في تاريخ التعليم بدول مجلس التعاون الخليجي الست، سواء تعليم البنين أو البنات، نجد تباينا لجهة سنوات تأسيس
المدارس النظامية وتأهيل كوادرها، وعدد المنتسبين الأوائل إليها. غير أن القاسم المشترك هو أن التعليم في كل الأقطار الستة انطلق ابتداءً من الكتاتيب البدائية التي اقتصرت مهامها على تدريس ما احتاجته المجتمعات القديمة من مبادئ الدين واللغة العربية، بالإضافة إلى شيء من الحساب. أما القاسم المشترك الآخر فتمثل في نظرة الحذر والشك من قبل الأسر الخليجية تجاه التعليم، بصفة عامة، خوفًا من تأثر أبنائهم بأفكار وعلوم لم تعرفها مجتمعاتهم من قبل، وبالتالي تمردهم على السائد من العادات والتقاليد. ولئن بدأت العقبات أمام التحاق البنين بالمدارس تزول بسهولة شيئًا فشيئًا، فإن تعليم الإناث جوبه طويلاً بالصعوبات والاعتراضات والفتاوى الدينية.
تقول الأدبيات الخليجية التي تؤرخ لدخول التعليم النظامي للبنات في الخليج إن أول مدرسة لتعليم البنات في البحرين افتتحت في عام 1926 بمدينة المحرق تحت اسم «مدرسة خديجة الكبرى»، مع ملاحظة ظهور مدرسة صغيرة في المنامة في عام 1902 كانت تابعة للإرسالية الأمريكية وتمكنت من استقطاب مجموعة محدودة من الفتيات، وذلك طبقا لما ذكرته الشيخة مي بنت محمد آل خليفة في كتابها «مئة عام من التعليم النظامي في البحرين.. السنوات الأولى للتأسيس» الصادر في عام 1999 عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في عمان وبيروت. أما الكويت فكانت بداية عهدها بالتعليم النظامي الحديث للبنات في عام 1937 عبر مدرسة أنشأت في بيت المانع بالمباركية أطلق عليها المدرسة الوسطى. والمعروف أن تعليم البنات في المملكة العربية السعودية تأخر إلى عام 1956 حينما تأسست مدرسة دار الحنان بجدة، وذلك بسبب الفتاوى الدينية المحرمة ومعارضة الكثير من الأسر المحافظة.
وتخبرنا هذه الأدبيات أيضا عن رائدات تعليم الفتيات في المنطقة. فإذا كانت المغفور لها الملكة عفت الثنيان الفيصل هي الرائدة والمعلمة الأولى لتعليمهن في السعودية، فإن مريم عبدالملك الصالح في الكويت ومريم الزياني في البحرين دخلتا تاريخ بلديهما كأول معلمتين.
لكن ماذا عن دولة الإمارات العربية المتحدة أو ما كانت تعرف بمشيخات الساحل المتصالح قبل استقلالها في ديسمبر 1971؟
مما لاشك فيه أن دولة الكويت كانت لها اليد الطولى، قبل استقلالها وبعده، في تأسيس مدارس البنين والبنات النظامية في إمارات الساحل ومدها بكل مستلزماتها من معلمين عرب منتدبين وأثاث وكتب ومواد قرطاسية وأزياء مدرسية موحدة، وذلك من خلال برامجها الانمائية الموجهة إلى أقطار شبه الجزيرة العربية الأقل دخلا آنذاك.
