إيران والابتزاز النووي للغرب/محمد السلمي

4173
بعد انتخاب ترامب بدأت إيران تشعر أن الأمور في الولايات المتحدة تسير عكس رغبتها، وأن الآمال التي عقدتها على أداء الإدارة الأميركية السابقة بدأت تتبخر

في تصريحات آنفة له، قال رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية علي أكبر صالحي، إن إيران مستعدة لجميع الاحتمالات في حالة خرق الولايات المتحدة الأميركية للاتفاق النووي، مضيفا أن “لجنة الإشراف على الاتفاق النووي عقدت اجتماعا وبحثت هذا الأمر بإسهاب، ودرست موقف إيران في حالة تمديد الحظر أو الموافقة عليه”، وأضاف صالحي أن فريق التفاوض الإيراني خلال مفاوضات الملف النووي وضع هذه النقطة في الاعتبار، لعدم ثقتهم بالدول الغربية، لكن هذا الأمر لم يكن ممكنا طرحه علنيا.
وأردف صالحي تصريحه بأن “المرشد الإيراني طرح هذا الموضوع عدة مرات، ولحسن الحظ اتُّخِذت إجراءات تمكننا خلال 18 شهرا من الوصول إلى مستوى جيد من القدرة على تخصيب اليورانيوم”، ثم أعرب عن أمله الشديد في “المضي بالاتفاق النووي قدما، وعدم حدوث تطورات تجبر إيران على رَدّ فعل، وفي حال انتهاك الاتفاق النووي فإن الطرف الخاسر سيكون الغرب”. ينتهي هنا تصريح علي أكبر صالحي، ليبدأ تحليل وتفسير موقف طهران وسياستها حول الاتفاق.
الواضح والمفهوم من هذا تصريح كهذا، أن إيران أصبحت تستخدم الاتفاق النووي أداة للضغط على الحكومة الأميركية، هذا الاتفاق الذي كانت الإدارة الأميركية تقاتل من أجل تسجيله بصفته “إنجازا” باسمها، قبل مغادرة البيت الأبيض.
ما من شك في أن النظام الإيراني كانت لديه رغبة كبيرة في أن يصل إلى هذا الاتفاق، بسبب ما يعلمه الجميع من الصعوبات الاقتصادية والعزلة السياسية التي كان يعاني منها خلال العقدين الماضيين بسبب العقوبات الاقتصادية التي طبقت على إيران. والآن بعد انتخاب دونالد ترامب بدأت إيران تشعر بأن الأمور في الولايات المتحدة الأميركية أصبحت تسير عكس رغبتها، وأن الآمال التي عقدتها على أداء الإدارة الأميركية السابقة بدأت تتبخر كأنها لم تكُن، لا سيما أن ترامب قد اختار شخصيات عُرف عنها تصريحاتها النارية ضد النظام الإيراني ونشاطه في المنطقة، بالإضافة إلى عدم رضا تلك الشخصيات عن الطريقة التي تعاملت بها إدارة أوباما مع طهران طوال فترة رئاسة أوباما.
نضيف إلى ذلك أنه منذ بدأ الحديث في واشنطن عن التجارب التي أجراها -وما زال يُجريها- الحرس الثوري الإيراني على الصواريخ الباليستية، وبأنها خرق صريح للاتفاق النووي، فإن طهران تؤكد أن ذلك لا يُعَدّ خرقا للاتفاق، وينبغي للدول الغربية ألا تُفسد الاتفاق بأن تخلط القضايا بعضها ببعض. أيضا، ما زالت طهران تتحدث عن أنها ستستأنف نشاطها النووي وتعجل به إذا أقدمت القوى الغربية على خرق الاتفاق النووي، خصوصا إذا ما فُرضت عليها عقوبات جديدة.
للنظام الإيراني أسلوب دائم وطريقة معروفة في اللعب على المتناقضات، ومن هذا الأسلوب يدرك أن هذا السلوك من طهران كان متوقعا وغير مفاجئ، فالنظام الإيراني لا يستطيع الالتزام بتعهداته، ودائما ما يبحث عن مخرج ليعود إلى ممارسة هوايته. وعلى هذا الأساس فإن أي دولة أو منظمة تتوقع أنها ستنجح في ترويض نظام ولاية الفقيه عبر تقوية جناح ما يسمى بـ”المعتدلين” على حساب “الأصوليين”، تقع في خطأ كبير، لأن الواقع المؤلم الذي ينبغي أن تدركه القوى الغربية في هذا الصدد هو أن هذا النظام يخادع المجتمع الدولي عن طريق ارتداء هذه الأقنعة المختلفة، في حين أن الوجه الحقيقي واحد، فلا فرق بين أحمدي نجاد وروحاني، ولا بين قاسم سليماني ومهدي كروبي، إلخ، فجميعهم يؤمنون بنظام ولاية الفقيه، وجميعهم يخضعون لتوجيهات المرشد الأعلى، وجميعهم لا خيار أمام أي منهم غير ذلك، خاصة عند الحديث عن السياسة الخارجية والأمن القومي الإيراني.
إن التعامل الغربي الناعم، والمداراة المبالغ فيها، يزيدان جشع النظام الإيراني وجرأته. والأهم من ذلك أن تصريحات علي أكبر صالحي هذه، تؤكد طموح إيران إلى الحصول على السلاح النووي، لا تنفيذ برنامج سلمي كما تزعم. من هذا المنطلق، ينتظر العالم من الإدارة الأميركية صرامة كبيرة تجاه إيران، ودقة شديدة وحرصا أشد بخصوص التزام إيران ببنود الاتفاق النووي، في ظل ما تقترفه طهران من خرق متكرر للاتفاق، سواء من ناحية زيادة كميات اليورانيوم على المسموح به، أو زيادة مخزونها من المياه الثقيلة، أو تفكيك أجهزة الطرد المركزية.

نقلا عن ایلاف