الشيعة العرب يدفعون فاتورة الخمينية/سعيد الحمد – البحرين

4302
هذه هي الحقيقة الصادمة لكنها واقعية ويعيش الشيعة العرب تفاصيلها اليومية خارج حدود ايران، وإذا كانوا لا يملكون لأسباب مفهومة القدرة على الاحتجاج العلني لكنهم في النهاية سيحتجون وسينتفضون على سطوة الخمينية والمشروع الخميني الذي خطف تمثيلهم خطفًا لخدمة مصالحه دون ان يفوضه الشيعة العرب وفرض عليهم قسرًا هذا «التمثيل» المزعوم، وان استطاع اغواء تيارات راديكالية منهم لكنه كمشروع لا يستطيع اطلاقًا الادعاء «بتمثل الشيعة العرب» ولا الشيعة عمومًا كما يرفع في خطاباته وتحركاته وكما يقول دبلوماسيوه.

والخطورة في هذه الاشكالية الملتبسة أنها أخذت بفعل فاعل ايراني معمم صيغة وصبغة «دينية» مؤطرة بإطار مذهبي مطأفن، فشاعت عبارة «تكليف شرعي» لاقناع الشيعة العرب المترددين والواقفين على الهوامش بأن يكونوا أدواتٍ لخدمة المشروع وإن لم يفعلوا فلا أقل من أن يصمتوا صمتًا مطبقًا لا يعبّرون فيه عن موقفهم ولا حتى يطرحون اسئلة قد تثير نزعة التفكير والمساءلة والمراجعة بعقل حرٍ وارادة مستقلة في مسألة سياسية عن فيتو «التكيلف الشرعي» المتغطي بغطاء «ديني» طائفي ومذهبي يعتبر السؤال عن مدى صحته هرطقةً وخروجًا عن الطاعة.

والمشروع الخميني عندما أصبح قابلاً للتصدير تحت شعار «تصدير الثورة» غداة وصول خميني الى سدة الحكم هناك كان يستهدف قبل اربعة عقود توريط الشيعة العرب وتحديدًا في دول الجوار في مشروعه بحيث يتم الزج باسمهم وبمذهبهم وبطائفتهم في لعبة جهنمية خمينية يصبحون جزءًا منها قسرًا وقهرًا وخطفًا حين وضع يده على المذهب بكامله وهمّش المراجع الشيعية الأخرى واقصاها بل وأنهاها من الوجود ليبقى وحده كمشروع سياسي خالص ممثلاً وحيدًا للطائفة وللمذهب وله في ذلك القول الفصل، وهي لعبة كانت ضد الشيعة وضد الطائفة الشيعية والجعفرية التي عرفت طوال تاريخها بتعدد مرجعياتها وتباين هذه المرجعيات وحتى اختلافها ما أتاح مساحة واسعة «للشيعي» ان يختار وان يتعدد بتلاوين مختلفة صادرها قسرًا وبالقوة المشروع الخميني الذي فرض نفسه فرضًا حتى يتمكن من تحديد خياراتهم ورسمها دون احتجاج يذكر وحتى دون اعتراض او امتعاض.

بل إن كبار المراجع الشيعية والايرانية تعرضوا لا قسى اشكال الاقصاء والالغاء حدّ القهر وحدّ الموت والوفاة بالحسرة كما حدث مع المرجع منتظري ومن قبله شريعة مداري وكذلك طالقاني ناهيك عن عشرات المراجع والمجتهدين الذين كانت لهم تحفظات على المشروع الخميني لاقوا نفس المصير.
ومقابل ذلك تمَّ تصعيد عمامات راديكالية منضوية تحت المشروع الخميني لتغدو «مرجعيات» تمثل المشروع وتم تعميدها وكيلةً سياسية له في المنطقة بل إن ألقاباً حوزوية تم توزيعها بالمجان ودون تحصيل علمي حوزوي فأصبحت «آيات الله» هكذا التحصن باللقب الموهوب لها ويكون لأوامرها وقع في الوجدان الشيعي العربي المقموع من المشروع الخميني عن التعبير عن نفسه وعن مواقفه والاعلان عن ذلك.

وبالنتيجة الطبيعية لهكذا مشروعٍ تسلطي فوقي يدفع الشيعي العربي الثمن كبيرًا قد يبدأ بدفع حياته أمرًا لا اقتناعاً ولن ينتهي بخسران مستقبله ومستقبل أبنائه وأهله واخوته وعائلته، وهو في كل ذلك غير مقتنع لكنه في النهاية لا يستطيع الاحتجاج او الرفض.
والحالة الشيعية العربية تحديدًا ليست في مأزق ولكنها في خطر ما حق بسبب هذا المشروع الخميني الذي يجرها جرًا خارج هويتها وخارج ارادتها وخارج محيطها العربي لخدمة مشروعه، ولا يهمه ان تكون كبش فداء لمصالحه، ومصالحه فقط.
فهل ينتفض الشيعة العرب على مشروع الخمينية؟؟

نقلاً عن الأيام