وهكذا فقد أنشأت الكويت، فيما خص تعليم البنات، مدرستين في دبي، ومدرسة واحدة في كل من الشارقة ورأس الخيمة في ستينات القرن العشرين. وتعتبر مدرسة فاطمة الزهراء بالشارقة التي بدأت عملها في العام الدراسي 1953/1954 هي أولى مدارس البنات في الإمارات قاطبة، وكان مكانها في منزل الثري بن جامل (أحد كبار تجار اللؤلؤ) في فريج السوق بالقرب من مستشفى سارة هوسمن (مستشفى الأمريكانية). أما منهج المدرسة المذكورة فكان يشتمل على تدريس مواد التربية الاسلامية واللغة العربية والعلوم والمعارف العامة واللغة الانجليزية والحساب. وعن ذكرياتها في هذه المدرسة، التي ألحق بها معهد لتخريج المعلمات في عام 1966 على نفقة الكويت، تحدثت إحدى اللواتي تعلمن فيها، وهي الشيخة أم ماجد بن سعود بن خالد القاسمي فقالت لصحيفة البيان الإماراتية (24/10/2014) أن معظم من قمن بالتدريس في المدرسة آنذاك كن مدرسات من الجنسيات العربية انتدبن للعمل من قبل دولة الكويت مثل: اعتدال سفاريني وكفا السراج وشريفة البعباع،
فيما كان الناظر فلسطينيًا يدعى محمد دياب الموسى، ثم استطردت فأخبرتنا أن بعض الشيخات من آل مكتوم (مثل الشيخة علياء بنت خليفة آل مكتوم) كن يأتين من دبي ويسكن في الشارقة خصيصًا من أجل الالتحاق بهذه المدرسة لأن تعليم الاناث في دبي لم يبدأ إلا في عام 1958 حينما افتتحت بها مدرسة الخنساء الابتدائية. كما تطرقت الشيخة أم ماجد إلى أسماء بعض مواطناتها اللواتي زاملنها في مدرسة فاطمة الزهراء ثم صرن فيما بعد من رائدات التعليم، فأتت على ذكر الشيخة ناعمة بنت ماجد بن صقر القاسمي التي تعتبر أول معلمة من معلمات التعليم النظامي في الإمارات، وذكرت أيضا اسم الدكتورة عائشة بنت علي السيار التي ستكون محور حديثنا في هذه المادة باعتبارها أول سيدة إماراتية تحصل على درجة الدكتوراه، بل وأيضا أول سيدة تعين في منصب وكيل وزارة لأنشطة التربية والتعليم. فما هي قصة هذه السيدة الطموحة التي كرمها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة / رئيس مجلس الوزراء / حاكم دبي ضمن أوائل الإمارات خلال احتفالات دولة الإمارات بعيدها الوطني الثالث والاربعين في عام 2014؟
ولدت السيار بإمارة الشارقة في نهايات أربعينات القرن العشرين، وتربت في ظل والدين يقدران العلم والتعليم، فالتحقت، مثل غيرها من بنات جيلها، بالكتاتيب البدائية في سنوات عمرها المبكرة، حيث درست القرآن الكريم وتعلمت القراءة والكتابة والحساب. ولهذا فإنها حينما التحقت بمدرسة فاطمة الزهراء الابتدائية كانت شبه متعلمة، الأمر الذي جعل القائمين على المدرسة ينقلونها من الصف الأول إلى الثالث فالرابع في غضون سنة واحدة.
طموحها لمواصلة تعليمها من أجل خدمة بلدها دفعها للسفر إلى الكويت في مطلع الستينات لإتمام مرحلة الدراسة الثانوية في ثانوية الشويخ. وبحلول عام 1964 عادت السيار إلى بلدها مكللة بشهادة الثانوية العامة التي لم يكن يحملها سوى قلة من مواطنيها ومواطناتها في تلك الحقبة. لكن مرة أخرى يلعب الطموح دورًا في ذهابها مجددًا إلى الكويت.
وفي هذا السياق أخبرتنا الدكتورة عائشة السيار في حديث صحفي لها أنها سافرت مع زميلاتها الثلاث في مدرسة فاطمة الزهراء وهن الشيخة عائشة بنت صقر القاسمي والشيخة ناعمة بنت ماجد القاسمي وآمنة الهاجري إلى الكويت لتوقيع عقد بعثة دراسية جامعية إلى مصر تتكفل الحكومة الكويتية بنفقاتها ثم حدث أن وافقت مصر على قبولها هي والشيخة عائشة بنت صقر في جامعاتها، ولم يحالف الحظ الأخريات.
وعن ذكريات وطريقة انتقالها في ذلك الزمن المبكر من الشارقة إلى القاهرة، قالت في حديث لها منشور في صحيفة البيان (23/1/2015) إنها سافرت من الشارقة إلى كلباء بسيارة جيب إلى أن وصلت إلى مطار القاعدة الجوية البريطانية هناك فاستقلت منها الطائرة إلى الكويت ومن الأخيرة إلى القاهرة.
في القاهرة تشاركت السيار مع زميلتها المبتعثة الأخرى (الشيخة عائشة بنت صقر) السكن، وأعباء الحياة اليومية. أما دراستها فقد كانت في كلية الآداب بجامعة عين شمس التي قضت فيها أربع سنوات من عمرها ما بين عامي 1964 و1969 تكللت بحصولها على ليسانس التاريخ بتقدير امتياز، الأمر الذي يدل على نبوغ والتزام واجتهاد وانصراف كلي لتحقيق الهدف الذي تغربت من أجله.
