علامات استفهامٍ وتعجّب ترتسم في أفق الوضع اللبناني، وتركيبته، وصياغته، وميثاقه، منذ أُصيب عهد الرئيس ميشال عون بانتكاسة مفاجئة، وهو لا يزال في مرحلة لا تختلف عن “شهر العسل”.
والبعض لا يجدُ غضاضةً في التساؤل عمّا إذا كانت أراجيح الفراغات، المتعاقبة منذ فترة طويلة، بمثابة رسائل “مدروسة”، تتناول “التفاهمات” المُزمنة حول تركيبة الحكم، وتسلسلها طوائفيّاً من أعلى الهرم إلى أسفله… ومن مُنطلق يستند إلى الاحصاءات، والمقارنات رقميّاً بين “جناحي” لبنان…
وقد لفتت الجميع كلمة البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي، وللمرّة الأولى، حيال “تدخّل “حزب الله” في الحرب السوريَّة من دون أي اعتبار لقرار الدولة اللبنانيّة بالنأي بالنفس”. أمّا على المستوى السياسي، فقد طُرح أكثر من سؤال عمّا يجري منذ أسابيع حول الانتخابات النيابيَّة القريبة الموعد، وقانونها القديم (الستّين)، الذي “أجمع” المعنيّون على وجوب استبداله بقانون جديد… يبدو أن من الصعب، بل من رابع المستحيلات الاتفاق على صيغته في المدى المنظور.
فهل تواجه حكومة الرئيس سعد الحريري في “معركة” الانتخابات النيابيَّة ما واجهته حكومة الرئيس تمّام سلام بالنسبة إلى انتخاب رئيس جمهوريَّة جديد يحلُّ محل الرئيس ميشال سليمان المُنتهية مدّته الدستوريّة؟
كان شعار تلك المرحلة الطويلة: إمّا الجنرال ميشال عون وإمّا الفراغ. فبعد فراغ استمرّ عامين ونصف الثالث، كان لا بدَّ من الانصياع. فكان انتخاب الرئيس عون.
الآن، وخلال هذه الفترة الحرجة يجد لبنان الرسمي والسياسي والشعبي نفسه أمام خيارين، لا ثالث لهما: إمّا الفراغ النيابي، الأخطر دستوريَّاً ووطنيَّاً من الفراغ الرئاسي، وإمّا قانون أمر واقع…
غرائب وعجائب ترافق الوضع اللبناني اليوم عند هذا المفترق الانتخابي النيابي، لم يكن لها أثر في أيّام “الزمن الجميل”، ولا تبدَّى خلال الحروب الطويلة أو بعدها أيُّ مؤشِّر لإعادة النظر في التركيبة والصيغة.
ولا أطلّت “تحليلات” واضحة المعالم والغاية حول أحجام الطوائف، وما آلت ليه من تبدُّلات وتغيَّرات، وبطريقة تكاد تنطق بالمخبّأ… وبما بدأت تصطدم به الاستحقاقات الدستوريَّة. وما يحصل اليوم حول “أزمة القانون”، لم يكن له أيّ أثر في الماضي. كانت الحكومات هي من يتحمّل مسؤوليَّة سَنِّ القوانين، من انتخابيِّة وسواها، لا الوزير جبران باسيل، ولا أيّة فئة. وكان مجلس النواب هو الذي يقرِّر ويوافق ويصوّت “مع” أو “ضدّ” هذا القانون أو ذاك…
في هذه الأيام كل ما يحصل ويجري أغرب من الخيال. فوجب تذكير الرئيس نبيه برّي والرئيس سعد الحريري.
نقلاعن العربیه