ولاية الفقيه سبب الإرهاب والفتن في العالم – نادية الفواز

في تعليقه على التقرير السنوي لوزارة الخارجية الأمريكية عن أوضاع الإرهاب والجماعات المسلحة في مختلف أنحاء العالم في عام 2015، الذي أشار إلى أن إيران “أكبر راع للإرهاب في العالم”، حدد المحلل السياسي الدكتور إبراهيم العثيمين مشكلة إيران في فشل تحولها من الشرعية الثورية إلى الشرعية الدستورية، وبالتالي لم تلتزم ألا تتدخل في الشؤون الداخلية للدول، وتعسر التحول من ولاية الفقيه إلى ولاية الشعب، الذي سبب زرع الإرهاب والفتن في العالم، لا يختلف عن النظام البابوي في العصور الوسطى، والذي حول شيعة العالم “من يؤمن منهم بمبدأ ولاية الفقيه” إلى تنظيمات مسلحة وخلايا تجسس ومليشيات عسكرية وحركات يكون ولاؤهم للولي الفقيه على حساب وطنيتهم، وعول العثيمين على الأجيال المقبلة في إيران صانعة الثورة الخضراء في 2008.

3006

* الشرعية.. الثورية والدستورية

وأضاف العثيمين لـ “عين اليوم”: جوهر مشكلة إيران عميق يكمن في أمرين رئيسين: الأول تعسر التحول من الشرعية الثورية إلى الشرعية الدستورية، طهران لا تزال تتعامل كنظام ثوري لم يستطع التحول بعد إلى دولة طبيعية ملتزمة بما تلتزم به أي دولة من احترام للحدود الدولية، وألا تتدخل في الشؤون الداخلية للدول، وهذه الثورية حولت إلى نصوص دستورية، ونصت مقدمة الدستور الإيراني على “إن الدستور يعدّ الظروف لاستمراريّة الثورة داخل البلاد وخارجها، خصوصًا بالنسبة لتوسيع العلاقات الدولية مع سائر الحركات الإسلاميّة والشعبيّة، حيث يسعى إلى بناء الأمة الواحدة في العالم، ويعمل على مواصلة الجهاد لإنقاذ الشعوب المحرومة والمضطهدة في جميع أنحاء العالم”. وتأكيدًا لهذه الشرعية الثورية فقد سمى الدستور أعلى منصب في البلاد “القائد الأعلى للثورة الإسلامية”، ولم يسمّه “القائد الأعلى للجمهورية الإسلامية”. وبالتالي طهران ترى بموجب الدستور أن التدخل في الشؤون الداخلية للدول وزعزعة أمنها واستقرارها تحت غطاء إنقاذ الشعوب المحرومة والمضطهدة في جميع أنحاء العالم جزء من طبيعتها، ومن واجبها، والأساس الذي تستمد منه شرعيتها، وبالتالي نتج عن هذه الثورية استهانة إيران بسيادة الدول، وتجاهلها للاتفاقيات والأنظمة الدولية، وألا تتعاون مع المجتمع الدولي، والسير دائمًا في اتجاه المصادمة والدخول في مواجهات مع الدول، دون مراعاة لمعادلات الواقع الدولي.
* الطائفية أصبحت نصوصًا دستورية
ويتابع العثيمين: الأمر الثاني تعسر التحول من ولاية الفقيه إلى ولاية الشعب، ولاية الفقيه هي الغطاء الشرعي لاستمرارية الثورة، لا تختلف تمامًا عن النظام البابوي في العصور الوسطى الذي كان يتعامل مع البابا بوصفه ممثلًا للرب ووكيلًا عن المسيح. فوفقًا للدستور الإيراني تنص المادة الخامسة “في زمن غيبة الإمام المهدي تكون ولاية الأمر وإمامة الأمة في جمهورية إيران الإسلامية بيد الفقيه العادل المتقي البصير بأمور العصر؛ الشجاع القادر على الإدارة والتدبير” وفقًا للمادة 107، أيضًا فإن الفقيه “المرشد الأعلى للثورة الإسلامية” له الحق في قيادة الأمة “الشيعية” باعتبار أن الحاكم الشرعي الأصلي وهو المهدي غائب، كل شيعي على مستوى العالم يكون ولاؤه الأول والأخير للمرشد الأعلى للثورة الإسلامية، وبالتالي حولت إيران الطائفية إلى نصوص دستورية من خلال تحويل شيعة العالم “من يؤمن منهم بمبدأ ولاية الفقيه” إلى أجندة تحت ظل ولاية الفقيه، شكلت منهم تنظيمات مسلحة وخلايا تجسس، ومليشيات عسكرية، وحركات، يكون ولاؤهم للولي الفقيه على حساب وطنيتهم، وبالتالي لم تستطع إيران طوال الفترة الماضية تحويل دولة ولاية الفقيه، إلى دولة ذات أجندة وطنية بثقافة شيعية وطنية، بل كرست مبدأ الولاء لأحكام الولاية العامة للفقيه على حساب مبدأ الولاء للوطن.
* التعويل على الجيل القادم
واختتم العثيمين قائلًا: أعول كثيرًا على الجيل المقبل في إيران، الذي تخلى عن الفكر الثوري، وتجاوز مفاهيم الثورة، وعندهم إيمان ووعي حقيقي بالفكرة الوطنية ومفهوم الدولة، ولقد كانت احتجاجات الانتخابات الرئاسية الإيرانية، والتي تسمى أيضًا بالثورة الخضراء في 2008 مؤشرًا حقيقيًا لهذا التحول الثقافي والسياسي لدى الجيل المقبل، الذي يتطلع إلى تنمية حقيقية على كل المستويات الاقتصادية، والسياسية، والثقافية، وإلى علاقات طبيعية مع العالم، وبالتالي لا بد من مد جسور من التفاهم والتواصل معهم، وإشراكهم في الندوات، والنشاطات، وتخصيص بعض اللقاءات للحوار معهم.
وكان التقرير السنوي لوزارة الخارجية الأمريكية عن أوضاع الإرهاب، والجماعات المسلحة في مختلف أنحاء العالم في عام 2015، قد أكد أن إيران “أكبر راعٍ للإرهاب في العالم”، بسبب “تدخلات طهران ودعمها للعنف والإرهاب في سوريا والعراق، وزعزعة الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط”، و”دعمها أعمال عنف المعارضة البحرينية، وللجماعات المتطرفة كحزب الله اللبناني، وزعزعة الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، من خلال فيلق القدس التابع للحرس الثوري”.
وسبق لوزارة الخارجية السعودية أن نشرت بيانًا مفصلًا يوثق – بعشرات الأدلة – دعم إيران للإرهاب في المنطقة والعالم، منذ ثورة الخميني 1979 المعتمدة مبدأ تصدير الثورة ونشر الفتن والقلاقل والاضطرابات في دول المنطقة، بهدف زعزعة أمنها واستقرارها، والضرب بعرض الحائط بكل القوانين والاتفاقات والمعاهدات الدولية، والمبادئ الأخلاقية.