بعيد نيلها الشهادة الجامعية عادت سيار إلى وطنها الذي كان آنذاك يعيش ارهاصات تأسيس دولة عصرية مستقلة مؤلفة من إمارات الساحل السبع بقيادة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه. فتم إلحاقها في عام 1971 بمدرسة فاطمة الزهراء التي تخرجت منها كي تعمل مدرسة لمادتي التاريخ والجغرافيا. لكن هذه السيدة المسكونة بطلب العلم رأت بعد وقت قليل أن شهادة الليسانس لم تحقق لها طموحاتها فقررت العودة إلى مقاعد الدراسة الجامعية لنيل درجة الماجستير التي نالتها بالفعل في عام 1973 عن أطروحة بعنوان «دولة اليعاربة». هذه الدولة التي كان قيامها نقطة تحول جوهرية في تاريخ عمان والخليج ومنطقة المحيط الهندي لأنها وحدت عمان الداخل وعمان الساحل وحررت البلاد من الاحتلال البرتغالي وأسست الأساطيل الحربية والتجارية القوية وأقامت القلاع والحصن المنيعة.
بعد إكمالها لدرجة الماجستير عادت السيار مجددًا إلى بلدها لتتسلم هذه المرة إدارة مكتب التأهيل في وزارة التربية والتعليم التي كانت تقع آنذاك بالقرب من سوق مرشد. فقامت من خلال هذا المركز بعملية التأهيل التربوي لمواطناتها اللواتي لم يتمكن من إتمام دراستهن الجامعية، كما قامت بالتزامن ببعض المهام الأخرى كرئاسة قسم الخدمة الاجتماعية والنفسية على نحو ما فصلته في محاضرة لها أمام طالبات جامعة الشارقة قبل بضع سنوات.
في هذا السياق قالت السيار لصحيفة البيان (مصدر سابق) إن الشيخ زايد طلب منها ومن مجموعة من التربويين ذات مرة أن يتواجدوا في قصره عند الساعة الخامسة صباحًا للقيام برحلة إلى واحة «ليوا»، فتواجدت هي والدكتور عبدالله عمران تريم وغيرهما، وشاهدوا كيف أن الشيخ كان قد جهز لهم سيارة جيب مكشوفة فطلب منهم الركوب. وأضافت السيار (بتصرف): «كانت تلك الفترة في سبتمبر ولم نكن نمشي إلا في البراري ولم تكن هناك شوارع مرصوفة ولم نصل إلا مساء. وفي الصباح عندما شاهدنا المنزل الذي ستبدأ فيه الدراسة، وكان قد تم وضع الكتب الدراسية بها وتجهيزها بالمستلزمات الورقية والوسائل التعليمية من طباشير ومساحات وأقلام وكل ما يلزم الطلاب والطالبات، فؤجئنا بأن الحيوانات من الهوش والبوش التي كانت موجودة في المنطقة أتت وقضت على كل ما استطاعت أن تأكله، وهذه إحدى الصعوبات التي واجهتنا ولكنها كانت طرفة من الطرائف في حضرة زايد الخير».
ومرة أخرى تشعر السيار بضرورة أن تنهل قدرًا أكبر من العلم، فتترك الوظيفة الحكومة وتعود إلى مقاعد الدراسة كطالبة ساعية إلى نيل درجة الدكتوراه، وهي الدرجة التي حصلت عليها مع مرتبة الشرف الأولى من جامعة عين شمس في عام 1982 عن أطروحة بعنوان «التشكيل السياسي لدولة الإمارات من 1892 لغاية 1971»، فدخلت بذلك التاريخ كأول امرأة تنال الدكتوراه في دولة الإمارات العربية المتحدة.
أما المكافأة التي حصلت عليها نظير سعيها الحثيث لرفع اسم المرأة الإماراتية عاليًا، وإثبات قدراتها المماثة لقدرات شقيقها الرجل لجهة نيل أعلى الدرجات العلمية فكانت قرارًا من الدولة في عام 1983 بتعيينها في منصب وكيلة لوزارة التربية والتعليم لشئون الانشطة التربوية. وهذا ايضا أدخلها تاريخ بلادها مجددًا لأنه لم يسبق أن تولت امرأة إماراتية قبلها منصبًا قياديًا رفيعًا كهذا المنصب.
