فعاليات المنتدى الاقتصادي العالمي المنعقد بمدينة دافوس السويسرية يوم الجمعة 20 يناير 2017. ثمة انطباعات تشير الى ان هذا المنتدى بدأ هو الآخر يفقد تأثيره كساحة اختبارات مختلف القرارات السياسية على رجال الاعمال والتجارة في العالم، فالسياسة العالمية لم تعد عالمية، لان العولمة لعبت دوراً شريراً في العالم، فقد كانت سبباً للازمات!!
كتب المحلل السياسي أليكسي مارتينوف في صحيفة «ايزفيستيا» مقالاً يقول فيه: يشير التقرير التقليدي الى ازدياد جديد في عدم المساواة اقتصاديا واجتماعياً، اي ان العالم سيشهد تقاطب المجتمعات كما في البلدان المتطورة كذلك غير المتطورة جداً.
هذا التفاوت الواضح بحسب دافوس، سيصبح محدداً لتطور المجتمع الدولي خلال السنوات العشر المقبلة، هذه هي العولمة!
لقد نشرت منظمة بلجيكية لحقوق الانسان، عشية افتتاح منتدى دافوس 2017، تقريرًا عن مكافحة الفقر، تشير فيه الى ان ثروة ثمانية اشخاص تعادل ثروة نصف سكان العالم!
يذكر مارتينوف ان مفهوم العولمة كما يُروج له يهدف الى بناء عالم ينمو ويتطور وتعمُّه العدالة والاستقرار من اجل سعادة الانسان.
ولكن وخلال ربع قرن مضى، وبفضل الرعاية الامريكية، كانت نتائج العولمة معكوسة تماماً، حيث ساءت احوال العالم وزادت المخاطر وعدم المساواة، وهذا ما اكده التقرير.
لقد بحث المجتمع الدولي في دافوس عن افكار جديدة للتطور. وبغض النظر – كما يقول مارتينوف – عن تمركز وسائل ضخمة بيد انصار العولمة، فان التجارب بينت بان طبقة اصحاب المال لا يمكنها السيطرة على عملية التطور العالمي. من هنا – وعلى حد رأيه – قد تكون هذه الدورة هي الاخيرة في تاريخ منتدى دافوس الاقتصادي العالمي؛ لأن العالم يتغير ولم يعد يرغب بالعولمة.
وبحسب تقرير وكالة الانباء الكويتية (كونا) اختتمت الدورة 47 للمنتدى اعمالها بتساؤلات اكثر من تلك التي حضر بها ثلاثة الآف مشارك حاولوا عبر ندواته الـ400 العثور على اجوبة ولكن دون جدوى.
وأجمع المشاركون على ضرورة ايجاد حلول للحد من انتشار النعرات القومية في اكثر الدول الغربية ليبرالية ما يقوض المعايير التي قام عليها الغرب واستقر عليها منذ زهاء سبعين عاماً.
وأضافوا ان خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي مثّل صدمة لانصار الفكرة الاوروبية ككيان متكامل اقتصادياً وسياسياً!
وأكد الحضور انهم اصبحوا في حيرة من امرهم في كيفية التعامل مع الازمات الانسانية المتفاقمة، والتي تسجل يوماً بعد آخر ارقاماً قياسية سواء في عدد اللاجئين الذي اصبح الأعلى في تاريخ العالم الحديث، أو ايضاً الباحثين عن فرصة هجرة، وكلاهما يتعرضان لصعوبات جمة خلال رحلات البحث عن مستقبل افضل. في الوقت ذاته اطلت مشكلتا الارهاب والتطرف المصحوبة بالعنف برأسهما على المنتدى إذ أصبحت – في نظر المشاركين – الظاهرتان كالسرطان يتسلل الى المجتمعات ويضرب في اي وقت وأي مكان!
ويقول تقرير (كونا) وبدا الشرق الاوسط في المنتدى منهكاً من تأثير الصراعات في ليبيا واليمن والعراق وسوريا، وانعكاسات تلك الازمات على استقرار المنطقة بتشعباتها المختلفة لاسيما ان ابعاد الصراعات تلك تأخذ ايضاً بعداً اقليمياً.
في حين كشف المنتدى ان الفجوة بين الشمال والجنوب ليست اقتصادية فقط بل ايضاً معرفية ورقمية. وهو ما يعد في نظر المشاركين الذين ادلوا برأيهم لـ(كونا) بان هذا المشهد ضبابي مشوب بحالة من عدم اليقين، وربما هي التي ادت الى التصويت لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي، وصعود اليمين الشعوبي المتشدد في كل من المانيا وفرنسا وهولندا وسويسرا، ما قد يمكن فهمه على انه فقدان ثقة المواطنين لاسيما من الشريحة المتوسطة في الاحزاب المصنفة على انها معتدلة سياسياً!
وفي رأي الذين التقت بهم وكالة (كونا) ان خلاصة النقاشات والحوارات ان العالم الان يشهد «نقطة تحول تاريخية تدخل فيها العولمة مرحلة جديدة، وتعاد فيه صياغة الكتل السياسية والاقتصادية في كيانات متعددة الاقطاب».
وإلى جانب هذه الرؤى التي طرحها بعض المشاركين، كان رأي الاستاذ الجامعي في علوم الادارة سيدني فينكليشتاين ييقول: في النهاية لن تسفر المباحثات الاكثر نجاحاً في منتدى دافوس الا عن صفقات كبيرة تصب في مصلحة اطرافها.
ولكن اذا اتخذت هذه الصفقات منحى عالمياً، كتلك التي تُعنى بالتغير المناخي، فستطغى عليها فرضية وجود تلاعب واحتيال. الا ان تلك الصفقات التي تُسوّق علي انها «حلول» تشوبها نقيصتان، اولاهما ان هذه الصفقات معقدة، بحيث يتعذر فهم ما يترتب عليها من آثار لم تكن في الحسبان، وثانيهما انها لن تُنفذ بنجاح الا بوجود درجة من الثقة بين الاطراف، وفي الواقع اصبحت هذه الثقة معدومة!