي كما تنبغي وتكون ، فشعلة الحرية مازلت تشتعل فكونوا كما تريدوا لا ليريدوه الناس و تحل لعنة النفاق في الأرض.
–
نقلاعن ایلاف