وهكذا نرى أن مسيرة عائشة السيار تشتمل على محطات مضيئة كثيرة من محطات العطاء وإيقاد الشموع لبنات جنسها في أكثر من مجال من المجالات المرتبطة بالمرأة. فما بين عامي 1971 وحتى عام 1998 أسست قطاع الأنشطة التربوية، ومركز تأهيل المعلمات الذي زود مختلف الإمارات باحتياجاتها من المعلمات المواطنات والمشرفيات الاجتماعيات وأمينات المكتبات ومجهزات المختبرات ومربيات رياض الأطفال، وقسم التربية الخاصة لتقديم برامج تعليمية وخدمات تربوية للطلبة والطالبات من ذوي الإعاقة، وبطيئي التعلم مع إنشاء غرف المصادر الخاصة بهم.
كما قامت السيار بتدشين برنامج المسابقات العامة، الذي اشتمل على 50 مسابقة، في كل مجالات المنهج المدرسي كي يلبي مختلف احتياجات وميول الطلبة، علما بأن هذا البرنامج لعب دورًا فعالاً وهامًا في خلق وسيلة تواصل ما بين وزارة التربية والتعليم ومؤسسات وشركات ومصارف البلاد الراغبة في تقديم الدعم والرعاية للمسيرة التعليمية. هذا بالإضافة إلى دورها الإشرافي والتخطيطي لفعاليات الأعياد الوطنية من أوبريتات وأناشيد ومسرحيات خاصة، ودورها الداعم لمسابقات أولمبياد الفيزياء وأولمبياد الرياضيات على مستوى الإمارات، وأولمبياد طلاب دول مجلس التعاون الخليجي. وكان لها أيضا مساهمات أخرى تجلت في وقوفها وراء مشروع الطالبة المنتجة، ومشروع رعاية المتفوقين والمتفوقات، ومشرع تأهيل الفتاة للحياة الأسرية، ومشروعي «الضبط الحازم» و«من أجل قلب سليم» الرياضيين، ناهيك عن أن مشروع «ملتقى الأطفال العرب» اقترن باسمها أيضا.
لم تكتفِ السيار بما قدمته في الحقل التربوي والتعليمي، فعشقها لخدمة بلادها قادها إلى الإسهام في النهضة النسائية للمرأة بالتعاون مع أم الإمارات سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام / رئيسة الأمومة والطفولة، كما قادها إلى إعداد مشروع إنشاء المجلس الأعلى للطفولة في الشارقة، واعداد مشروع مؤسسة زايد للاعمال الخيرية، وإنشاء وتطوير العمل في جمعية أم المؤمنين في إمارة عجمان.
ثم راحت ترفد المكتبة الإماراتية بالعديد من المؤلفات فأصدرت في عام 1975 كتابًا تحت عنوان «النهضة النسائية في دولة الامارات العربية المتحدة»، وكتابًا آخر في عام 1984 بعنوان «رؤية تاريخية معاصرة للمرأة في دولة الإمارات العربية المتحدة»، وكتابًا ثالثًا في عام 1984 أيضا بعنوان «المرأة وصور الرعاية الاجتماعية لها»، وكتابًا رابعًا في عام 1985 بعنوان «المرأة والدوافع للعمل»، وكتابًا خامسًا في عام 1986 بعنوان «الأسرة والتتغير الاجتماعي في دولة الإمارات»، هذا ناهيك عن سبعة مؤلفات أخرى في المجال التربوي هي:التربية الخاصة بين المفهوم والتطبيق، جماعات النشاط المدرسي، القادم الجديد في مدارسنا، دليل المعسكرات، التخلف الدراسي، اتجاهات الشباب، ومؤلفين في التاريخ هما كتاب «دولة اليعاربة»، وكتاب «التاريخ السياسي لدولة الامارات».
ولم تجد دولة الإمارات مواطنة أفضل من السيار من حيث العلم والمعرفة والتجربة والاخلاص والتفاني والاتزان والهيبة كي تمثلها في المؤتمرات العربية والدولية ذات الصلة بالمرأة أو التربية والتعليم أو المؤرخين فكان أن ترأست وفد الإمارات إلى مؤتمر المرأة العالمي في العاصمة المكسيكية (1975)، وفي كوبنهاجن (1980)، وفي نيروبي (1985)، وفي بكين (1995)، بالإضافة إلى مؤتمرات نسائية وتربوية في دمشق وبغداد والقاهرة وتونس ومسقط والكويت والدوحة، ومؤتمرات اتحاد المؤرخين العرب في الدوحة ومسقط وبغداد والقاهرة.
