تظاهر آلاف المواطنين العرب على شاطئ نهر كارون في مدينة الأهواز، بعد ظهر اليوم الخميس، احتجاجا على قرار الحكومة الإيرانية بحرف مياه النهر إلى محافظة أصفهان، ما يفاقم الوضع البيئي المتدهور أصلا في إقليم الأهواز الذي يؤمن 90% من النفط الإيراني بينما يعيش سكانه أوضاعا معيشية وصحية صعبة للغاية، بحسب منظمات حقوقية.
وأكدت مصادر محلية لـ”العربية.نت” أنه بالإضافة إلى توافد حوالي 4000 مواطن، حضر التجمع العشرات من ناشطي البيئة وشخصيات سياسية، على رأسهم جاسم التميمي مندوب الأهواز السابق في البرلمان الإيراني والذي يحظى بشعبية واسعة لدى عرب الإقليم بسبب مواقفه الحازمة ومطالبته بحقوق الشعب العربي الأهوازي، وقد خضع لسنوات للإقامة الجبرية في طهران، وتم منعه من النشاط السياسي في الأهواز.
جاسم التميمي مندوب الأهواز السابق (الثالث من اليمين)
ورفع المتظاهرون لافتات بثلاث لغات، العربية الفارسية والانجليزية، تطالب بوقف نقل مياه نهر كارون وحل مشكلة العواصف الترابية والتلوث البيئي الناتج عن التصحر وحرف مياه الأنهر وتجفيف الأهوار (المستنقعات) بهدف استخراج النفط.
وتظهر الصور التي وصلت لـ”العربية.نت”، لافتات تطالب منظمة الأمم المتحدة بالتدخل وتحمُّل مسؤولياتها لوقف الكارثة البيئية وانتهاكات حقوق الإنسان في الأهواز.
حضور مميز للنساء العربيات في الوقفة الاحتجاجية
وثيقة حكومية سرية
وكانت منظمة حقوق الإنسان الأهوازية قد نشرت قبل يومين وثيقة سرية مسربة من الحكومة الإيرانية تفيد بأن حكومة حسن روحاني أصدرت قرارا للوزارات المعنية بتنفيذ مشاريع نقل المياه وتخصيص الميزانية اللازمة لها من خلال إكمال مشاريع حفر انفاق “كوهرنك 3″ و”بهشت أباد” لغرض حرف مياه نهر كارون من الأهواز إلى أصفهان.
وحملت الوثيقة توقيع سكرتير مجلس الوزراء محسن حاج ميرزايي، وتضمنت أوامر وتعليمات للوزارات المعنية، وهي وزارات الطاقة والزراعة والصناعة والتجارة والمعادن وأيضا رئيس البنك المركزي ورئيس منظمة التخطيط والميزانية لتخصيص الميزانية اللازمة لمشاريع نقل مياه كارون.
تهجير العرب
وبحسب المنظمة، كل عام يهاجر عشرات الآلاف من سكان القرى والبلدات، خاصة الفلاحين، من المنطقة حيث حرمت مئات آلاف الهكتارات من الأراضي الزراعية من مياه الري، كما تصحرت مساحات واسعة منها. كما أن العواصف الترابية والذرات المعلقة بالهواء تسببت بارتفاع نسبة الأمراض التنفسية خاصة لدى الأطفال وكبار السن.
وأكدت منظمة حقوق الإنسان الأهوازية أنه مع إصرار الحكومة على تنفيذ مشروع نقل مياه كارون، تعالت حتى أصوات بعض المسؤولين المحسوبين على قيادة النظام، مثل محسن حيدري مندوب الأهواز في مجلس خبراء القيادة الذي عارض في عدة خطب هذا المشروع، مهاجما قرار حكومة روحاني الأخير.
كما قام نواب الأهواز (خوزستان) بمجلس الشورى (البرلمان) بالاحتجاج على الرئيس حسن روحاني في جلسة البرلمان يوم السبت 4 ديسمبر/كانون الثاني الماضي، وطالبوه بوقف مشروع حرف مياه كارون.
تحرك دولي
وتأتي احتجاجات المواطنين العرب في الداخل مع تحركات على المستوى الدولي تقوم بها جهات أهوازية، حيث عقدت الثلاثاء 6 ديسمبر/كانون الثاني ندوة تحت عنوان “الأهواز- إيران- أكبر كارثة بيئية في الشرق الأوسط” في البرلمان البريطاني برعاية وحضور نواب وممثلين عن حزب الخضر البريطاني، ونظمتها كل من “منظمة حقوق الإنسان الأهوازية” و”جمعية الصداقة الأهوازية – البريطانية”.
وناقش الحضور الأزمة البيئية في الأهواز، حيث أكد عدد من الخبراء في الندوة أن الكارثة البيئية في الإقليم تسببت بتجفيف الأنهر والأهوار، وذلك بسبب سياسات الحكومة الإيرانية التي تعمدت منذ عقدين تدمير البيئة من خلال حرف مياه الأنهر والتصحر، حيث أصبحت الزراعة مهددة بالانقراض في حين كانت الأهواز قبل الحرب العراقية الإيرانية من أكثر المناطق المنتجة للمحاصيل الزراعية في الشرق الأوسط.
وتحدثت في الندوة النائبة في مجلس اللوردات البريطاني ورئيسة حزب الخضر، جيني جونز، وقالت إن “شركات النفط العالمية تتوافد إلى منطقة الأهواز الغنية بالنفط لتأمين العقود في ظل الشروط الجديدة التي تقدمها الحكومة الإيرانية، في حين أن هذه المنطقة تعاني بالفعل من أزمة بيئية، بسبب الخطوات التي تقوم بها الحكومة الإيرانية، من بينها بناء السدود على أكبر الأنهار في الإقليم مثل كارون والكرخة وتحويل المياه إلى المحافظات التي تفضلها النخبة الحاكمة، والنتيجة هي التصحر في واحدة من أكبر المناطق الزراعية الرئيسية في إيران”.
نقلا عن العربیه