مع اندلاع التصريحات المتبادلة بين ترامب وايران، وقبل ذلك عند وفاة رفسنجاني، عادت أسطوانة الاعلام الغربي عن الإصلاحي المعتدل والمحافظ في ايران. احمدي نجاد كان المحافظ المتشدد ورفسنجاني وروحاني من الموصوفين بالاعتدال. وكان محمد خاتمي في أواخر الثمانينات يعتبر قمة الاعتدال وحين تولى الرئاسة مرتين كان الشباب الإيراني المتذمر يأمل ان يكون عهده “ربيع ايران”، ولكن الحصيلة كانت تفاقم القمع وهجرة العقول وتنشيط المشروع النووي وعنجهية الحرس الثوري.
ان نظام المرشد الفقيه قائم على وحدانية القرار، أي كل الصلاحيات في يد المرشد الأعلى وفي يديه المفاصل الاقتصادية وكافة المؤسسات وهو قائد الحرس الثوري الذي له صلاحيات بلا حدود داخل ايران وخارجها. ان الطبقة الحاكمة من الملالي، بالجناحين الموصوف منهما بالاعتدال او التشدد، يدعمون هذا النظام الذي يستخدم القمع وينفذ الاعدامات الجماعية ضد كل معارض حقيقي يسعى لتغيير النظام نحو الديمقراطية. وفي عهد الرئيس الحالي، تسارعت وتيرة الاعدامات والتدخل في شؤون المنطقة وتصدير الإرهاب. وان تصدير الإرهاب يجري وفق مبدأ خميني الموصوف بـ”تصدير الثورة الإسلامية” وكان رفسنجاني من أعمدة هذا النظام ولكنه مع آخرين كانوا يختلفون مع منافسين لهم في فن المناورة والتكتيك وفي تصادم المصالح الاقتصادية والمالية، وكلها فروق لا تمس الجوهر، أي دعم النظام. وليس بينهم من يدعو الى الديمقراطية كما اتن جميعهم ايدوا المشروع النووي مع توزيع الأدوار. ورفسنجاني حين كان رئيسا للجمهورية خلال الحرب مع العراق كان يدعو علنا الى شنق كل معارض يساري.
لقد نشر اللوبي الإيراني في الغرب، ولا سيما في الولايات المتحدة حكاية الإصلاحيين المعتدلين. وهي حكاية تتردد باستمرار. ولابد من التفكير باتفاق جميعهم خلال تلك الحرب على تلقي السلاح من إسرائيل ومن اميركا فيما سمي بـ”إيران غيت”. وقد مد أوباما يده إلى روحاني “المعتدل” دون الاهتمام بما يجري للشعب الإيراني والتدخلات الإيرانية في المنطقة حتى تمت صفقة النووي بعد ان قدم تنازلات كبرى الى ايران. وحتى لو افترضنا المستحيل أي وجود
رؤساء معتدلين فان تقاليد الأمور في ايران هي دوما في يد المرشد الفقيه واي كان. ومما له دلالة أيضا على ما يجمع كل هذه الأطراف حادث تفجير المركز اليهودي في بوينس ايريس عام 1994. وقد وجه المدعي العام الارجنتيني عهد ذاك أصابع الاتهام علنا الى ايران كما صرح بان مسؤولين إيرانيين يغطون
على المجرمين وقد عدد منهم محسن رضائي وعلي اكبر ولايتي ورفسنجاني وآخرين. وظل حاكم التحقيق يطالب بمحاسبة ايران ولكنه وجد بعد سنوات قتيلا في شقته وجدير بالذكر ان منفذي تفجير المركز كانوا من حزب الله ومنهم عماد مغنية.
ان على المجتمع الدولي ان يدعم القوى الديمقراطية العلمانية في ايران وان يدين بشدة ممارسات التدخل وتصدير الإرهاب. وأن ايران ذات الحضارات العميقة والشعب الإيراني المناضل يستحقان حكما ديمقراطيا عادلا لا دكتاتورية دينية شمولية. وهذا أيضا أي دعم القوى الديمقراطية في ايران واجب القوى الوطنية في البلدان العربية وذلك من اجل قيام ايران مسالمة وديموقراطية تلعب دورا إيجابيا في حياة المنطقة…
نقلا عن ایلاف