عدا ما ذكرناه آنفًا، شغلت السيار منصبي النائب الثاني لرئيس مجلس سيدات الأعمال العرب، والأمين العام لأندية فتيات الشارقة (1994ـ 1999). كما نالت عضوية الاتحادات والمجالس التالية: اتحاد المؤرخين العرب، الاتحاد النسائي العام لدولة الامارات، اللجنة الدائمة لوزارة التربية والتعليم الاماراتية لدى اليونسكو حتى عام 1998، المجلس الأعلى لرعاية الشباب حتى 1986، اللجنة المشتركة لتطوير وتنمية التعليم بين جامعة الإمارات ووزارة التربية (1989 – 1992)، مجلس سيدات الاعمال الاماراتيات التابع لاتحاد غرف التجارة والصناعة بالامارات.
وهكذا فلا عجب لو علمنا أنها كرمت مرارًا ونالت العديد من الجوائز التي كان آخرها «جائزة اليمامة الفضية» التي تسلمتها في موسكو في مارس 2014 عن انجازاتها في خدمة بلدها ضمن عشر سيدات متميزات من جميع أرجاء العالم.
بقي أن نعرف أن السيار، أثناء عملها في وزارة التربية والتعليم، التقت بالخبير التربوي الأممي المنتدب للعمل بالوزارة الدكتور نواف فواز فتزوجا وانجبا أطفالاً لعل أبرزهم سيدة الأعمال شيماء نواف فواز التي اقتدت بوالدتها لجهة التحصيل العلمي، فحصلت على الدكتوراه من جامعة جورج واشنطون الامريكية وماجستير الاعمال من كلية لندن لادارة الأعمال البريطانية، وعملت مديرة للاستثمارات الدولية في مركز دبي المالي العالمي، وهي نائبة لرئيس الرعاية الصحية لمشروع مبادلة في ابوظبي، وعضو مجلس إدارة مدارس الشارقة الامريكية الدولية في دبي والشارقة وأم القيوين، ومؤسسة مشروع «جوسب» الخاص بالتواصل بين الافراد والعائلات.
تعليق: وصلني ممن يسمي نفسه «ناشط حقوقي» تعليق غاضب على مقالي حول الصديق المرحوم الدكتور أحمد الربعي المنشور في هذه الصحيفة بتاريخ 17/3/2017 تحت عنوان «ثائر من الخليج عاد إلى رشده نادمًا»، قال فيه إن عنوان المقال «يختزل جملة من الأكاذيب والافتراءات التي استهدفت تشويه الراحل الربعي، مؤكدًا أن الراحل ظل وفيًا للمبادئ التي آمن بها منذ شبابه. ثم عاد وناقض نفسه حينما قال بالحرف الواحد: «كان طبيعيًا لأحمد الربعي، وهو ينتقل من مرحلة عمرية لأخرى في ظل تغييرات حاسمة في الخليج والوطن العربي ومتطلبات بناء حياته أن تتغير اهتماماته وانتماءاته». سوف أترك كل شيء وأتوقف عند الجملة الأخيرة لأقول: إن الراحل الكبير نضج فكريًا مع تقدمه في العمر وتراكم تجاربه واستيعابه للمتغيرات، فامتلك شجاعة قول الحق ومراجعة أفكاره السياسية، وامتلك فضيلة الإصفاف إلى جانب وطنه والدفاع عنه وعن حكومته وشرعية أسرته الحاكمة، شأنه في ذلك شأن كل الأسوياء والعقلاء. ودليلنا على ذلك عشرات الحوارات الصحفية والمقابلات التلفزيونية التي أجراها الربعي قبل وفاته من تلك التي يمكن الوصول إليها بسهولة عبر محرك البحث «غوغل» وتبرهن على أن الرجل تبرأ من ماضيه وندم عليه. لكن ماذا عنك أنت أيها الناشط الحقوقي الهمام وماذا عن رفاقك المتكلسين الذين ما برحوا يجترون أفكارًا أكل الدهر عليها وشرب ونام وتثاءب، ولا يزالون رغم تغير الكون كله وتسرب الشيب إلى مفارقهم متمسكين بالخطب الانقلابية والشعارات الجوفاء إلى درجة اصطفافهم مع أعداء وطنهم في المشاريع والمؤامرات التدميرية. أقول: ليتكم أخذتكم من رفيقكم السابق الربعي عشر معشار عقلانيته وحكمته من بعد سنوات التيه والضياع، لكن يبدو أن المسافة بينكم وبينه كالمسافة ما بين الثرى والثريا.