نعم نحن في مواجهة غير متكافئة، مواجهة بين عصابات تقودها وتمولها وتدربها وتزرعها إيران في المنطقة العربية لأهداف فاقت أهداف إسرائيل الاستعمارية لتتحول إلى هلال شيعي يبدأ في إيران ولا يبدو أنه يكتمل في لبنان!
هذا الهلال الشيعي الذي تربص بدولنا العربية، والمؤسسات التي حاولت في كل الأوقات أن تعمل بهدوء وتتعاطى مع الإرهاب الإيراني بالحكمة والدبلوماسية، بعيداً عن التشنجات الطائفية والكيدية، ما جعلنا فعلاً في مواجهة غير متكافئة، فهذه المواجهة بين جهات تسعى جاهدة إلى فرض الهدوء والأمن والاستقرار داخل المجتمعات العربية والإسلامية، وبين جهة تسعى إلى إشعال نار الفتنة الطائفية والتقسيم!
لو افترضنا قيام السعودية بدعم التنظيمات الإرهابية كالقاعدة، وتبنيها ودعمها بالمال والسلاح، وتوجيهها لضرب الداخل الإيراني ومصالح طهران في العالم، فهل كانت إيران تجرؤ على التمادي في توسعها الطائفي في العراق وسوريا ولبنان واليمن والبحرين؟ لقد كان للمملكة العربية السعودية الدور الأبرز في محاربة الإرهاب ومنع انتشاره والقضاء على مخططاته في السعودية وعدد من الدول، ورفضت المملكة إعطاء الشرعية لأي فصيل إرهابي حتى من باب الكيدية مع إيران، فقابلتها إيران بمزيد من التعنت والتآمر والتمادي في دعم مجموعة إرهابية، كان أولها حزب الله، وتلاها الحشد الشعبي في العراق، ووصل هذا الدعم لمجموعات طائفية في البحرين، وبعدها الحوثي في اليمن، والذي نفذ انقلاباً على السلطة هناك تنفيذاً لأوامر إيرانية صريحة، ودعم عسكري إيراني غير محدود بالسلاح والمال والمستشارين العسكريين، ليعلن حيدر مصلحي وهو وزير الاستخبارات الإيراني السابق في حكومة أحمدي نجاد أن جمهوريته باتت تسيطر على أربع عواصم عربية، هي بغداد وصنعاء وبيروت ودمشق.
نعم يعود الفضل للسعودية ودبلوماسيتها التي احتوت تمادي إيران لسنوات، حتى وصلت هذه الأيادي الخبيثة إلى البحرين واليمن، فكان لا بد للمملكة من القيام بتحرك عسكري يذكر طهران وقادتها أن في السعودية قيادة بحجم حكمتها وصبرها، فهي مستعدة أيضاً للمواجهة والدفاع عن أرضها وأراضي العرب والمسلمين، وأن حلم الخميني باحتلال العواصم واحدة تلو الأخرى وتصدير ثورته الطائفية إليها لن يتم في عهد سلمان بن عبد العزيز والقيادة السعودية الحاكمة والمتزنة!
من هنا نجد أن الخطط الإيرانية لم تأخذ بعين الاعتبار هدوء السعودية في التعاطي معها، واعتبارها جمهورية إسلامية، يجب عدم إذكاء الفتنة الطائفية بيننا وبينها، بل اعتبرت أن هدوء وحكمة السعودية ضعف إلى أن أعلن خادم الحرمين الشريفين انطلاق عاصفة الحزم لاسترداد الشرعية في اليمن، وإنهاء حالة التمرد والانقلاب هناك، والتأكيد على أهمية استقرار أمن مملكة البحرين ومحاربة الإرهاب فيها، ومعاقبة حزب الله في لبنان عبر وقف كافة الدعم السعودي للجمهورية اللبنانية، عسكرياً بسبب سياسات الحكومة وتبعية حزب الله لمشروع إيران الطائفي، وسعيه إلى مساندة الحوثي في اليمن ونظام الأسد في قتل الشعب السوري وتحريضه الدائم على السعودية ودول الخليج العربي.
من يراقب الأحداث الجارية في منطقة الشرق الأوسط وكيفية إدارة السعودية لهذه الأزمات من مصر إلى البحرين مروراً بباقي الدول العربية، يدرك تماماً أنه لولا حكمة وهدوء القيادة السعودية، وسعيها لوأد الفتنة الطائفية لكانت المنطقة تشهد اليوم حرباً هي الأضخم منذ الحرب العالمية الثانية تتسبب بقتل المسلمين لبعضهم بعضاً، وهذا ما تتجنبه المملكة وتعمل جاهدة على عدم الخوض به والقضاء على أي آمال بالوصول إلى هذه المرحلة!