هي المحامية وداعية الحقوق الحائزة على جائزة نوبل، وهي التي خاصمها نظام الملالي وتغول في خصومته لها فزج بها في سجونه دون ذنب بعد ان طاردها وضيق عليها رزقها سنوات جرت فيها محاولات اغتيالها وتصفيتها، وقتل غدرا الشقيق الأصغر لزوجها وهمشت المرأة الحائزة على نوبل، فهربت لتنجو من النهاية المحتومة.
أما اللغز فهو لغز اختفاء الامام موسى الصدر كما يقلبه أنصاره ومريدوه الذين فجعوا باختفائه الغامض أثناء زيارة له لليبيا التي كانت ايامها تعيش شهر عسل مع نظام خميني وتزوده بالأموال والاسلحة.
وما أثار الاستغراب ان أسرة الصدر التي تربطها أو هكذا يفترض علاقات طيبة مع نظام الملالي لجأت الى شيرين عبادي في أمريكا لتطلب منها بوصفها محامية وايرانية المساعدة القانونية في اماطة اللثام عن اختفاء الصدر رغم علم العائلة بأن هذه السيدة من أشد المعارضين للنظام، فهل نفضت الاسرة يدها من النظام الذي كان الأقرب اليها وبدأت تطرق أبواب معارضيه لإحراجه ولكشف الحقائق المذهلة عن الدور الذي لعبه نظام خميني في اختفائه أو في «تغييب الصدر» كما يعبر مناصروه ومؤيدوه.
أسرة الصدر كشفت عن رفض وزارة الخارجية الايرانية طلب فتح ملفات القضية «قضية الاختفاء» بعد سقوط نظام القذافي وقبل سقوطه، فلماذا؟؟!!
شخصية جديدة أشد غموضا ظهرت في أوراق بحث المحامية شيرين هي شخصية «بهشتي»، ومحمد بهشتي كان اليد اليمني لخميني وقد اغتيل في تفجير مكتبه في يونيو 1982 وكان أول رئيس للسلطة القضائية ورئيس مجلس خبراء القيادة ورئيس مجلس الثورة، وكان مقررا أن يكون الرقم الصعب بين الأرقام الايرانية المحيطة بخميني، «فتعشى به خصومه قبل أن يتغدى بهم».
من الاشارات التي سربتها شيرين عبادي بوصفها المحامية التي لجأت إليها أسرة الصدر ان «بهشتي اتصل بالقذافي وطلب منه باسم خميني تصفية موسى الصدر» وهكذا كان ان تمت تصفيته وطوي ملفه.
والأغرب ان بهشتي هو الآخر تمت تصفيته وطوي ملفه بعد تصفية الصدر بثلاث سنين، فمن هو اللاعب بكاتم الصوت في التصفية الغامضة؟؟
بعض المعلومات المتسربة من ملف الصدر الجديد وبحسب مصادر ألمانية ان الصدر كان يحمل مشروعا تتعايش فيه العمامة المعتدلة مع نظام ملكي ايراني يكون بديلا لنظام العمامات الثيوقراطية الولائية بشكل متطرف، وكان يسعى حثيثا لانجاز مشروعه معتمدا على ما يتمتع به من سمعة ومن تاريخ ومن فكر يفوق ما يتمتع به خميني ويحظى «الصدر» بتأييد قطاع واسع من الشيعة الايرانيين والعراقيين واللبنانيين بما بشكل معه منافسا قويا لخميني.
ولان غلطة الشاطر بألف يقول استاذ جامعي ايطالي فإن اختيار الصدر لطرابلس محطة من محطات مشروعه فقد وقع في الفخ وكانت طرابلس محطته الأخيرة والنهائية، ونطرح هنا سؤالا لماذا استجاب القذافي بهذه السرعة وبلا تردد للرغبة الايرانية في تصفية الصدر ولم يحتجزه على الاقل يجعل من احتجازه ورقة مساومة مع نظام خميني في حال قلب للقذافي ظهر المجن؟؟
حزب الله اللبناني لم يكن بعيدا هو الآخر عن الصفقة الغامضة وأراد ان يلعب لصالح تمويل الحزب بالمال والسلاح من القذافي قبل سقوطه من خلال شعار «شيلني واشيلك» فتقدم بمشروعه للقذافي وكادت الصفقة أن تتم لولا تدخل عائلة الصدر وبقوة وتهديدها الاقوى بفضح الصفقة فآثر حزب الله الانسحاب بهدوء.
هل ضاع دم موسى الصدر بين قبائل التشيع الثيوقراطي صاحبة مشروع التشيع السياسي المتطرف فابتعدت الاطراف الشيعية السياسية الاخرى عن الاقتراب من ملف الاختفاء الغامض مثلما ابتعدت حركة أمل خوفا من أن الاختفاء الغامض وخشية من أن تلاقي مصير مؤسسها؟؟ ربما.. وربما.. فالأسئلة تزداد غموضا كقضية صاحبها الذي اختفى وما زال اختفاؤه لغزا.