فرصة تلو الأخرى تضيع من بين أيدي الحوثيين والانقلابيين، كان في مقدورهم الاستفادة من نوافذ الفرص التي تفتحها أمامهم، ولكنهم بخفة وسفَه فرّطوا في كل ذلك بسذاجتهم وخروقاتهم للهدن وبالتمادي الآثم في القصف بالصواريخ على المدنيين العزل، وفرض الحصار الجائر على أبناء الشعب اليمني الكريم.
ولكن، ماذا بعد أيها الانقلابيون؟ ربما يظن البعض أن الفرص التي تمنحها الحكومة الشرعية في اليمن للانقلابيين بوقف إطلاق النار علامة ضعف أو تراجع، ولكن لا هذا ولا ذاك هو الدافع، وإنما سبب ذلك هو السعي لتوصيل المساعدات والمواد الأساسية اللازمة للشعب اليمني، ولمد يد المساعدة للمدنيين الذين تجرعوا مرارة الحرب بسبب ثلة متمردة فاسدة، قدمت المصالح المذهبية بعنصريتها وعنجهيتها على المصلحة الوطنية، وعلى سلامة البلاد بأكملها.
والحوثيون لا عهد لهم، ولا يراعون إلاً ولا ذمة، فهم في كل يوم يغدرون، وينكثون الوعود والعهود، وفي ذات الوقت يخسرون ويتراجعون عما كانوا عليه، ويلجؤون إلى الأساليب القذرة في الاستئساد على المدنيين اليمنيين العزل، من خلال التعذيب والقهر والخطف للشباب الذين يخالفونهم من داخل المناطق التي ما زالوا يسيطرون عليها.
وثمة عشرات الشباب الذين يتعرضون للخطف والتعذيب على أيدي الحوثيين بسبب موالاتهم للحكومة الشرعية، وسعيهم لاستنقاذ بلدهم من ويلات الحرب والدمار التي فرضها عليهم انقلاب وتمرد الحوثيين وحلفائهم المتآمرين.
كما انتهج الحوثيون أيضاً سياسة عدوانية مخالفة لكل قوانين الأرض وشرائع السماء بتعدّيهم على حقوق الأطفال اليمنيين بعد تجنيدهم للنساء لاختطاف أطفال من المدن والبلدات وإرسالهم إلى صعدة دون معرفة أهاليهم، حيث يقمن باختطاف الأطفال من منازلهم وإرسالهم إلى محافظة صعدة، لتدريبهم وتلقينهم النوع الحوثي من المذهب «الاثنا عشري»، وإعدادهم بعد ذلك للقتال في صفوف الانقلابيين وأعوانهم من المرتزقة والمتآمرين الذين يسعون بالخراب والفساد في الجزء الذي يحتلونه من البلاد.
ويتم إخفاء أولئك الأطفال في مساكن جماعية أعدت لإيواء المختطفين، ويتعرضون داخلها لعملية غسيل مخ لإقناعهم بالمذهب قبل إرسالهم إلى جبهات القتال في عدد من المحافظات. وثمة حوادث اختفاء لعشرات الأطفال ما فتئت تتكرر، وتم العثور على عدد منهم ضمن قتلى الميليشيات الحوثية في جبهات القتال، فيما لا يزال العشرات الآخرون منهم في عداد المفقودين حتى اليوم.
وهنالك تقارير صادرة عن الأمم المتحدة وصفت تجنيد الأطفال في اليمن ب«وصمة العار»، في وقت وثقت فيه التقارير الميدانية، وأجهزة المقاومة الشعبية تجنيداً ممنهجاً للأطفال في مختلف المحافظات اليمنية من جانب الميليشيات الحوثية وأنصار المخلوع علي عبدالله صالح.
وسُجلت حالات لأكثر من 700 طفل شاركوا في العمليات الحربية والعسكرية تتراوح أعمارهم ما بين تسعة إلى 17 عاماً، والأغلبية منهم تم اختطافهم. وتشير الإحصائيات إلى أن هناك أكثر من مليوني طفل يمني لا يمكنهم الذهاب إلى المدرسة، و1,3 مليون طفل مصاب بسوء التغذية وفقاً لتقارير صادرة من اليونيسيف.
إن الميليشيات الانقلابية تريد استغلال حالة الحرب وتطويل زمنها، وقد أثبتت عملياً ذلك بالمماطلة والتهرب من الإذعان لمقررات الشرعية اليمنية والدولية كافة، وقد ظهر هذا جلياً من السلوك التفاوضي الرديء الذي اتبعه الحوثيون خلال مفاوضات الكويت للسلام، وأكدت هذه الميليشيات بالدليل القاطع أنها ليست سوى جماعة إرهابية تفكر بمنطق العصابات وقطّاع الطرق، الذين يريدون ارتهان المدنيين العزل لابتزاز واستفزاز الشرعية اليمنية والدولية معاً. وكل هذا يؤكد إفلاسهم السياسي، واستهتارهم بدماء الشعب اليمني، وتقديمهم زمام أمورهم وقراراتهم برمتها للإيرانيين.
نقلا عن العربیه